أكتب انطلاقا من الحلم والكوابيس ولا أهتم بالنقد
احتضنت دار الثقافة هواري بومدين بمدينة سطيف، أول أمس احتفالية خاصة بالشاعر والقاص الطيب طهوري، وهذا بمناسبة صدور مجموعته القصصية الجديدة «واصل غناءك أيّها الرمل... واصلي رقصك أيتها النار»، والتي صدرت في الآونة الأخيرة في تونس عن دار «زينب» للنشر.
و شهدت الاحتفالية التي نظمها النادي الأدبي، تكريم الشاعر والقاص، وفتح حفل بيع بالإهداء للمجموعة، وكذا تقديم مداخلات وقراءات في مجموعته الأخيرة وفي تجربته وأعماله الشعرية والقصصية، وشهادات في حق الكاتب الإنسان، قدمها بعض الأصدقاء والزملاء من محيط عمله والمحيط الأدبي، كما تحدث الكاتب في هذه الاحتفالية عن تجربته في كتابة القصة والشعر وموقفه من النقد.
صاحب «شجر العاصفة»، أبدى أوّلا سعادته بهذا الاحتفاء التكريمي، وذرف دموعا من شدة التأثر، وقال وهو يمسح دموعه التي باغتته: «هذه أوّل مرّة تُقام لي احتفالية بهذا الشكل في الجزائر، رغم أنّني بدأت الكتابة منذ زمن بعيد، و نشرت الكثير من النصوص الشعرية والقصصية والمقالات في جرائد ومجلات ومواقع جزائرية وعربية. ليس هذا فقط، أنا أيضا لا أُدعى للملتقيات الأدبية، ولا أدري السبب، وكأنني غير موجود في الساحة الأدبية الجزائرية». طهوري تحدث أيضا عن طفولته وبداياته في التعليم، وتدرجه في بعض مراحله، إلى غاية وصوله إلى الجامعة، حيث كانت انطلاقته من زاوية طولقة و زاوية الهامل بمدينة بوسعادة، ثم نال شهادة الأهلية، و بعدها تابع دراسته الجامعية.


بعد تخرجه وجد نفسه في فخ البطالة، ما اضطره إلى الاشتغال كحمّال سنة 1973، وقد تحدّث عن هذا متأثرا: «في تلك الفترة، اشتغلت حمّالا، كنت استيقظ فجرا، وأخرج من البيت وأنا أجر عربة الحِمالة، وكنت أقوم بنقل بعض أغراض الناس عليها وأبقى طوال اليوم أجر العربة من مكان إلى آخر، ولا أعود إلى البيت إلاّ في حدود السادسة أو السابعة مساء، كانت العربة صديقتي، ترافقني وأرافقها طوال اليوم. بعدها قمت أنا وجاري بممارسة تجارة صغيرة على هذه العربة، كنا نشتري بعض الخضر والفواكه، ونتجوّل في شوارع المدينة من أجل بيعها والحصول على بعض الهامش من الربح، لكن للأسف انتهى هذا الأمر بسرعة، فقد صادرت الشرطة العربة، وتصادف أيضا أنّني لم أكن تاجرا جيدا والحال نفسه مع جاري الذي كان مثلي لا يجيد التجارة، لهذا خسرنا وتوقفنا عن ممارسة هذه التجارة المتنقلة بعربة حديدية صغيرة، فالتجارة شطارة، ولم تكن لدينا هذه الشطارة، وأصبحتُ أنا طبعا بلا عربة/بلا صديقة، بعد أن صُودرت من طرف الشرطة».
و أضاف المُحتفى به» بعد ذلك بسنوات أنعم عليّ الله بوظيفة أستاذ في التعليم الثانوي، وكان هذا عام 1981، وبقيت في هذه الوظيفة إلى غاية 2015، وهي السنة التي تقاعدت فيها، وأنا الآن متفرغ للقراءة والكتابة والحياة». طهوري، تحدث أيضا عن بداياته في الكتابة، وقال أنّ أوّل ما كتبه كان في جامعة قسنطينة، حيث كتب وقتها قصة قصيرة، بعدها أصبح يزاوج بين كتابة الشعر والقصة، مضيفا في هذا السياق: «ما يهمني هو أن أكتب، فمرة أكتب شعرا و مرة القصة، أما النقد فلا أهتم به إطلاقا، ولا أهتم لما يقوله النقاد أبدا، طبعا أقرأ أحيانا ما يكتبونه، وهذا فقط لأوسع من خلال هذه القراءة مداركي العقلية والأدبية، لكن لا يهمني خارج هذا الحيّز، لأنّني أكتب دائما وِفقَ ما يمليه عليّ عالمي، وليس وفق ما يقوله أو يسطره النقد والنقاد».
وعن طقوسه في الكتابة، قال: «أكتب و أترك ما أكتبه لفترة، ثم أعود إليه وأشتغل عليه من جديد وأقوم بتأثيثه، وفق رؤية ولحظة وحالة وتصوّر مغاير للكتابة الأولى، في هذه الفترة أصير المحكمة العُليا لذاتي، كما يقول الشاعر اللبناني محمد علي شمس الدين، أحاكم على أساسها نصوصي الشعرية والقصصية».
طهوري أضاف أن تأثره كان أكبر بشعراء الجنوب اللبناني، خاصة شوقي بزيع ومحمد علي شمس الدين: «كان شعراء الجنوب اللبناني أكثر الشعراء الذين تعلقت بهم». صاحب «أفراح صعبة» وهو يتحدث عن طقوس كتابته للقصة، قال: «في معظم الحالات لا أكتب القصة انطلاقا من الواقع، لكن من الكوابيس والأحلام، في الليل أحلم، وأرى الكوابيس، وعندما أستيقظ أسجل ذلك الحلم، أو الكابوس، ثم أشتغل عليه في محاولة لتأثيث ذلك الحلم أو الكابوس أدبيا وفنيا وجماليا».
طهوري يقر أنه يقرأ الرواية أكثر، إذ قال بهذا الصدد: «رغم أنّني أكتب القصة والشعر، لكني أقرأ الرواية أكثر، أحب عالم وعوالم الرواية، وفي تصوري أن الرواية عالم ديمقراطي وهذا بتعدد أصواتها وعوالمها ووجهات النظر فيها وشخوصها وأبطالها، أمّا الشعر فديمقراطيته ليست في كتابته، إنّما في تعدد القراءات والمقاربات التي تتم حوله، وفي ما يتضمنه بشكل
 عام».  

 نوّارة لحـرش

الرجوع إلى الأعلى