تزايدت حدة التصدعات في غالبية البنايات المهترئة بحي 20 أوت بعوينة الفول بوسط مدينة قسنطنية، حيث حذر  سكان من خطر حدوث انهيارات قد تؤدي إلى ما لا يحمد عقباه، في حين سجل توسع للتشققات بعدد من المنازل إثر الهزة الأرضية التي رصدت قبل أيام ببلدية الحروش بولاية سكيكدة المجاورة، إذ يؤكد سكان المكان أن آثارها قد امتدت إلى البيوت الهشة جدا في الحي الذي يصنف ضمن المناطق الحمراء للانزلاقات.
و وقفت النصر أمس، في   حي 20 أوت 1955 بعوينة الفول الأعلى، على تدهور كبير للمباني والسكنات التي يؤكد سكانها أنها أنجزت قبل أزيد من 150 عاما، إذ كانت بداية جولتنا من أحد المنازل بمدخل الحي، حيث وقفنا على وجود تصدعات عميقة سواء في السقف أو في الجدران، في حين كان سقف دورة المياه منهارا وكذلك جزء من الأرضية تمت تغطيته بقطعة من الخشب.
وأكد صاحب المنزل أن التصدعات العميقة موجودة من قبل لكن صبيحة الزلزال انهارت أجزاء أخرى من السقف كما توسعت التشققات، وهو ما اضطره إلى نقل أفراد عائلته إلى منزل أقارب لهم، في حين ظل هو في المنزل المتكون من مطبخ ضيق جدا لا يتسع حتى لوضع ثلاجة وطاولة، فضلا عن غرفة يشترك فيها أربعة أفراد وفناء صغير وجدنا صاحبه يقوم بغسل الأواني فيه، أما دورة المياه فقد انهارت، كما ذكر المتحدث أنه من سكان الحي القدامى وتم إحصاؤه في 2011 لكنه لم يستفد من عمليات الترحيل المتتابعة رغم امتلاكه لكل الوثائق التي تثبت أحقيته بالاستفادة، مثلما أكد.
وولجنا إلى أحد المنازل المقابلة لمحطة توقف سيارات الأجرة التي تنقل إلى بلدية ابن زياد، حيث أن البناية التي تعود ملكيتها للدولة قد أنجزت عام 1853 وفق ما لاحظناه في المدخل الرئيسي، كما تقطنها 7 عائلات أكدت أن البناية تكاد   تسقط فوق رؤوس أفرادها كما ازداد خوفها صبيحة الأحد الماضي الذي تصادف فيه الاضطراب الجوي مع الهزة الأرضية التي أحس بها سكان الحي بقوة، لتكون النتيجة توسعا في تشققات الأسقف والجدران بمنازل تقول العائلات إنها تقطنها منذ عشرات السنين، فيما طالبت ربات بيوت بضرورة تدخل السلطات «وترحيلهن من المنزل الآيل للسقوط في أي لحظة».
ونحن نتجول بالحي، كان كل من يلتقي بنا يدعونا إلى دخول منزله والوقوف على الانهيارات و الانزلاقات المسجلة من حين إلى آخر، فقد كانت جل المباني القديمة في وضعية سيئة جدا كما وقفنا على انهيارات وتصدعات حديثة يؤكد سكان تلك المنازل على أنها بسبب الهزة الأرضية الأخيرة.
تخوفات من  تكرار الانهيارات المفاجئة
و وقفنا بكل السكنات التي ولجناها، على تدهور كبير في مختلف الأجزاء بسبب الانزلاقات الخطيرة التي تظهر للعيان، في حين وجدنا أطفالا يلعبون ويتنقلون وسط بنايات هشة جدا انهارت حتى أرضياتها وسقطت أسقفها، فيما وجدنا عائلات تقطن أقبية مقسمة إلى غرف ضيقة جدا تنعدم بها التهوية و تنبعث منها روائح الرطوبة، إذ لا توجد بها أي نافذة أو باب يطل على العالم الخارجي، في حين تشترك عدد من العائلات في دورة مياه واحدة  ، لاسيما وأننا وقفنا ببناية على استعمال 12 عائلة لمرحاض واحد.
وحذر أرباب  عائلات من خطر حدوث انهيارات مفاجئة مثلما حدث العام الماضي والتي راحت ضحيتها امرأة سقط السقف على رأسها، في حين أن فتاة صغيرة أصيبت بجروح على مستوى الرأس، مشيرين إلى أن الصدأ قد أكل الحديد الحامل للأسقف، كما وقفنا على انهيار في سقف البناية 31 إذ تزامن وجودنا مع عملية رفع الردوم.
وذكر رئيس جمعية الحي، سياري زهير، الذي رافقنا طيلة جولتنا  بالحي، أنه تم إحصاء أزيد من 330 عائلة متضررة في عام 2011 وتم تقديم قائمة اسمية بالإثباتات الاجتماعية والتي تؤكد، كما قال، أن المعنيين من السكان الأصليين للحي، إذ كان من المفترض أن يرحلوا عام 2016 إلى الوحدة الجوارية 16 لكن الأمر لم يتم لأسباب تتعلق بتسيير الملف من طرف الجمعية السابقة، كما أطلعنا على الخبرة التقنية التي أعدها خبير عقاري للحي فضلا عن تقارير المندوبية البلدية سيدي راشد التي تشير فيها إلى خطورة الوضع على مستوى العديد من البنايات.
وأضاف المتحدث، أن غالبية السكنات تعود ملكيتها للدولة ومسيرة من طرف ديوان «أوبيجي»، حيث أن سكان تلك البنايات يدفعون الإيجار منذ سنوات، كما أكد أنهم قدموا تعهدات بالتنازل عن المنازل ووضعها تحت تصرف السلطات تفاديا لأي اختلالات.
وأكد رئيس الجمعية، أن رئيس الدائرة السابق والحالي مطلع على الوضع، كما أن الوالي قد زار الحي قبل حوالي أسبوعين واطلع على وضعيات السكان، مشيرا إلى أن لجنة مكونة من الدائرة والبلدية والسكن قد أعادت إحصاء المعنيين كما وقفت على الأضرار البليغة، والجائحة عرقلت عملية الاستفادة التي تتطلب حسبه، تحركا مستعجلا لإنقاذ مئات العائلات من خطر الموت.
لقمان/ق  

الرجوع إلى الأعلى