30 محجرة  تحاصر عين التوتة دون أن تدفع  سنتيما  لخزينة البلدية

وجد سكان مدينة عين التوتة التي تبعد بمسافة 35 كلم جنوب باتنة أنفسهم محاصرين، بما يزيد عن 30 محجرة تحيط بها من كل الجوانب، وهي المحاجر التي يتنفس غبارها السكان، إذ  تعتبر ثالث بلدية من حيث الكثافة السكانية بالولاية بعد كل من مدينتي باتنة و بريكة بتعداد يقدر بـ85 ألف نسمة.

ربورتاج: يـاسين عبوبو

وأكد رئيس البلدية للنصر، بأن السكان يشتكون من مخاطر المحاجر لما سببته من أمراض الحساسية والربو ناهيك عن تأثير تفجيراتها على مياه الطبقة الجوفية، كما أنها لا تدر أي مورد مالي للبلدية يمكن أن يستفيد منه السكان في حياتهم اليومية. وأكد المير أيضا نقله الانشغال للجهات الوصية لإيجاد حل لكيفية استغلال و نشاط المحاجر. و أقرت مديرية البيئة بالمشكلة، قائلة أن ثلاثة متعاملين فقط استجابوا لشروط المحافظة على البيئة.
تشتهر عين التوتة بولاية باتنة وطنيا بإنتاجها الفلاحي خاصة في شعبة تربية الدجاج وإنتاج البيض، وبمرور السنوات أصبح اسم عين التوتة يقترن أيضا بالمحاجر التي راحت تتزايد وتنتشر عبر كامل جوانبها، خاصة على جانب الطريق الوطني 03 الرابط بين باتنة وبسكرة، والمار على هذا الطريق في شقه بإقليم عين التوتة سوف يندهش لا محالة لما تفرزه هذه المحاجر من غبار ودخان وحدات صناعية يشاهده الناس على بعد كيلومترات لدرجة أنه صار يشكل غمامات من سحب ملوثة كثيفة.
وأوضح لنا رئيس بلدية عين التوتة فيما يخص انتشار المحاجر بتراب البلدية، بأن ما جعلها تتضاعف عبر إقليم البلدية هو جودة نوعية المادة الأولية التي تستخرج لصناعة مواد البناء وفي مقدمتها الإسمنت، ما جعلها محل طلب من طرف المقاولات، غير أن ذات المتحدث اعتبر بأن المحاجر أصبح لها جانب سلبي كبير، حتى وإن كانت تمثل نشاطا اقتصاديا  وهذا بسبب مخلفاتها وإفرازاتها من الغبار.
 وفي هذا الصدد أكد المير تسجيل شكاوى متكررة للمواطنين بعد انتشار أمراض الحساسية والربو الناتجة عن التلوث البيئي وسط السكان، وأكد رئيس بلدية عين التوتة نقله الانشغال بدوره للجهات العليا لإيجاد حل لوضعية المحاجر.
مير عين التوتة أكد بأن المحاجر لا تدر أية مداخيل لخزينة البلدية، وقال بأنها وناهيك عن مضارها بسبب ما تخلفه من غبار يتنفسه سكان المدينة، فإنها تسببت في نضوب مياه الطبقة الجوفية بعد أن كانت البلدية في وقت سابق تزخر بثروة مائية هائلة، وأضاف محدثنا بأن دراسات أكدت نضوب المياه الجوفية نتيجة تفجيرات المحاجر.
وفي سياق متصل، أكد رئيس بلدية عين التوتة بأن المحاجر سبق وأن دفعت السكان على غرار قاطني منطقة رأس الماء إلى الاحتجاج بغلق الطريق بعد إحداث التفجيرات لتشققات في مساكنهم، ناهيك عمَا تحدثه من دوي وتلويث للبيئة عكر حياتهم، وأشار المير إلى تلويث مصنع الإسمنت أيضا للمحيط في وقت سابق رغم بعده عن المدينة بحوالي 09 كلم.
 لكن وحسب المير، فإن مصنع الإسمنت بعد اعتماده واستخدامه لتقنيات التصفية، لم يعد ملوثا للجو و مضرا بالبيئة عكس بعض المحاجر التي باتت هاجسا يقلق سكان عين التوتة و المجلس البلدي أيضا.
جفاف بساتين بسبب نضوب الطبقة الجوفية وفلاحون يستغلون مياها ملوثة
تسببت تفجيرات المحاجر حسب ما أكده رئيس بلدية عين التوتة في نضوب الطبقة الجوفية للمياه، بينما البلدية تعتمد في تزودها بالماء على مياه سد كدية لمدور بتيمقاد، والذي كان لربطه بالبلدية الأثر الإيجابي في توفير الماء، على عكس الوضع في سنوات مضت كان خلالها السكان يعانون من شح في التزود بهذه المادة الحيوية. وبحسب المير فإن البلدية ورغم توفير المياه بها من سد تيمقاد إلا أنها  تبقى تفتقد في قطاع الموارد المائية للخزانات الكافية للمياه التي من شأنها أن تساعد على توفير الماء وتوزيعه عبر بعض الأحياء.
