الشعر الشعبي أرخ لجزء هام من تاريخنا و أوصل الأغنية الجزائرية إلى العالمية
أكد رئيس الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي، الشاعر توفيق ومان بأن الشعر الشعبي ساهم بشكل كبير في رواج الأغاني الجزائرية وأوصلها إلى العالمية، من خلال تميزه عن الشعر الفصيح و بلاغته الطاغية التي صنعت نجاح أغان شهيرة للشاب مامي و الشاب خالد على غرار «بختة» و «زعزع خاطري» و أغان أخرى، فضلا عن أن القصائد الشعبية التي نظمها فحول الشعر الشعبي الجزائري أرخت لمعارك تحريرية هامة، كمعركة الزعاطشة التي وصفها بدقة الشاعر سيدي لخضر بن خلوف في قصيدة «عياش».
 رئيس الرابطة العربية للشعراء و حفظة الموروث، توفيق ومان، أوضح بأن الشعر الشعبي سمح للأغنية الجزائرية بتوسيع نطاق جمهورها، كما ساهم في التعريف باللهجة المحلية، مستشهدا في ذلك بأداء فنانين كبار لأغان شعبية جزائرية ، أمثال لطفي بوشناق الذي كتب له أغنية «لي صورتك نجمة»، و الفنان عاصي الحلاني الذي ألف له أغنية «يا بلدي»، فضلا عن عبدو درياسة و  فؤاد ومان و آخرين، مشيرا إلى أن 90 في المائة من الأغاني الجزائرية الناجحة كلماتها من الشعر الشعبي، بينما تعد كلمات أغاني الراي الحالية مشكلة الفن،حسبه.
من جهة ثانية ،يرى الشاعر بأن الشعر الشعبي يتعدى كونه مجرد مادة ثقافية جامدة، لأنه يعتبر مرجعية تاريخية هامة  يعتمد عليها الأكاديميون و الباحثون في معاهد التاريخ بالجامعات ،لمعرفة تفاصيل بعض الأحداث ،و كأرشيف يؤرخ لحقب زمنية معينة، إذا ما علمنا أن القصيدة الشعبية ضاربة في عمق التراث الوطني و تعود إلى حقبة الاحتلال الاسباني لسواحل الجزائر، مع ذلك لا يزال الاهتمام به ضعيفا، إذ لا يتعدى حجم استغلالنا للموروث الشعبي 5  بالمائة مما هو متوفر،حسبه.
 و يرجع السبب في ذلك ،كما أكد في اتصال بالنصر،إلى ضيق أفق بعض القائمين على قطاع الثقافة، ممن ينظرون إلى الشعر الشعبي بعين الاستصغار، مقارنة بالشعر الفصيح، كما حمل مسؤولية نقص البحث و غياب عمل توثيقي حقيقي لهذا الموروث، إلى مخبر أطلس للثقافة الشعبية، معتبرا بأنه مقصر في أداء المهمة التي أسندت إليه، وضحت الدولة لفائدة إنجاحها بملايير الدنانير، و المنح الدراسية الموجهة للطلبة الباحثين في هذا المجال، مؤكدا بأن ما أنجزه المخبر لا يتعدى إلى غاية الآن 1 في المائة، مما هو مطلوب منه، وهو عطاء شحيح جدا ،مقارنة بما قدمته الجمعية الجزائرية للأدب الشعبي خلال ثلاث سنوات ، رغم محدودية إمكانياتها.
و عن واقع الشعر الشعبي في الوسط الثقافي الجزائري، أكد الشاعر توفيق ومان، بأنه يعرف أوج انتشاره و رقيه، حتى أن الأمسيات الشعرية الشعبية تنجح في ملأ القاعات عن آخرها، مقارنة بالشعر الفصيح الذي فقد مكانته لدى  عشاق القصيدة، بسبب إشكالية اللغة، مضيفا بأن جهود الجمعية الجزائرية للشعر الشعبي التي تأسست رسميا سنة 2013، بعدما كانت تنشط لأزيد من 12سنة تحت عباءة اتحاد الكتاب الجزائريين كرابطة، ساهمت بشكل كبير في ترقية الشعر الشعبي و إعادته إلى الواجهة الثقافية، حيث أسست له رابطة مغاربية، كما نجحت في افتكاك مقعد للجزائر بمديرية الأدب بالجامعة العربية، إضافة إلى تحصيل العديد من الجوائز كدرع الأردن، لتنتهي بتأسيس الملتقى العربي للشعر الشعبي الذي ستحتضن المكتبة الوطنية بالعاصمة طبعته الخامسة بداية من 28 نوفمبر القادم.
و يعد النجاح الذي حققته الجمعية في مسعاها لترقية الشعر الشعبي و الحفاظ عليه، وليد إيمان راسخ بماهيته كموروث ثقافي وطني، فضلا عن قناعة راسخة لدى محبيه بأهمية تحديثه ،كما أوضح الشاعر توفيق ومان، الذي قدم نفسه كمؤسس للمدرسة الحداثية في النص الشعبي، مشيرا إلى أن نصه يتمتع بالتجديد ولا ينسلخ بشكل تام عن الطابع الكلاسيكي، كما يتهمه البعض، بل يتميز عن النص التقليدي بكونه متحررا من اللغة المحلية الضيقة، ومعتمدا بشكل أكبر على العربية الثالثة أو ما يعرف بالدارجة المهذبة، على حد تعبيره.
حسب الشاعر، فإن اللغة الحديثة، حاجة فرضها التطور، و إلزامية التماشي مع معطيات العصر، ما يجعلها طريقا وحيدا يسمح للنص الشعبي الجزائري بالخروج من مجاله الجغرافي الضيق و الكينونة كنص ذي قيمة ومكانة على المستوى المغاربي و العربي، لأن العامية المهذبة أقرب إلى الفهم و أقدر على إيصال المعنى، إضافة إلى ذلك فإن المدرسة الحداثية، تقوم أيضا على التجديد في القالب و في التقنيات ،و إدخال أوزان جديدة، و اعتماد الرمز و الكثافة، بدلا من الإلقاء الصريح و المباشر.
نور الهدى طابي

الرجوع إلى الأعلى