أصدرت قاضي محكمة الجنايات بمجلس قضاء قسنطينة، في ساعة متأخرة من مساء الأربعاء الماضي، حكما ابتدائيا بالسجن لـ 15 عاما في حق قاتل ابن عمته بحي بوالصوف، خطأ، بعدما كيفت القضية ضدَّه من القتل العمدي إلى الضرب والجرح العمدي المفضي للوفاة دون قصد إحداثها، فيما تمَّت تبرئة اثنين آخرين من تهمة المشاركة.
وقائع القضيَّة تعود إلى ليلة 30 سبتمبر من سنة 2017، عندما استقبل المستشفى الجامعي بقسنطينة شابا عليه آثار الضرب على وجهه، ولدى تبليغ مصالح الضبطية القضائية، تمَّت مباشرة التحقيقات، وتبيَّن وقوع شجار بين الضحية «ف.الطاهر» و ابن خاله المتهم الرئيسي «م.هـ» 38 عاما، ليمكثَ المريض بمصلحة العناية المركزة حوالي 50 يوما ويفارق الحياة متأثرا بما حدث له، وبدأ على إثر ذلك البحث عن الجناة، خاصة «م.هـ» ومرافقاه اللذان كانا حاضرين يوم وقوع الشجار بين الضحية والمتهم الأوَّل، وذلك ببيت هذا الأخير الواقع بأحد أحياء منطقة بوالصوف.
و تبعا لما ورد بقرار الإحالة، فقد صدر أمر بالقبض والإحضار في حقّ «م.هـ» بعدما تبيَّن وجوده بدولة تونس، حيث أوقف بعين اسمارة، وتم اقتياده للتحقيق، وحسب ما صرح به، فإنَّ ابن عمَّته «ف.الطاهر» كان يلازمه في العمل ويبيت أحيانا ببيت خاله ببوالصوف، ويعتبره بمثابة شقيق له، مضيفا أنه و يوم الوقائع، كانا في حفل زفاف، وعند رجوعه إلى البيت، وجد ابن عمته ينتظره بالحي، فركب معه السيارة، وتوجَّها إلى البيت العائلي،  هناك حدث بينهما شجار لم يحدّد المتهم سببه، واكتفى بالقول أنّه رفض إقراض الضحية المال لشراء دراجة نارية.
وبعد تلاسن الطَّرفين، نزلا من السيارة، وتشاجرا، فوجَّه الضحية ضربة برأسه للمتهم الرئيسي، ليقوم الأخير بلكمه عدَّة مرات على الوجه، وفي هذه اللحظة، كان المتهمان الآخران «د.م» و»م.م» خارجا ينتظران «م.هـ»، لإتمام معاملة بيع سيارة، والسفر نحو سطيف، فتدخَّلا وفضا الشجار بين القريبين، قبل أن يقف الثلاثة مندهشين عندما لم يحرِّك الضحية ساكنا، ليقوم «م.هـ» و»م.م» بنقله إلى إحدى العيادات المحلية ببوالصوف، على حدَّ تصريحاتهما، حيث تركاه هناك، وتوجَّها إلى مستشفى «البير» ليخيط «م.هـ» جرحه على مستوى الفم.
أما المتهم الثالث «د.م»، فقال إنه لم يكن في حالة قرار، بل توجَّه إلى ورقلة للقيام ببعض أموره، فيما ذكر «م.م» أنه توجه إلى مصالح الأمن بعدما تمَّ استدعاؤه مباشرة، و قد صرَّح كلاهما أنهما قدما المساعدة للضحية، ثم انصرفا لأمورهما الخاصة.
القاضية حاولت معرفة مدى مشاركة المتهمين «د.م» و»م.م» في الجناية، و سبب عدم مكوثهما مع الضحية في العيادة، بعدما نقل إليها وهو في حالة إغماء، بينما تمسك المتهم الرئيسي «م.هـ» بوجود خلاف حول منح الأموال لابن عمته من أجل شراء دراجة نارية، فيما قالت أمَّ الضحية أنّ ابنها يدين للمتهم بـ 9 ملايين سنتيم كان قد أقرضها له، ورفض إرجاعها.
محامي الطَّرف المدني رافع حول قصد ارتكاب الجناية والقتل من قبل المتهم، ومشاركة المتهمين الآخرين في القضية، كما التمس النائب العام عقوبة 20 عاما سجنا للجميع، أما أحد محامي المتَّهم الرئيسي فأثار ما جاء في مضمون تقرير الطبيب الشرعي، الذي أشار إلى عدم وفاة الضحيّة جراء الضرب، وإنَّما لإهمال طبِّي بسبب أنبوب اصطناعي وضع للمريض لدى استقباله بالعناية المركَّزة، وانتشار فيروسات بلغت الرئتين، أدَّت لوفاته، حسب الدفاع.
ف/ خ

الرجوع إلى الأعلى