مسجد الشهداء محاصر بين الأميونت والمياه المتسربة
يعرف مسجد الشهداء بحي المنظر الجميل بقسنطية، وضعية مزرية، بسبب مشكل  تسرب المياه  و تضرر مرافقه، بالإضافة إلى كونه بناية بسقف من الأميونت المعروف بأضراره الصحية، فالمكان رغم أهميته بالنسبة لسكان المنطقة المتواجدة بقلب المدينة، إلا أنه لم يستفد من أية عملية تهيئة منذ 31 سنة وهو تحديدا عمر المسجد الذي شيد على يد متطوعين في مكان كنيس يهودي قديم.
مسجد الشهداء الواقع بنهج بورفروف سليمان بحي المنظر الجميل قسنطينة يحتل موقعا مهما إذ يقع بين الحي المذكور و حي المحاربين، قبالة محطة المسافرين خميستي،  مع ذلك فهو يعرف ببساطة هندسته التي لا توحي بأنه مسجد لولا اللوحة المعلقة أعلاه، كما أنه يفتقر لمنارة مسجدية تميزه و تحيل الناظر إليه الى التفكير في خصوصيته الدينية، ناهيك عن أنه تضرر بشكل كبير مع مرور السنوات، وهو ما دعا القائمين عليه لطلب تدخل مسؤولي قطاع الشؤون الدينية في الولاية بغية تهيئته و إعادة الاعتبار له وهو مطلب أبدت ذات الجهة استعدادها لتلبيته بحسب ما أكده للنصر، مدير القطاع لخضر فنيط، موضحا بأنه قام بإرسال لجنة تقنية و سيعين على ضوء تقريرها مكتب دراسات و مقاول لمباشرة الأشغال.   
مسجد دون منارة منذ 31 سنة
وصلنا إليه عبر سلالم طويلة تتواجد بمحاذاته مباشرة، وحين وقفنا قبالته لفتت انتباهنا وضعية واجهته الرئيسية الأمامية، التي لا تقل سوءا عن واجهته الخلفية التي يغطيها شباك حديدي و صفائح قصديرية جزئها العلوي في ظل افتقار المرفق لنوافذ مهيأة و هي صورة لا تليق إطلاقا بصرح ديني.
عند ولوجه لا حظنا بأنه لا يزال يحتفظ بطابعه القديم الذي اختاره له متطوعون بنوه فوق انقاد كنيس يهودي سنة 1988،، فقاعة المصلين المخصصة للرجال في الطابق الأرضي، لا تزال صالحة للاستغلال عكس الفضاء الموجود في الطابق الأول، أين تم رفع سجاد الأرضية بعدما أغرقه تسرب المياه من السقف المغطى بصفائح خشبية و قصديرية تكسوها مادة الأمنيوت المسرطنة، وذلك بحسب ما علمناه من الإمام سليم بيدي، المسؤول على تسيير المسجد، و الذي أخبرنا بأن هذه المادة تشكل خطرا كبيرا على صحة المصلين، معلقا بالقول بأن الفضاء يغرق في المياه و يتحول إلى ما يشبه المسبح عند كل تساقط مطري.
مدرسة التعليم القرآني مغلقة منذ ثلاث سنوات
وضعية المائضة المخصصة للرجال لم تكن أحسن من وضعية قاعة الصلاة  فهي كذلك بحاجة إلى التهيئة، سواء في ما يتعلق بأبواب المراحيض أو بأحواض الوضوء، أما بالنسبة لمائضة النساء فلا يمكن وصف وضعها إلا بعبارة سيء للغاية، فهي مغطاة بالقصدير رغم تواجدها في الطابق السفلي من البناية بمحاذاة قسم التعليم القرآني، الذي يشار إلى أنه كان قد أغلق منذ نحو ثلاث سنوات حسب ما علمنا من إمام المسجد، وذلك بعدما بات غير صالح لاستقبال التلاميذ، الذي أوضح بأنه منذ توليه مسؤولية المسجد شهر جوان الماضي، قام بمراسلة والي الولاية و كذا مديرية الشؤون الدينية مطالبا بتهيئة المكان، لقناعته بأهمية المسجد كمؤسسة دينية و تربوية لها مكانتها في وسط أي مجتمع محلي أو حي، وقد تم بناء على مراسلاته، إيفاد لجنة تقنية عاينت وضعية المسجد  و وعدت بتحسينها مشيرا، إلى أن هنالك بعض المحسنين الذين أبدوا استعدادهم للمساهمة في عملية التهيئة و الترميم،  حتى أن منهم من تكفل بشراء سجاد جديد مؤكدا، بأنه يسعى لرد الاعتبار لهذا المسجد و بناء مئذنة يعلو منها صوت الحق، فضلا عن  نيته في   التخلص كليا صفائح الأميونت و القصدير و تعويضها بالاسمنت.

جولتنا داخل المسجد، كانت بمعية الإمام و أحد أعيان الحي، و هو الشيخ  صالح بومعزة، الذي يعد والده من بين المساهمين في بناء المكان، هذا الأخير أخبرنا  والده بشير، تطوع بعد الاستقلال رفقة رجال آخرين منهم السيد لخضر آيت، لهدم الكنيس اليهودي الذي بناه الاستعمار، و تشييد مسجد و مدرسة لتعليم القرآن بداله بإمكانياتهم الخاصة، علما أن البناية القديمة كانت تتميز بسقفها القرميدي الذي أزيل لغرض توسعة المرفق، خصوصا وأن الكثير من سكان الحي كانوا في انتظار المسجد الجديد الذي سيؤمهم بعدما كانوا يؤدون الصلاة في مدرسة خميستي، وهو ما تم بالفعل سنة 1989، عندما فتح هذا الفضاء الديني أمام جموع المصلين ، بالإضافة إلى ما يقارب  120 تلميذا غالبيتهم من أبناء الشهداء الذين قطنوا ثكنة السيليغان، وهو تحديدا ما جعل المواطنين يختارون له اسمه الذي يعرف به اليوم، مع ذلك فإن المكان لم يستفد منذ سنة 1990 من أية عملية تهيئة إذ أكد إمامه أنه وجده في وضعية كارثية يوم دخله أول مرة، كما لم  يعثر على وثائق تؤرخ لنشأته.                    أسماء بوقرن

الرجوع إلى الأعلى