« ثالوث  تجاري « بالعاصمة  مقصد  48  ولاية

تشهد المراكز التجارية الثلاثة الضخمة الفريدة من نوعها ببلادنا، و المتواجدة على مستوى الجزائر العاصمة ، إقبالا منقطع النظير لزوار يزحفون يوميا عليها ليل نهار، و تضاعف الإقبال عليها خلال شهر رمضان و أيام العيد و العطل، فأصبحت لا تكاد  تغلق أبوابها سوى لوقت قصير لأجل التنظيف أو راحة العمال، لتفتح  لاحتضان آلاف الجزائريين القادمين من 48 ولاية، بحثا عن ترفيه و تسلية مميزين لا يوجدان إلا بالعاصمة .
“باب الزوار”، “ أرديس” و قبل أيام “ كارفور” ، هي أسماء لا تقترن بأماكن أحياء ، بل أسماء مراكز تجارية ضخمة ، ذاع صيتها ، و تجاوزت  شهرتها  محيط العاصمة التي تتمركز بها ، و باتت المتنفس شبه الوحيد أمام العائلات الجزائرية اللاهثة خلف تطور النشاط التجاري ، و جودته ، و الإستمتاع بالتسوق المريحن إلى جانب الترفيه و التسلية و تناول المثلجات و شتى المأكولات و المشروبات .

الآلاف يحجون يوميا نحو ثالوث المراكز التجارية بالعاصمة

من يخرج مساء لا بد و أن يواجه كابوس الاختناق المروري بطرقات العاصمة و الذي تصنعه مركبات تسلك ثلاثة اتجاهات لا غير، فمن لا ينوي التوجه نحو المركز التجاري “أرديس”، المتواجد بمنطقة التوسع السياحي، لا بد أنه متجه نحو مركز “باب الزوار”، و إن لم يكن كذلك فهو حتما يقصد “كارفور” الذي فتح أبوابه مجددا أمام الجزائريين في أول أيام رمضان بالمحمدية.
و مهما فكرت في الخروج باكرا لتفادي الاختناق المروري ، و ضمان الوصول مبكرا إلى المركز الذي تنوي التوجه إليه، فستجد المفاجأة أكيد، فللوصول إلى “أرديس” مثلا ستجد عشرات إن لم نقل مئات المركبات في الطابور الذي يصل إلى غاية الطريق السريع، و كأن الجميع يفكر بنفس الطريقة، و على الرغم من وجود مدخلين للمركز، إلا أن المشهد ذاته، فستجد نفسك مرغما على الانتظار لأجل تمكنك من اقتحام الحصن المنيع الذي تحيط به مختلف أنواع المركبات.
الوضع ذاته على مستوى الطريق السريع المؤدي إلى المحمدية ، مكان تواجد “كارفور”، فالطابور قد يمتد نحو كيلومترات من الطريق قبل التمكن من حجز مكان بالموقف ذي الطوابق، الخاص بالمركز، و الذي يمتلئ بسرعة عن آخره في أمسيات و سهرات الصيف .

48 ولاية تحط الرحال بالمراكز التجارية للعاصمة

يكفي أن تتجول بين السيارات المتواجدة بمواقف المراكز التجارية الثلاثة على مستوى العاصمة، لتتأكد أنها تضم مركبات لمواطنين قدموا من 48 ولاية، فهذه الأماكن لم تبق حكرا على سكان العاصمة، مثلما كان الوضع عند افتتاحها، و بمجرد دخولك إلى المراكز و التنقل بين المحلات، ستصادف جزائريين يتحدثون كل اللهجات الجزائرية.
تقربنا من بعض الأسر على مستوى مركز باب الزوار، فأكدت لنا ربة أسرة أنها قدمت من باتنة، و أخرى من سطيف، أدرار، وهران، قسنطينة، عنابة... و كل الولايات تقريبا ،حسب ما يؤكده بعض القائمون على أمن المركز، و الذين يقولون بأن المركز يستقبل طوال السنة و خلال فصل الصيف مواطنين من مختلف ولايات الوطن أكثر من أي وقت.
و أكد زائر قدم من باتنة ، بأن نقص المرافق الترفيهية و المراكز التجارية الحقيقية بباتنة و الولايات المجاورة لها، دفعه للتنقل بمعية أفراد عائلته إلى العاصمة، و هي الرحلة التي أكد أنه يقوم بها بين الحين و الآخر، خاصة خلال العطل المدرسية ، و كذا شهر رمضان الذي يعلم أنه فرصة سانحة للترفيه ، خاصة بعد الإفطار ، حسب تعبيره.