وتعرف عين التوتة مثل عديد المناطق بباتنة ظاهرة السقي الفلاحي بالمياه الملوثة المستعملة على طول الوادي، الذي يقطع منطقة تمارة إلى غاية إقليم بلدية تيلاطو المجاورة لها، وهي الظاهرة التي تؤرق المواطنين الذين يبدون تخوفهم من استهلاك المنتجات الفلاحية المسقية بالمياه القذرة والمستعملة.
 وفي هذا السياق اعتبر المير ، بأن الحل الوحيد يكمن في إنجاز محطة لتصفية المياه على مستوى هذا الوادي بمنطقة تمارة لتخليص الوادي من المياه الملوثة وكذا الفلاحين، وهو ما سيسمح حسبه أيضا بإعادة إحياء بساتين ومساحات فلاحية على نطاق واسع تمتد إلى غاية القنطرة بولاية بسكرة، بعد أن ضرب هذه المناطق الجفاف منذ سنوات، وحتى عين التوتة ذاتها باتت معرضة حاليا للتصحر نظرا لتراجع الغطاء النباتي الغابي من أشجار وأعشاب كانت تشتهر بها المنطقة في وقت مضى.          
إزدهار تربية الدواجن وإنتاج البيض و تشجيع الزيتون والفستق
سمح المناخ الجاف الذي تتميز به منطقة عين التوتة حسب المختصين في الشأن الفلاحي بانتشار وبروز شعبة تربية الدواجن وإنتاج البيض بقوة بالمنطقة، سواء في محيط البلدية أو ما جاورها من بلديات، على غرار معافة وأولاد عوف ما جعل صيت المنطقة يذيع في هذه الشعبة الفلاحية على المستوى الوطني، بعد أن حققت مستويات قياسية في الإنتاج، وأصبحت تمون السوق الوطني وهو ما دفع بالسلطات على مستوى البلدية والمصالح الفلاحية بالولاية إلى المبادرة إلى تنظيم صالون ولائي لتشجيع الشعبة والمربين، وهو الصالون الذي دام سنوات قبل أن يختفي منذ ثلاث سنوات وسط ظروف غامضة رغم أنه كان يستقطب خبراء ومختصين في شعبة تربية الدواجن والبيض من مختلف ولايات الوطن و حتى من تونس.
وإلى جانب بروز شعبة تربية الدواجن وإنتاج البيض اللتان باتت تشتهر بهما عين التوتة، فإن المنطقة وفي السنوات الأخيرة نشطت بها أيضا شعبة زراعة أشجار الزيتون التي لجأ إليها فلاحون لملائمة الشعبة أيضا لمناخ المنطقة، في ظل تراجع مصادر الموارد المائية التي من بين مسبباتها حسب رئيس البلدية تفجيرات المحاجر التي أثرت على الطبقة الجوفية للمياه. و أكد بأن دراسات علمية أثبتت ذلك، واعتبر ذات المسؤول اختفاء الصالون السنوي لتربية الدواجن رغم نجاحه كان نتيجة ما لحق بمربين من خسائر تكبدوها في السنوات الأخيرة جراء بروز مرض “نيوكاستل”.
وإضافة لبروز شعبة الزيتون على امتداد محيطات، فإن تجربة أخرى تتمثل في إنتاج الفستق أعطت نتائج ناجحة ومبهرة على مستوى مستثمرة عمومية بمنطقة رأس الماء، غير أنها لم تعمم رغم توافد مستثمرين من ولايات الشمال كالعاصمة والبليدة على اقتناء منتوج الفستق قبل أن يكون المحصول جاهزا، وهذا علما أن الفستق كالزيتون لا يتطلب كميات كبيرة من المياه للسقي مما يسمح بتعميمه.
عين التوتة ملاذ سكان الجنوب صيفا هروبا من ارتفاع درجات الحرارة
تتوفر عين التوتة على مؤهلات طبيعية أبرزها مناخها الجاف الذي ساعد على انتشار وبروز شعبة تربية الدواجن وإنتاج البيض، وفضلا عن ذلك فهي وعلى الرغم من تأثير المحاجر المنتشرة حول المدينة على البيئة، وتأثيرها على الصحة، إلا أن التوتة كما يحلو للبعض تسميتها، تعد قبلة لسكان مناطق الجنوب في فصل الصيف الذين يهربون من ارتفاع درجات الحرارة خاصة من مناطق ولاية بسكرة و تقرت ووادي سوف و ورقلة للاستقرار بعين التوتة من خلال استئجار مساكن.
