دعا، أول أمس، مشاركون في يوم دراسي حول حماية الطبيب والطب الشرعي بمجلس قضاء أم البواقي، إلى ضرورة تمكين الطبيب الشرعي من معاينة الجثث في مسرح الحوادث التي تكون فيها، مع معاينة سلاح الجريمة إذا تعلق الأمر بذلك و إجراء فحص خارجي للجثث، تجنبا لعمليات التشريح التي لا طائل من ورائها، إلى جانب الدعوة لتوفير الوسائل المادية لعمل الطبيب الشرعي على غرار فتح فروع لمخابر لإجراء التحاليل السّمية، مع المطالبة بالإسراع في إنشاء المصالح الخارجية، المكلفة باستقبال شكاوى المواطنين والمرضى في حال وجود خلافات ونزاعات مع الطواقم الطبية.
اليوم الدراسي المنظم من طرف رئاسة مجلس القضاء، تضمن عدة مداخلات في مجالات متباينة حول الحماية القانونية للأطباء والطاقم الطبي من تقديم أحد وكلاء الجمهورية التابع لنيابة مجلس قضاء أم البواقي، ومداخلة حول تقرير تشريح الجثة انطلاقا من الشهادة الطبية والضوابط والنتائج من تقديم الطبيب الشرعي تريعة عماد وصولا للدليل العلمي في الإثبات الجنائي من تقديم قاضي التحقيق بمحكمة أم البواقي، عكيك عنتر.
و انتهى اليوم الدراسي، برفع عديد التوصيات للجهات المركزية على أمل الاستجابة لها و تجسيد بعض المقترحات و الحلول حماية لممتهني الصحة من جهة و ضمانا لتقارير نوعية في محتواها للمختصين في الطب الشرعي، ففيما يتعلق بالإشكالات العملية و العلمية المتعلقة بالطب الشرعي، ذهبت لجنة صياغة التوصيات أنه و نظرا لأن الدليل العلمي أصبح ضرورة و جازما من أهميته في مرحلة التحريات الأولية للضبطية القضائية، أين يتعين تواجد الطبيب الشرعي في مسرح الجريمة فور تكليفه قانونا من الجهة القضائية المختصة تطبيقا لنص المواد 62 و 49 من قانون الإجراءات الجزائية بخصوص اصطحاب أشخاص مؤهلين لمعاينة الوفاة، أي المعاينات التي لا ينبغي تأخيرها كونها مرتبطة بعمليات التشريح أو الدفن دون تشريح، عملا بنص المادة 82 من المرسوم 75/172 المتعلق بحفظ الجثث ودفن الموتى.
تفاديا لعمليات تشريح الجثث لا طائل منها، أشارت التوصيات أنه يتعين تعزيز التنسيق بين جهاز العدالة والطبيب الشرعي لإجراء فحص خارجي للجثة وتحرير شهادة الوفاة قبل البت في إجراء التشريح من عدمه دون إهمال جوانب أخرى وأحقية يتحكم بها عناصر ملف القضية، كما يتعين على الطبيب عدم الاكتفاء بذكر أن الوفاة بشهادة الفحص الأولي ثابتة وحقيقية بل تحديد طبيعتها بدقة، إضافة إلى ضرورة توفير الوسائل المادية المساهمة في تسهيل عمل الأطباء الشرعيين، ولاسيما توفير مخابر التحاليل السُّمية والتشريح الطبي على مستوى كل ولاية على الأقل، تفاديا لطول مدة التحصل على النتائج لوجود مخبر واحد للأدلة الجنائية بالعاصمة مخول بهذه التحاليل تتوفر فيه كل الشروط العلمية المطلوبة.
و في ما يتعلق بالإشكالات القانونية ذات الصلة بموضوع حماية ممتهني الصحة وكذا الطب الشرعي، تمت الدعوة لضرورة النشر الواسع للقانون 01/20 المؤرخ في 30 يوليو سنة 2020، المعدل والمتمم لقانون العقوبات في العدد 44 للجريدة الرسمية لسنة 2020 و ذلك عبر جميع وسائل الإعلام نظرا لأنه منذ صدور القانون لوحظ انحصار ملحوظ في ما يخص جرائم الاعتداء على الأطقم الطبية مما يعني استجابة التشريع للواقع المعاش و كذا ضرورة التنويه على مبادئ العلاقة بين الطبيب و المريض في ضوء قانون الصحة 18/11 المؤرخ في 2 يوليو 2018 المتعلق بالصحة، بضبط العلاقة بين الطبيب و المريض و آليات الاحتجاج المسموح بها قانونا طبقا لنص المادة 28 من نفس القانون و التي بموجبها يحق لكل مريض أو لكل شخص مؤهل لتمثيله إيداع طعن في حالة خرق حقوقه لدى لجنة الصلح و الوساطة المنشأة على مستوى المصالح الخارجية، حسب الكيفيات المحددة عن طريق التنظيم و طبقا لنص المادة 446 من ذات القانون و التي منحت مهلة سنتين لإنشائها، أي ضرورة الإسراع في إنشاء هذه المصالح لما لها من فائدة في تسوية كثير من الانشغالات و تفاديا لكثير من الانزلاقات.
يطرح الأطباء الشرعيون وجود فراغ قانوني ينظم مهنتهم لتفادي تداخل صلاحيات الأطباء مع إمكانية توفير الطبيب الشرعي في الهياكل الاستشفائية العمومية على مستوى كل دائرة على الأقل وهذا يتأتى بمراجعة نص المادة 201 من قانون الصحة 18/11.
أحمد ذيب

الرجوع إلى الأعلى