عاد الحديث أمس في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمسرح، عن واقع الخشبة الجزائرية التي فقدت مكانتها و تراجع دورها في السنوات الأخيرة، بعدما أرهقتها العشرية السوداء و خلفت قطيعة بينها و بين جمهور لطالما عشق أعمال رجال صنعوا أمجاد الركح أمثال ولد عبد الرحمان كاكي، محي الدين بشتارزي، عبد القادر علولة، محمد بن قطاف، عز الدين مجوبي و آخرين، تركوا إرثا مسرحيا هاما عجز عن حمله جيل أتى بعدهم، فزاد الركح شحوبا لدرجة أن أبناء أبي الفنون، باتوا يصفون واقع المسرح الجزائري بالمريض و يرجعون علته لأسباب مختلفة، أبرزها ضعف التسيير و غياب النص .
نور الهدى طابي
عميد كلية الآداب و اللغات بجامعة سكيكدة الكاتب المسرحي أحسن تليلاني: أزمة المسرح ثقافية و سياسية و انعكاس لواقع عام
يصف الكاتب والناقد المسرحي، عميد كلية الآداب و اللغات بجامعة سكيكدة أحسن تليلاني، واقع المسرح الجزائري اليوم بأنه متخلف، مقارنة بما كان عليه سابقا بعد الاستقلال و حتى ثمانينات القرن الماضي، و هي فترة ذهبية في تاريخ الركح، ازدهر خلالها قبل أن تشوه العشرية جماله و توقعه في فخ العزلة، فما نشهده الآن، حسبه، تراجعا ملحوظا لخشبة كانت تعرف عربيا، بغزارة إنتاجها و نوعيته، فالمسرح الجزائري طالما كان مدرسة، لها جمهور كبير يحترمها لتأثيرها الاجتماعي ،التربوي، التوعوي الهام، فضلا عن الجانب الترفيهي المميز، أما اليوم فالرداءة، كما قال، جردت الخشبة من جمهورها، رغم مجانية العروض.و يرجع السبب وراء هذا العزوف إلى تراجع نوعية المنتوج المسرحي، فالعروض أصبحت هزيلة و رديئة تطغى عليها صفة الكم، مقابل ضعف المضمون تترجم من خلال ركاكة النصوص و ضعف الإخراج، وهي صورة لا تختلف كثيرا عن واقع الثقافة في بلادنا، التي تعاني أزمة حقيقية هي انعكاس لواجهة مجتمع و سياسة، مكنت الدخلاء من مصير الخشبة، من خلال تمويل منتجوهم الهش. ولم تعد تفرض رقابة على نوعية أعمالهم وهو ما شجع الرداءة و جعلنا نتراجع إلى الوراء، لاهثين خلف عروض فارغة من المحتوى تهريجية و ترفيهية، و نترك أمامنا مسرحا ناضجا، بناه عبد القادر علولة و كاتب ياسين، مسرحا مناضلا و مقاوما. و يختم الكاتب بالتأكيد على أن ما يعيشه المسرح الجزائري اليوم، لا يختلف كثيرا عما تعرفه خشبات مسارح مصر، تونس و العراق، لأن الوضع هو نتاج تحولات سياسية عالمية جردت الركح من رسالته و محتواه التوعوي و بعده الشعبي و الاجتماعي.
الممثل حكيم دكار: النخبوية خلقت القطيعة بين الجمهور و الخشبة
يعد الابتعاد عن معالجة القضايا الاجتماعية بعمق و ضعف الخلفية الفكرية و السياسية لبعض المسرحيين، من أسباب تراجع الأعمال المسرحية الجزائرية و خلق القطيعة بينها وبين الجمهور، كما عبر الفنان حكيم دكار، لأن المسرح استطاع في مرحلة معينة أن يكسب ثقة رواده، بفضل لغته البسيطة و قدرته على الخوض في تفاصيل حياتهم اليومية و معالجتها بكل بساطة.أما الآن، كما يرى الفنان، فالأعمال أصبحت تميل إما للسطحية و الترفيه، و إما للفلسفة و التكلف. قليلة هي الأعمال التي أنتجت خلال 10 أو 15 سنة الأخيرة التي استطاعت أن تحقق النجاح و الجماهيرية، رغم توفر شرط التمويل و تطور آليات الإخراج و الإبهار، مع ذلك يبقى البعد عن القضايا الاجتماعية الحساسة و الافتقار للذكاء في التعاطي معها و إبراز الجانب الإنساني للفرد سببا في عزلة المسرح.