وما جعل المدينة قبلة ومقصدا لسكان الجنوب ناهيك عن مناخها الملائم وانخفاض درجة الحرارة بفارق يزيد عن 10 درجات مقارنة بمناطق الجنوب، هو موقعها الجغرافي، بحيث تعد بوابة الصحراء، وتقع على جانب الطريق الوطني 03 الذي يربط باتنة بالجنوب، وإضافة لذلك تضم بلدية عين التوتة المنطقة السياحية لجبل حمادة الذي يعد مقصدا هو الآخر للأشخاص والعائلات وتسعى البلدية من خلال إمكانياتها، حسب ما أوضحه لنا المير إلى إقامة منتجع يتربع على خمسة هكتارات كمتنفس لسكان المدينة وزائريها خاصة في فصل الصيف.
رئيس البلدية نطالب بالنظر في وضعية المحاجر
أكد رئيس بلدية عين التوتة رابح يحياوي الذي يرأس البلدية لثلاث عهدات متتالية بالإضافة لعهدتين سابقتين لـ”النصر”، بأن السر وراء شعبيته وسط السكان والتي مكنته من ترأس البلدية لعهدات متتالية، هو صراحته مع المواطنين حتى وإن كانت هذه الصراحة مرة وسعيه لتطبيق وعوده ومحاسبته ومجلسه على ما تم إنجازه.
 وأكد المير، بأنه طرح مرارا قضية المحاجر على الجهات العليا قصد إعادة النظر في وضعيتها بما لا يسمح بتلويث البيئة والتأثير على صحة السكان مثلما حدث مع وحدة إنتاج الإسمنت بعد تجهيزها بمحطات تصفية، مقترحا في نفس السياق طرح ضريبة على الملوثين.
من جهته أقر مدير البيئة لولاية باتنة توفيق دخينات في حديثه للنصر، بتلويث محاجر للبيئة نتيجة ما تفرزه من غبار متصاعد بسبب عدم امتثال وتطبيق بعض هذه المحاجر منها المنتشرة عبر الطريق الوطني 03 بإقليم بلدية عين التوتة، لمعايير محددة تخص الحفاظ على البيئة أثناء نشاطها.
 وأوضح ذات المسؤول، بأن صلاحيات مصالحه تتم بالتنسيق مع مصالح مديرية الصناعة والمناجم، وبناء على تدخل شرطة المناجم، مضيفا بأن مصالح مديريته قامت بإشعار عدة متعاملين للمحاجر خواص وعموميين، نحو دفعهم  للاستجابة للشروط المحددة في نشاطها من ضرورة الاعتماد على تقنيات الرش بالماء وتركيب مصافي، مشيرا لاستجابة 03 متعاملين لإشعارات مديريته بعد أن قاموا بتركيب مصافي تمنع تسرب الغبار.
و في نفس السياق اعترف المتحدث باعتباره مديرا للبيئة ورئيسا للجنة الولائية لمراقبة المؤسسات المصنفة التي من ضمنها المحاجر، باصطدام مصالح البيئة بعراقيل تخص المتعاملين الذين يستخدمون تجهيزات قديمة لا تستجيب لمتطلبات تركيب المصافي الحديثة، ومع ذلك أكد بأن مصالحه أمهلت متعاملين إلى غاية نهاية السنة، للالتزام والتقيد بشروط النشاط المحافظة على البيئة التي أقرتها المديرية، مشيرا أيضا لتوقيع هؤلاء المتعاملين على تعهد يقضي بالالتزام بالعمل وفق الشروط التي تحددها المديرية.
رئيس البلدية أكد بأن عين التوتة توفرت على مؤهلات يمكن أن تؤهلها للعب دور اقتصادي منها موقعها الجغرافي ووقوعها على جانب الطريق الوطني رقم 03 الرابط بين باتنة وبسكرة، ومرور خطي سكة حديدية بإقليمها الرابطين بين عنابة -تقرت والمسيلة –الجزائر العاصمة، وأشار المير إلى مبادرة المجلس البلدي قبل سنوات قليلة بفكرة إنشاء سوق للسيارات، والتي نجحت بعد أن تحول السوق إلى قبلة لتجارة السيارات، ومكن البلدية من مداخيل إضافية بلغت خمسة مليارات سنويا.
توزيع 400 سكن اجتماعي قبل نهاية السنة
من جانب آخر كشف المير عن اقتراب الإفراج عن قائمة 400 مستفيد من السكن الاجتماعي قبل نهاية السنة الجارية بعد أن قاربت أشغال إنجازها على الانتهاء وفي سياق السكن أقر بتأخر إسكان 400 مستفيد من حصة 500 مستفيد تم الإفراج عنها قبل أشهر بسبب عدم إتمام بعض الأشغال مقرا باستياء وتذمر المستفيدين من التأخر مشيرا أيضا لحاجة البلدية من السكن الريفي وبعض المرافق التربوية والرياضية منها مجمعين مدرسيين بالمدخل الشمالي للمدينة وحي سكنات أفنبوس ومتوسطة برأس الماء.

الرجوع إلى الأعلى