تعرضت العشرات من القبور للتلف في مقبرة القماص بمدينة قسنطينة بعد حريق ضخم شب أول أمس خلال النهار وأخمد ليعود للظهور بصورة أكبر خلال الفترة المسائية، حيث قررت مديرية مؤسسة تسيير المقابر التابعة للبلدية إيداع شكوى ضد مجهول، كما ستقيم الأضرار من أجل إعادة إصلاحها.
وتنقلنا خلال الفترة الصباحية من يوم أمس إلى المقبرة، حيث وجهّنا الحارسُ إلى الجهة السفلى التي تعرضت بحسبه للضرر الأكبر، مشيرا إلى وجود مساحة صغيرة تعرضت لحريق قبل أيام وتم إخماده، لكنه نبه أن الحريق في الجهة السفلى قد نشب خلال الفترة النهارية وأخمد من طرف عناصر الحماية المدنية قبل أن يشب مجددا خلال الفترة الليلية. وقد نشر مستخدمون لمنصة التواصل الاجتماعي «فيسبوك» من السكان مقاطع فيديو تظهر حريقا ضخما وممتدا على مساحة معتبرة داخل المقبرة فضلا عن ألسنة اللهب المنتشرة في عدة أماكن، بينما كان يقوم بعض المواطنين بمحاولات للمساعدة على إخماده كما انتشرت رائحة النيران خلال الليل في عدة حياء مجاورة ووصلت إلى غاية سيدي مبروك مثلما أكده لنا سكان، في حين اتهم بعض المواطنين الزوار برمي القمامة وأعقاب السجائر في بعض الأحيان ما يتسبب في الحرائق خلال الفترة الصيفية.
ولاحظنا ونحن نسير نحو الجهة السفلى انتشار الحشائش اليابسة من «الخرطال»، على ضفتي المسلك الذي عبرنا من خلاله بين القبور المترامية، إلى أن بلغنا بقعة سوداء واسعة على الأرض وتظهر منها القبور مثل أشكال سوداء ناتئة من الأرض، في حين وجدنا أن الشواهد الخشبية هي أكثر ما تعرض للضرر خلال الحريق، الذي تسبب في انخفاض مستوى بعض القبور القديمة، بينما نجت قبور أخرى وبقيت على حالها رغم توسطها لقبور أخرى متضررة. وانتشرت في المكان كميات كبيرة من الرماد المترتب عن احتراق الحشائش اليابسة على الأرض، فيما تخوف بعض السكان من أن ترتفع في الهواء وتغمر الحي في حال هبوب رياح قوية.
وتنتهي مقبرة القماص إلى مساحة فلاحية واسعة عند جهتها السفلى، حيث لا يوجد حائط سياج فيها، فيما أخبرنا العمال أن عددهم قليل جدا في المكان ولا يكفي للتكفل بحفر القبور ومراقبة المرفق، كما أوضحوا لنا أن قبور المتوفين بفيروس كورونا ليست سهلة للحفر لأنها تتطلب حفرا واسعة تكفي لإدخال الصناديق فيها. واعتبر مدير مؤسسة تسيير المقابر لبلدية قسنطينة، عبد المجيد عامر، في تصريح للنصر، أن الحريق مفتعل، إذ «لا يعقل أن يندلع مرتين في يوم واحد، بعد أن أخمد خلال الظهيرة ليعود للظهور خلال الفترة الليلية»، مثلما قال، مضيفا أن المؤسسة ستودع شكوى ضد مجهول لدى مصالح الأمن، فيما ستقوم بتقييم الأضرار، بعد الانتهاء من كافة الإجراءات، من أجل إعادة إصلاح القبور المتضررة.
وأضاف نفس المصدر أن المؤسسة تعاني نقصا كبيرا في العمال والموارد المالية، بالإضافة إلى تشبع المقابر بشكل تام، حيث طالبت من قبل بغلق مقبرة القماص والمقبرة المركزية وزواغي وتوجيه عمليات الدفن إلى مقابر أخرى واقعة ضمن الحدود الإدارية لبلدية قسنطينة، على غرار مقبرة ابن الشرقي وجبل الوحش، في حين أوضح أنه لا يمكن معرفة العدد الدقيق للقبور الموجودة فيها لأنها مستعملة منذ القدم في الدفن، حتى أن بعض المساحات التي تبدو شاغرة تخرج عظاما بمجرد الشروع في الحفر فيها، مثلما أكد المدير، مشيرا إلى أن المساحة الفلاحية الشاغرة المجاورة لمقبرة القماص ملكية خاصة وقد منع أصحابها البلدية من إنجاز حائط سياج.  
سامي .ح

الرجوع إلى الأعلى