رضا حوحو كان مترجما فذا و صحفيا ساخرا ومهتما بالفكر و الفن
اعتبر الكاتب و الباحث الدكتور محمد العيد تاورتة، أن أحمد رضا حوحو لم يكن كاتبا و مفكرا  فقط، بل فنانا بامتياز و صحفيا فذّا بأسلوبه الساخر، كما أنه مترجم متعمق في مفهوم الكلمة و جوهرها، كرس أفكاره و جهوده لخدمة الوطن، لكن أعماله بقيت دون دراسة، مشتتة بين مجلات بالسعودية وتونس وأخرى هنا بالجزائر، رغم محاولات عدد من الكتاب والباحثين جمعها، على شاكلة بشير متيجة و الطيب لعروسي.
وجاء في مداخلة تاورتة، خلال ملتقى وطني انطلقت فعالياته أمس حول الكاتب أحمد رضا حوحو، تحت شعار «الجزائر.. غادة الأوطان، شعلة الأحرار» بقسنطينة، أن أعمال الكاتب حوحو، ابن بسكرة مولدا ، و قسنطينة منشأ وتطورا في الأدب والدعوة إلى التحرر و الفكر، و محاربة أشكال الزيف التي كانت سائدة  بالجزائر آنذاك، سواء ما تعلق بجرائم فرنسا و سلبها حرية الجزائريين و إدعائها التحضر، أو الخرافات والبدع التي كانت تحكم العقول البالية وسمحت بتواجد الاستعمار لأكثر من قرن من الزمن.
وعرج تاورتة على الأسلوب الساخر في الكتابات الصحفية، خصوصا كتابات أحمد رضا حوحو التي نشرها  بمجلة «الشعلة» و كذا مؤلفاته تحت عنوان «مع حمار الحكيم»  و»صاحبة الوحي» وغيرها، معتبرا الكاتب متفردا في أسلوبه وشخصه وتنوع ثقافته العربية و منهله الفرنسي، خاصة في الروايات والمسرح.
في حين تناول الدكتور رابح طبجون، من المدرسة العليا للأساتذة بإسهاب، ترجمات أحمد رضا حوحو و اهتمامه بالترجمة، واصفا إياه بالعلامة، وأن كتاباته تحتاج لأكثر من دراسة واحدة، و أضاف بأن إحدى الزوايا المهمة في سيرة الكاتب التي لم يتم التطرق إليها ــ حسبه ــ من قبل ، ارتبطت بسفره إلى الحجاز (1935 ــ 1945)، و حصوله على ديبلومات عليا بالمدينة المنورة، إلى جانب اهتمامه باللغة الفرنسية ، كونه فتح عينيه على مفرداتها وتداولها في مجتمعه المُحْتَلّ، وهو ما أنتج في ما بعد إسهامات إبداعية تصنف ضمن ما يسمى «أدب الرحلات» ببصمة ابن سيدي عقبة.
كما أن بدايات حوحو  في الكتابة انطلقت عبر بوابة المملكة العربية السعودية بمجلة «المنهل»، ما صقل موهبة الكتابة لديه ، فاختلط أدب الرحلات بالعيش المهجر، وآلام مرتحل بعيد عن وطنه المحتل أصلا.
و أضاف الدكتور طبجون، بأن حوحو اهتم أيضا بترجمة روائع الأدب العالمي، و تحديدا الفرنسية ، على غرار مسرحيات موليير، ما أدى إلى ميلاد جمعية المزهر القسنطيني التي قدمت أعمالا على الخشبة، كما ترجم أشعار بودلير، و قد اعتبر الأستاذ المحاضر حوحو  أحد رواد الترجمة الجزائرية و العربية، و صوت من أصوات الثقافة المهاجرة،  مشيرا إلى اختيار أحمد رضا حوحو التنويع في الكتابات، بين الصحافة الساخرة و أدب الرحلة و النقد، مبرزا رحلته إلى الاتحاد السوفياتي سابقا و أوروبا عام 1956.
الدكتور رابح طبجون فاجأ الحضور بالكشف عن سر من أسرار حوحو التي ظلت مخفية، نظرا لعدم الاهتمام بكتاباته وحياته المفعمة بالنشاط والأدب ونقد الاستعمار، رغم قصرها (ديسمبر 1910ــ مارس 1956)، بعد اغتياله من طرف المعمر، و يتمثل في محاولاته في كتابة الشعر الشعبي الملحون، في عمود أطلق عليه «تحت السياط» ، و كان ينشر أحيانا بتوقيعه، و يغيب في أحيان أخرى.
و تابع بأن حوحو لم يكن مترجما عاديا لدى الإدارة الفرنسية، بل كانت ترجماته تهدف إلى صناعة الوعي الوطني، ونقل المعلومات والمفاهيم الصحيحة لبلوغ التحرر، كما كانت ترجماته تنقل الكثير من أحاسيسه ومشاعره. و ذكر أهم المقالات النثرية التي ترجمها، وهي «ملاحظات مستشرق مسلم» ، ردَّا على بعض المستشرقين الجدد ، و موقفهم من الإسلام والحرف العربي، فقد قالوا أن العربية تعرف أفولا و زوالا قريبا. وترجم الكاتب أيضا إصدارا لإيتيان دينيه في رحلته إلى السعودية، تحت عنوان «جلالة الملك عبدالله بن آل سعود».
وختم الدكتور طبجون مداخلته حول الكاتب الشهيد والصحافي الساخر، بالقول إنه أوصل صوت الجزائر إلى العالم، والمشرق العربي، عبر بوابة الحجاز لأنه مكث هناك 10 سنوات.
جدير بالذكر أن ملتقى أحمد رضا حوحو نظم بقسنطينة تحت رعاية وزارة الثقافة و قد انطلقت فعالياته أمس، بقصر الثقافة محمد العيد آل خليفة، بمشاركة مجموعة من الدكاترة والباحثين وطلبة المدرسة العليا للأساتذة و من المنتظر أن يسدل الستار على الملتقى اليوم الخميس.
فاتح. خ

الرجوع إلى الأعلى