المحلات مفتوحة لكل الفئات الإجتماعية  


لا بد و أن تكون طريقة تقسيم المحلات المتواجدة بالمراكز التجارية و التسلية بالعاصمة ، قد حظيت بدراسة خاصة و دقيقة جدا، فكونها ضخمة و توحي في شكلها الخارجي بالفخامة ، لا يعني أنها فتحت لأجل طبقة معينة من المجتمع الجزائري، فكل المحلات التجارية المتواجدة بها لا تشبه باقي المحلات التي نجدها بشوارع الوسط  و حتى العاصمة، و ما تحويه من منتجات، تميزها العلامة التجارية “الماركة” ، و تلك الأسعار الباهظة  التي ترسم على مختلف القطع المعروضة للبيع، توحي بأنها ليست للعامة.

و يؤكد كل هذا الأسماء الكبيرة للماركات العالمية للألبسة خاصة ،و الساعات و حتى  الأفرشة و العطور التي لا تجدها في كل مكان، ما جعل المهوسين بالماركة يقللون من خرجاتهم نحو أوروبا لجلب ما يحتاجونه من ألبسة و أغراض أخرى، مثلما تؤكده نجود، التي تقول بأنها باتت تقتني ما تحتاجه من ماركات و إن كانت أسعارها مرتفعة نسبيا بالجزائر، عوضا عن التوجه نحو فرنسا أو إيطاليا.بالمقابل تصادف داخل المراكز مختلف طبقات المجتمع، و تكتفي المتوسطة منها بالتنقل بين محلات الماركات  لمجرد المشاهدة، فيما تجد  متنفسا لها  داخل السوبرماركيت الضخم الذي يعرض مختلف المنتجات و يجري تخفيضات بين الحين و الآخر، لأجل جلب أفراد هذه الفئة بشكل خاص، علما بأنها تستهدفها عبر التموين”الرفيطايما” الذي يبقى أهم شيء بالنسبة للأسر الجزائرية، خاصة خلال شهر رمضان و المناسبات الدينية، و كما تؤكد السيدة نجاة، فهي تقصد مركز باب الزوار لأجل اقتناء أغراض البيت فقط، و غالبا ما تعتزل المحلات المتواجدة به و التي لا توفر إلا على الماركة التي تنفر البسطاء من الجزائريين بأسعارها الخيالية .و الملاحظ أن المراكز الثلاثة تخصص حيزا خاصا لبيع مختلف ألعاب الأطفال، سواء البسيطة أو المتطورة و الإلكترونية و جميعها تسيل لعابهم و دموعهم و تسبب للأولياء محدودي الدخل الكثير من الإحراج.