كما يرى الفنان بأن الاقتباس أو إعادة الأعمال لا يعد خطأ، لكن الاعتماد على هذه المصادر وحدها يعتبر مشكلة، لأن المسرح هو انعكاس لصورة مجتمع له تقاليده و خصوصيته، لذلك فإن تكوين صلة مع الجمهور و كسب وفائه، يتطلبان إنتاج نصوص لائقة تتماشى مع طبيعة التفكير المحلي، شريطة أن تلم بجوانب هامة، أبرزها الثقافة و السياسة و معطيات الماضي و الحاضر.
المخرج المسرحي فوزي بن براهيم: تجار الفن أنتجوا الرداءة و خذلوا عشاق الركح
يرى المخرج فوزي بن إبراهيم، بأن الحديث عن تراجع مستوى المسرح الجزائري و تقهقره بسبب إنتاجات الشباب، أمر فيه الكثير من التحامل و المبالغة، لأن عشاق المسرح و الجيل الجديد من أبنائه يعملون جاهدين لإنتاج الأفضل و البروز من خلال المهرجانات و المناسبات، غير أن الإشكالية الحقيقية تكمن في ضعف التسيير و غياب رقابة نوعية على الأعمال. هذا ما فتح الباب أمام متطفلين هم أشبه بتجار فن أنتجوا الرداءة، بعدما شجعتهم البحبوحة المالية التي عرفها قطاع الثقافة مؤخرا، قبل إجراءات التقشف، على ولوج عالم المسرح و إنتاج الرداءة، بدعم من بعض مسؤولي المسارح الذين يميلون إلى قبول و تمويل أعمال كل من يقبل بنصف التكلفة، دون شروط، و يبدي استعدادا لاستقدام ممثلين من الشارع يفتقرون للتكوين و الخبرة وهو ما أنتج أعمالا دون المستوى، لا تشجع الجمهور على دخول المسرح، وهي مسؤولية مشتركة يتحملها صناع القرار و المقصود بهم بعض مدراء المسارح الجهوية و رؤساء الجمعيات و التعاونيات المسرحية.
الناقد و الفنان المسرحي هارون الكيلاني: هي إشكالية تسيير رجعي
يختزل الناقد و الفنان المسرحي هارون الكيلاني، مشكلة الركح الجزائري في ضعف التسيير، و إصرار القائمين على المسارح الجهوية على التمسك بكل ما هو قديم و فرض نفس الأسماء في كل مرة، مؤكدا بأن تقهقر الخشبة مرده الأول هو أنه أصبح يخضع لتسيير إداريين لا يؤمنون برسالة الفن و لا يفقهون في أصوله، وهو ما أفقد الأعمال الكثير من ثقلها و جردها من الكثير من صفاتها، مع ذلك لا ينفي الممثل بأن المسرح شهد نوعا من التطور من ناحية الإنتاج، بفضل محاولات العديد من الفنانين الشباب الذين يسعون في كل مرة للبروز و الخروج بالأعمال الجزائرية إلى مسارح العالم.و يعتبر بأن الحديث عن النوعية يتطلب بعض التروي و الابتعاد عن السلبية، فالخروج عن المألوف و تقديم الجديد لا يعد تقهقرا، حسبه، بل هو أمر يتطلب فهمه إمعانا و انفتاحا من قبل القائمين على تسيير المسارح و مسؤولي الثقافة في الجزائر، وهو ما يبرز تأثيرات تسيير الإداري لمنشأة مسرحية، فهو لن يتمكن من استيعاب الكثير من المفاهيم و الأحاسيس و الأبعاد الفكرية التي نجح مدراء مسارح، كعلولة مثلا، في ترجمتها على شكل أعمال وصلت الى الجمهور و خلدتها الذاكرة الجماعية.من جهة ثانية، يتحمل الكتاب و الأدباء الجزائريون جزءا كبيرا من المسؤولية، لأنهم يفضلون التخصص أو بالأحرى التقوقع في خانة أدبية محددة، فلا يسيل حبرهم خارج صفحات الرواية، مع أن النص المسرحي و تقديم إنتاج نوعي يجنبنا الرداءة يعتبر أيضا مسؤوليتهم، وهو أمر قد عهدناه من كبار الكتاب و الروائيين العرب و العالميين.
