مواطنون يلجأون للمساجد و آخرون يقضون حاجتهم في العراء

تعرف قسنطينة نقصا فادحا في المراحيض العمومية، كثيرا ما يدفع بمن يدخلها للجوء إلى بدائل غير لائقة شوهت منظر الأزقة و الشوارع الرئيسية، و زادت من المتاعب الصحية للمرضى و كبار السن، إذ تشير الأرقام إلى أن المدينة تتوفر على مرحاض عمومي واحد فقط لكل 15 ألف نسمة، رغم أنها تستقطب مئات الزوار من الجزائر و خارجها، سيما بعد اختيارها عاصمة للثقافة العربية.
و تعتبر المراحيض العمومية مرفقا صحيا مهما بالمدن الكبرى، حيث تخضع للعناية و المراقبة المستمرة، غير أن مدينة بحجم قسنطينة التي يعيش بها حوالي 400 ألف نسمة، لا تتوفر إلا على 24 مرحاضا عموميا، وهو ما يعني أن أزيد من 15 ألف نسمة يشتركون في مرحاض واحد، و بالرغم من أن اسمها يقترن بكلمة «عمومية»، إلا أن أغلب المراحيض المنتشرة بمدينة قسنطينة، تقع بنقاط بعيدة عن الحركة أو معزولة، إلى درجة أن هناك مراحيض عمومية لا يعرف مكانها سوى أبناء وسط المدينة الذين ليسوا في حاجة إليها، مثل الموجود خلف محطة الحافلات بحي مسعود بوجريو المعروف محليا بـ «سان جون»، أو قرب القرض الشعبي الجزائري بحي 19 جوان «شارع فرنسا».
و الملاحظ أن استعمال المرافق المُتاحة مقتصر على فئة معينة مثل النساء، و الشيوخ و المرضى، إلى جانب عدد قليل من الشباب، بينما لا يجد من تبقوا حرجا في قضاء حاجتهم في العراء، ما حول الكثير من النقاط بوسط المدينة إلى أماكن للتبول، على غرار ما هو مسجل في الأنفاق الأرضية، محطة كركري سابقا، و كذا على مستوى السلالم الرابطة بين حي مسعود بوجريو و قيطوني عبد المالك.

20 دينارا لدخول مراحيض قديمة و ضيقة

و تعد شريحة الشيوخ و مرضى السكري من أكثر الفئات التي تعاني من النقص الكبير للمراحيض العمومية في المدن، و هو ما يجعلهم دوما في رحلة البحث عن بدائل أخرى كالمقاهي و المساجد التي تظل أبوابها مفتوحة، و يقول عمي السعيد وهو في الـ 63 من العمر، بأنه مصاب بمرض السكري و غالبا ما يجد صعوبة في إيجاد مرحاض عمومي، و حتى إن وجد فالكثير منها غير نظيف و  تنتشر به روائح كريهة، لعدم وجود تهوية جيدة أو لعدم خضوعه لعمليات تنظيف بطريقة مناسبة، و يضيف الشيخ أنه أصبح يلجأ إلى المسجد من أجل قضاء حاجته مثل ما يفعله الكثيرون، معلقا «في إحدى المرات وجدت نفسي مضطرا للدخول إلى إحدى المتاجر من أجل الاستراحة حيث لم أجد أين أقضي حاجتي.. لقد بلغنا وضعا لا نحسد عليه».
محمد طالب جامعي يعتبر أن نقص المراحيض العمومية، يعكس طريقة تفكير السلطات التي تبحث حسبه عن المشاريع الضخمة و تهمل الهياكل الأساسية، حيث أنه يفضل التوجه للمقهى أو للمسجد لقضاء حاجياته البيولوجية عوض دخول المراحيض العمومية القليلة و غير النظيفة، أما بوبكر وهو عامل بمقهى وسط المدينة فيقول: «يكاد مرحاض المقهى لا يتوقف، فالمئات من الأشخاص يدخلونه يوميا، منهم زبائن و أغلبهم من الغرباء وعابري السبيل، بسبب قلة هذه المرافق، كما أنهم يفضلون المقهى عوض دخول المرحاض العمومي بـ 20 دينارا، حيث يسددون هذا المبلغ عندنا مقابل قهوة أو شيء آخر، ما دمنا نقدم هذه الخدمة مجانا.»
تشترك أغلب المراحيض العمومية التي دخلنا إليها في قدمها الشديد، بحيث لم تجدد منذ سنوات طويلة، و لا تزال تعتمد على الأبواب الخشبية، على غرار مرحاض شارع عبان رمضان، الذي تعرضت بعض أجزائه السفلية للاهتراء جراء كثرة الاستعمال، و هي نفس الصورة تقريبا برحبة لجمال، كما أن كافة المراحيض التي دخلنها بكل من رحبة لجمال، مسعود بوجريو، باب القنطرة و حتى محطة المسافرين الغربية، ضيقة و يقوم فيها الزبون بنقل الماء من خزان إلى الداخل، حيث لا تتوفر على نظام ربط بالماء، زيادة على هذا فإن أغلب المراحيض العمومية يعود للحقبة الاستعمارية، و لا تتناسب مع متطلبات ذوي الاحتياجات الخاصة.

برمجة 10 مراحيض لاستقبال ضيوف عاصمة الثقافة العربية

مدير الانجازات ببلدية قسنطينة أكد  أنه و في إطار المشاريع المتزامنة مع تظاهرة قسنطينة عاصمة الثقافة العربية، برمجت البلدية إنشاء 10 مراحيض عمومية في نقاط عدة من المدينة، كل واحد منها يحوي 6 مراحيض، مضيفا أن كل مرفق منها يكلف بين 600 و 700 مليون سنتيم، و هي عملية قال المسؤول أنها انطلقت منذ مدة، حيث قامت لجنة مكونة من عدة هيئات منها البلدية، سونلغاز و سياكو، باختيار قطع أرضية لهذه المشاريع، و قد شرع في انجاز مرحاض عمومي على مستوى ساحة دنيا الطرائف، في انتظار إتمام مرفقين مشابهين على مستوى حديقة بن ناصر و باب القنطرة.
أما عن باقي المشاريع السبعة التي تنتظر، أوضح ذات المسؤول أن مؤسسة كانت قد أسندت لها العملية سابقا و تأخرت في عملها، وهو ما دفع لإسناد ما تبقى من مشاريع للمقاول الذي أظهر سرعة في العمل بالمراحيض الثلاثة الأخرى، حيث ينتظر الحصول على موافقة الوالي بخصوص طلب عقد استشارة مع المعني، مضيفا أنه و في حال عدم الموافقة فإن البلدية ستلجأ للإعلان عن الصفقة في الجرائد بعد أسابيع.    

  عبد الله.ب/تصوير: شريف قليب

 

الرجوع إلى الأعلى