زحام على المثلجات و الأكل السريع


المراكز التجارية و إن كانت وجهة الكثيرين  للتنزه  أو  التسلية  على  مستوى الأماكن التي خصصتها لذلك، فإنها مقصد آخرين لأجل الاستمتاع بالأكل الخفيف الذي تقول إحدى السيدات بأنها افتقدته خلال رمضان، في حين تقول أخرى أنها تعبت من تحضير الوجبات ، فتقصد المراكز التجارية لأجل الاستمتاع بجلسة طعام دون تحضيرها أو تقديمها، بينما  يفضلها البعض لأجل تناول المثلجات.و يكفي أن تبلغ نهاية “أرديس” أو الطابق الأخير “لباب الزوار”، لتلاحظ ذلك من خلال العائلات و الأصدقاء الذين يزدحم بهم المكان ،و ينتظر عدد كبير منهم دوره للجلوس فوق طاولة قصد الاستمتاع بوجبة خفيفة أو تحلية، و حتى مثلجات وسط جو تملأه الضوضاء. و إن كان هذا حال الأغلبية ، فهناك شريحة أخرى تجد في شاطئ  البحر المجاور للمركز التجاري “أرديس” و التابع له، مكانا مناسبا ،أين تجهز الطاولات بمختلف الأطعمة، سواء التي أحضرتها من البيت أو اشترتها من الأكشاك المتواجدة بالساحة التي تضاعف نشاطها لتلبية طلبيات ضخمة لمئات المواطنين ممن يفضلون نسائم البحر العليلة لأجل الأكل.

مواطنون ينتقدون مركزية “ الترفيه “ بالعاصمة

تخصص هذه المراكز التجارية الكبرى حيزا كبيرا لمختلف الألعاب و النشاطات الترفيهية و التي تجذب الصغار و الكبار معا، خاصة و أننا في أيام العيد و موسم العطل ،حيث تخصص لها أجنحة أو طوابق أو مساحات واسعة مهيأة لهذا الغرض في مدخلها،ففي مركز أرديس مثلا، لا يمكن للزائر إلا أن ينجذب إلى قاعة مخصصة للعروض السينمائية بتقنية سبعة أبعاد “7 دي”،و تكفي إطلالة واحدة داخلها ليكتشف اكتظاظها بالمتفرجين . و تحظى سلسلة الألعاب التي تم تثبيتها في الهواء الطلق بمحيط المركز بإقبال كبير من صغار حضروا من مختلف الولايات لاقتناص لحظات متعة و تسلية و فرح.و لا يتردد الكثير من الزوار في المشاركة في طومبولا للفوز بالسيارة الحلم . و تشمل النشاطات الترفيهية أيضا تنظيم حفلات و عروض فنية مختلفة لإرضاء مختلف الأذواق و الرغبات فكل زائر يجد ضالته هناك .النصر و بتقربها من بعض رواد مركز أرديس و مركزي باب الزوار و كارفور، سجلت احتجاجا لدى المواطنين غير العاصميين، فجلهم انتقد ما أسموه بمركزية الترفيه بالعاصمة، و كما يقول السيد كمال القادم من ولاية عنابة، فمن غير المعقول أن يقطع الفرد مئات الكيلومترات، و يخرج من ولايته، فقط لأجل الترفيه و التسلية أو التبضع، متسائلا عن سبب عدم فتح مراكز بهذا الحجم بكل ولاية.و يرى السيد أحمد من قسنطينة، أنه على المسؤولين التفكير بعدل في كل الجزائريين، خاصة و أن غالبيتهم غير قادرين على التنقل إلى العاصمة لأجل الترفيه، و عوض  فتح عديد المراكز بالعاصمة، كان من الأفضل ،على حد تعبيره، توزيعها على باقي الولايات، و هو ما اعتبره عاملا مهما في تخفيف الضغط عن العاصمة، و فتح المجال لمواطنيها للاستمتاع ، دون مزاحمة بما خصص لهم.
و في انتظار أن تفتتح مراكز تجارية و تسلية ضخمة بباقي ولايات الوطن ، ما على العاصميين سوى التحلي بالقليل من الصبر لتواجد الكثيرين برفقتهم، و ما على من تعذر عليه الوصول إليها من باقي المدن الجزائرية، سوى  التشبث بأمنيات أن يفكر أحد أرباب المال في الاستثمار لديهم، و إن كان ذلك بشراكة أجنبية.         
       إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى