تعرف تجارة الملابس النسائية التقليدية المصنوعة محليا بقسنطينة، انتعاشا في الفترة الأخيرة، وأصبحت هذه السلع تنافس المنتج المستورد من الصين وتركيا من حيث النوعية والسعر، حيث صارت
عدة ورشات تعتمد على ماكينات حديثة و تصاميم مبتكرة مع استعمال أقمشة ذات جودة، الأمر الذي زاد من إقبال الزبونات على «القندورة» المحلية.

روبورتاج: لينة دلول

و قمنا بجولة استطلاعية بمحلات بيع «القنادر» بشارع 19 جوان الواقع بوسط مدينة قسنطينة والمعروف بهذا النوع من التجارة، حيث يعتبر وجهة مفضلة للنساء طوال السنة وخاصة قبيل المناسبات المختلفة، إذ لاحظنا حركية كبيرة جدا عشية عيد الفطر وبدت المحلات ممتلئة عن آخرها، وقد كانت «الموديلات» المعروضة متنوعة وتمنح الزبونات إمكانية الاختيار بحسب الألوان وطريقة التطريز و نوعية القماش و التصميم.
أسعار لا تتجاوز 2500 دينار
وكانت أسعار معظم «القنادر» ذات النوعية الجيدة في المتناول و تتراوح غالبا بين 1000  و 2500 دينار، وما يلفت الانتباه هو اكتساح الملابس النسائية المصنوعة محليا رفوف المتاجر لتفرض نفسها بقوة، و تنافس المنتجات التركية و الصينية من حيث الجودة و السعر والتنوع، وسط إقبال كبير عليها من الزبونات مثلما لاحظنا وأكده لنا التجار.
وذكرت سيدة تحدثنا إليها، أنها تفضل المنتجات المصنوعة داخل الورشات المحلية خصوصا أنها ذات جودة، و تابعت قائلة «حتى المواد الأولية المصنوعة منها  من النوعية الجيدة، أما التصاميم فأصبحت تواكب الموضة».
النصر زارت إحدى ورشات صناعة الألبسة النسائية التقليدية الواقعة بمنطقة النشاطات في المقاطعة الإدارية علي منجلي، و قال لنا السيد عرفة طارق، مسير ورشة «بلاك روز»، إنه بدأ في هذا النوع من النشاط منذ أزيد من عقدين، حيث يحرص على إبراز بصمته الخاصة في تصاميمه التي تتميز بالبساطة وتتماشى في الوقت ذاته مع خطوط الموضة، كما أنه يقوم بتغيير تفاصيل «الموديلات» القديمة من خلال تغيير بعض التفاصيل، ومن أهم أنواع القماش التي يستخدمها لخياطة «القنادر» هي القطن، الفيبران، الحرير والكريب.  
ويتم بهذه الورشة التي يشتغل بها أكثر من 60 عاملا و عاملة، تصميم فساتين تتناسب مع الأذواق المختلفة، ويُعتمَد بالدرجة الأولى على الألوان الموسمية المطلوبة في السوق. وشرح لنا مسؤولون على المكان أن أول مرحلة يقومون بها، هي تفصيل وخياطة  فستان واحد بالطريقة التقليدية أي بالأيدي، بعد مراعاة الجانب الفني والجمالي، و بعد ذلك يتم التشاور حول  التعديلات المقترحة والتأكد إن كان «الموديل» يلبي احتياجات السوق ويحمل لمسة مبتكرة.بعد ذلك يوضع التصميم في البرمجيات الحديثة للحاسوب حيث تحدد المقاييس بدقة، ما سهل الكثير من مهام العمال، الذين يتم تقسيمهم إلى أفواج كل منها مكلف بمهمة معينة، ففي الطابق تحت الأرضي يتم قص الأقمشة حسب الأحجام المسجلة على نمط الخياطة مع مراعاة الخطوط المحددة على القماش وتنسيقها، أما الطابق الأرضي فيحتوي على آلة طرز أوتوماتيكية ويتحكم فيها عامل واحد.

و في الطابق الأول للورشة، قابلنا 21 خياطة كن منهمكات في استخدام ماكينات حديثة لحياكة مختلف أجزاء القماش بشكلها النهائي،  ثم إرسالها إلى  الطابق الثاني الذي  يعمل به 10 أشخاص مهمتهم إكمال مرحلة الإنجاز الأخيرة وذلك  بعد التأكد من سلامة القطع، أين تتم إزالة الشوائب و إضافة الإكسسوارات على الفساتين مثل الأزرار،  لتوجه  بعد ذلك إلى آلة الكي لتسويتها بالشكل المرغوب و فحص القطع للتأكد من خلوها من العيوب للمرة الأخيرة، بعد ذلك يتم طيها وتغليفها في أكياس مصممة خصيصا حسب حجم ونوع الملابس.
الجائحة تميل الكفة للصناعة المحلية
أما المرحلة الأخيرة  فيتم فيها وضع الشعار الخاص بالورشة قبل التعبئة، لتصبح بذلك جاهزة بنسبة 100 بالمئة، إذ توجه إلى  العديد من  نقاط البيع  التي يتم التعامل معها والموجودة في عدة مناطق بالجزائر على غرار وهران، تاجنانت و العلمة.
وقال صاحب الورشة إنه يحرص على استخدام ماكينات خياطة عصرية ورقمية قال إنها ذات جودة عالية، مضيفا أن الاعتماد على التكنولوجيا سهّل العمل وزاد من الإنتاجية، على عكس ما كان مسجلا خلال السنوات الماضية.
 وذكر المسير، أن علامته التجارية أصبحت معروفة بين التجار في قسنطينة والولايات الأخرى، وأضاف أن المنتج المحلي في مجال الألبسة النسائية التقليدية، صار اليوم ينافس المنتجات التركية و الصينية، بفضل الجودة والسعر، حيث تضاعف الإقبال بدرجة كبيرة وانتعش نشاطه في السنوات الأخيرة.
وأبرز المتحدث أن جائحة كورونا أمالت الكفة أكثر لصالح الملابس المصنعة في الجزائر، حيث تراجع خلالها اقتناء هذه السلع من البلدان الأجنبية بسبب ارتفاع تكاليف الاستيراد، فيما أكد أنه يحرص على بيع قطعه للتجار الذين لا يرفعون سعرها بشكل كبير، وذلك لكي تصل للزبونة بثمن في المتناول.
ل.د

 

الرجوع إلى الأعلى