في يومه العالمي: إشكاليــة المسرح الجزائــري في ضعـــف التسيير و غيــــاب النــص
- التفاصيل
-
مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي شهد إقبالا كبيرا للجمهور
الفيلم الإسباني - ماتريـــا - يحصد - الغزالة الذهبية - أسدل الستار ليلة أول أمس، على فعاليات مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، بالإعلان عن الأفلام الفائزة، حيث كانت الجائزة الكبرى "الغزالة الذهبية" من...
الفنانة حسنة البشارية في ذمة الله
توفيت، أمس الأربعاء، بمدينة بشار الفنانة حسنة البشارية عن عمر ناهز 74 عاما بعد معاناة مع المرض، حسب ما علم لدى مديرية الثقافة...
كاتب العزلة الإنسانية ينحني أمام السرطان: الأدب العـالمي يفقـد بول أوستــر
فقد الأدب العالمي ليلة أمس الأول أحد أبرز رموزه، بوفاة الروائي الأمريكي بول أوستر الذي انطفأ في بيته ببروكلين عن 77 عاما، بعد...
كان أحد مؤسسي الأوركسترا السيمفونية الجزائرية: وفاة الموسيقي عبد الكريم قارة
توفي، الثلاثاء، الفنان والموسيقي، عبد الكريم قارة، وهو من مؤسسي الأوركسترا السيمفونية الجزائرية ومكوّن في الموسيقى تخرجت على يده أجيال...
مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي
اختتـام ورشـات التكويـن ومنـح 100 شهــادة مشاركــة اختتمت أمس، الورشات التكوينية المبرمجة في إطار مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، و التي شملت مجالات المهن السينمائية (الإنتاج، الإخراج، كتابة السيناريو،...
مختصون يشرحون آليات التدخل ويقترحون حلولا
هكذا نحمي تراثنا الثقافي خلال الأزمات والكوارث يجسد التراث الثقافي بما يشمله من أثار ومبان تاريخية، جزءا هاما من الهوية الوطنية و موروثا إنسانيا يتطلب الحمايه و التأمين خلال فترة الأزمات والكوارث...
الإقبال على مشاهدته فاق التوقعات
فيلم بن مهيدي يفتح شهية جمهور عنابة للسينما حقق العرض الأول لفيلم العربي بن مهيدي للمخرج بشير درايس، نجاحا باهرا خلال برمجته ضمن فعاليات مهرجان عنابة للفيلم المتوسطي، حيث حظره جمهور كبير امتلأت به مقاعد المسرح...
تفاعل كبير مع ضيوف مهرجان الفيلم المتوسطي بعنابة : بن مهيدي يصنع الحدث و غزة حاضرة
تعيش عنابة، على إيقاع الفن والسينما هذه الأيام، تزامنا مع استمرار فعاليات مهرجان الفيلم المتوسطي، الذي يصنع الحدث الثقافي في...
قراءة حداثية للقرآن وتكييف زماني للتفاسير: هكذا وظفت جمعية العلماء التعليم المسجدي لتهذيب المجتمع
عمدت جهود مصلحي جمعية العلماء المسلمين على غرار الشيخين عبد الحميد بن باديس ومحمد البشير الإبراهيمي، في محاربتهما للأفكار الدخيلة التي...
رئيسة مؤسسة عبد الكريم دالي وهيبة دالي للنصر: الملتقى الدولي الأول للشيخ رد على محاولات سرقة موروثنا الثقافي
قالت رئيسة مؤسسة الشيخ عبد الكريم دالي، السيدة وهيبة دالي للنصر، أن الملتقى العلمي الدولي الأول للشيخ المنتظر تنظيمه بداية...
<< < 1 2 3 4 5 > >> (5)