ليلى غزال و قصة كفاح عمرها 23 سنة
 ليست من حاملات الشهادات و صاحبات الانجازات الكبرى في المجال المهني ، لم تحقق نجاحا مهنيا يحسب لها، لكنها استطاعت بجهدها و عرق جبينها أن تتمرد على ظروفها الاجتماعية الصعبة، ما صنع منها مربية و قدوة في الكفاح و التحدي و التضحية، فبعد وفاة والدها اضطرت ليلى غزال صاحبة 46 سنة، للخروج إلى الشارع، بحثا عن عمل شريف يسمح لها بإعالة إخوتها الصغار و تربيتهم،
 فقضت سنوات من عمرها كعاملة نظافة بالمؤسسات التربوية، قبل أن تلتحق بالمستشفى الجامعي بن باديس بقسنطينة ،قبل 17 سنة لتصبح جزءا من طاقمه الذي يعترف لها أفراده بإنسانيتها و طيبة قلبها قبل كل شىء.
تحملت مسؤولية أسرتها المتكونة من 8 أفراد ،جلهم إناث ، وهي في سن مبكرة،وبالرغم من أنها تعاني إعاقة حركية ،بنسبة 80 بالمائة على مستوى ساقها اليسرى، إلا أن شعورها بالمسؤولية تجاه أشقائها و والدتها المريضة، جعلها ترفع التحدي ،و تخوض سنوات من الكفاح و العمل المضني، كعاملة نظافة في إطار الشبكة الاجتماعية ،لتجعل منهم أفرادا ناجحين في المجتمع.
كانت بداياتها في قطاع التعليم الذي قضت بين مؤسساته حوالي خمس سنوات كاملة، قبل أن يتم تحويلها إلى مستشفى قسنطينة ،أين استفادت أخيرا من الإدماج، لتتخلص من هاجس العمل في إطار الشبكة الاجتماعية و الخوف الدائم من البطالة الذي كان يؤرقها ،كما قالت.
التقيناها بمصلحة الجراحة العامة ،بالمستشفى الجامعي، أين تعمل، حدثتنا عن قصتها، كامرأة تخلت عن أنوثتها ،و رغبتها في الأمومة لتتفرع لرعاية أشقائها، فرفضت بذلك الارتباط و تكوين أسرة لأنها نذرت حياتها لهم، حيث أكدت لنا بأنها لا تشعر بالنم على قرارها بل ينتابها شعور بالسعادة كلما رأت أبناءهم و هم يكبرون :» أحس بأنهم انجازي الأهم في هذه الحياة».
ليلى التي تخلت عن دراستها الثانوية، لتحمل عن الأم مسؤولية تنشئة ست فتيات و شقيق، لا تزال إلى اليوم تنتظر حصولها على سكن اجتماعي يمنحها الاستقرار و يكون لها و لوالدتها ملجأ من غدر الدنيا، كما عبرت، خصوصا وأنها لا تزال تعيش بمنزل والدها القديم بحي الزيادية بقسنطينة.
 أخبرتنا ليلى ، بأن وفاة والدها قبل 10 سنوات، كانت ضربة موجعة قلبت مسار حياتها و صنعت منها ما هي عليه الآن، مؤكدة بأن كل ما يحز في نفسها  هو عدم تمكنها من إكمال دراستها  و تحقيق أمنيتها بالنجاح، فقد تمنت منذ الصغر أن تواصل تعليمها و تتألق مهنيا لتعيش بشكل أفضل.
 حاليا لا يتعدى دخلها كعاملة نظافة، تعمل بدوام شبه كامل أسبوعيا ،18 ألف دج، وهو راتب ،قالت بأنه بالكاد يغطي احتياجاتها و مصاريف علاج والدتها، خصوصا وأنها لا تستفيد من أية منحة إضافية رغم أنها تحمل بطاقة المعاق ،و ذلك  لأنها معاقة بنسبة 80 بالمائة فقط ، زيادة على كونها مسجلة كعاملة، الأمر الذي يعقد وضعها بعدما اضطرت مؤخرا إلى إعالة شقيقتها المطلقة و صغيرها صاحب الثلاث سنوات.
 مع ذلك تعتبر ليلى غزال مثالا حقيقيا للتفوق الاجتماعي للمرأة التي رفضت الرضوخ لواقعها الصعب،  و أبت إلا المضي قدما في حياتها، حيث نجحت في إنقاذ أشقائها السبعة من الفقر و عبدت لهم لطريق نحو حياة أفضل ، و إن كان ذلك على حساب صحتها
و سنوات شبابها.
ن/ ط

الرجوع إلى الأعلى