سلّطت محكمة الجنايات الابتدائية بمجلس قضاء أم البواقي، في ساعة متأخرة من عشية أمس الأول، عقوبات بالسجن النافذ، في حق أفراد شبكة وطنية مختصة في سرقة السيارات السياحية، من بين ضحاياها مؤسسات عمومية وخاصة، على غرار سيارة تابعة لحظيرة ولاية أم البواقي والتي سُرقت إلى جانب سيارة المؤسسة الجهوية للهندسة الريفية وسيارة شركة خاصة في إنتاج الأدوية يتواجد مقرها بالرغاية بالجزائر العاصمة.
هيئة المحكمة قضت بإدانة كلا من المتهمين (ب.ر) و(م.م) بعقوبة 7 سنوات سجنا نافذا وأدانت المتهم المنحدر من منطقة بئر العرش بولاية سطيف المسمى (م.ع) بعقوبة 5 سنوات سجنا نافذا، وقضت غيابيا بإدانة المتهم الرئيسي المتواجد في حالة فرار المدعو (ب.ي) بعقوبة 20 سنة سجنا نافذا، وبرّأت ساحة صاحب محل لتركيب لوحات ترقيم السيارات بمدينة عين البيضاء المدعو (ش.م.إ)، مع تبرئة ساحة المتهمة المسماة (ص.أ) زوجة المتهم (م.مهدي)، وتوبع المتهمون جميعا بجنايتي تكوين جمعية أشرار بغرض الإعداد لارتكاب جنايات والسرقة المقترنة بظروف الليل والتعدد واستعمال مفاتيح مصطنعة واستحضار مركبة ذات محرك بغرض تسهيل الفعل والهروب، وفي الشق المدني تم إلزام المتهمين المدانين بتعويض الضحايا بمبلغ إجمالي قارب ملياري سنتيم، من جهتها ممثل النيابة العامة التمس توقيع عقوبة 15 سنة سجنا نافذا و500 ألف دينار لجميع المتهمين.
القضية عالجتها نهاية شهر جانفي من السنة الماضية، المصلحة الولائية للشرطة القضائية بأمن ولاية أم البواقي ممثلة في فرقة البحث والتدخل وفرقة قمع الإجرام وكذا فرقة مكافحة الاتجار غير الشرعي بالمخدرات، أين تمكنوا من الإطاحة بشبكة إجرامية وطنية مختصة في سرقة المركبات السياحية من نوع «رونو سامبول» و»داسيا ستاب واي» و»بيجو بارتنار»، مع توقيف 3 أشخاص وحجز مركبتين ومجموعة من المعدات والأغراض تستعمل في هذا النشاط، وتمت معالجة القضية على إثر تسجيل مصالح الشرطة لعدة قضايا متعلقة بسرقة مركبات سياحية بإقليم ولاية أم البواقي، ليتم على الفور وضع خطة عمل محكمة التنسيق تم من خلالها الترصد للمشتبه فيهم، أين تم توقيف شخصين ينحدران من مدينة عين البيضاء، وبمواصلة التحقيق في القضية تم التوصل إلى تحديد هوية العنصر الثالث وتوقيفه والذي ينحدر من مدينة عين فكرون، وبعد اتخاذ كافة الإجراءات القانونية اللازمة تم تفتيش منازل المشتبه فيهم والعثور بداخلها على معدات ووسائل تستعمل في السرقة وكذا بعض الأغراض تعود للضحايا كانت مخبأة داخل مركباتهم المسروقة.
التحقيقات الأمنية أثبتت ضلوع عناصر الشبكة في عديد السرقات التي استهدفت عديد المركبات السياحية، أين يمتد نشاط الشبكة وطنيا من خلال عنصرها الفار المسمى (ب.ي) والذي تبين بأنه يتنقل بين عناصر الشبكة الذين يقوم بإقحامهم للعمل لصالحه باستعمال هويتين وكنية أخرى، تجنبا للمتابعة القضائية، كما اتضح بأن المعني يقوم في كل مرة بالتنقل عبر ولايات مختلفة عبر الوطن، ويستأجر له سكنات يقوم بواسطتها بالتحضير رفقة عناصر الشبكة والتخطيط لعمليات السطو، مع تنفيذ العمليات ليلا، والفرار بواسطة المركبات المسروقة، التي يعاد بيعها دون أن يتم تفكيكها، فالشبكة تقوم باصطياد العصافير النادرة، من خلال رصدها لمركبات جديدة ونظيفة الهيكل، على أن يتواصل الترصد إلى غاية معرفة مكان ركن المركبات ليلا، وتبين بأن جل العمليات نفذت في فترة الحجر الصحي لسنة 2020، أين كُثفت عملية السطو خلال شهر نوفمبر من نفس السنة، واستهدفت العديد من المركبات، ومنها مركبة تابعة لولاية أم البواقي من نوع «رونو سامبول» أين كان سائقها يستعد للتنقل في مهمة لولاية المسيلة، وكذا استهداف مركبة «إكسبراس» تابعة للمؤسسة الجهوية للهندسة الريفية «الهضاب»، وسيارة أخرى تابعة لشركة الأدوية «بيوفارم» بالرغاية في العاصمة، إلى جانب استهداف سيارة أستاذة تعليم ثانوي من نوع «ستاب واي» وسيارة من نوع «بارتنار تيبي» لدركي متقاعد وسيارة كذلك من صنف «دسيا ستاب واي» لمهندس معماري، أين اتضح بأن عناصر الشبكة يستعملون مفاتيح مصطنعة وبطاقات ذاكرة لفتح المركبات المستهدفة، أين نجحوا في فتح وتشغيل محركات جميع السيارات المستهدفة دون إحداث كسور، كما اتضح بأن كل فرد ينجح في سرقة سيارة يتم تسليمه مبلغ 10 ملايين سنتيم، نظير المركبة التي قام بسرقتها.
المتهم (م.م) المنحدر من مدينة عين البيضاء، كشف بأنه التقى شريكه في عمليات السطو المتهم الآخر (ب.ر) في المؤسسة العقابية، أين كان متابعا في قضية سرقة مصوغات ذهبية، مشيرا إلى أن شريكه عرفه على المتهم الفار (ب.ياسين) الذي يدعى كذلك (م.ح) ، مبينا بأن الأخير عرض عليهم سرقة السيارات مقابل تقاضيهم مبلغ 10 ملايين سنتيم لكل سيارة يقوم كل واحد بسرقتها، وتم الاتفاق على أنواع السيارات التي يتم استهدافها، ومنها «ستاب واي» و»رونو سامبول» و»بارتنار تيبي»، وأضاف المتحدث بأنه يتنقل رفقة شريكه والمتهم الفار لتحديد السيارة، ومراقبتها ثم تتم عملية السطو، والفرار بالسيارة المسروقة نحو إقليم مدينة عين مليلة، وأحيانا باتجاه مدينة شلغوم العيد بميلة، أين يتولى المتهم الفار فتح وكشف الطريق أمامهم، وأكد المتهم بأنه لا يعلم هوية أصحاب المركبات، والاختيار يتم بحسب الصنف الذي حدده المتهم الفار، وهو الذي يعاين المركبة قبل سرقتها، وأنكر المتهم تورطه في سرقة مركبات أخرى، مبينا بأنه تحصل فقط على ما مجموعه 40 مليون سنتيم من كل السرقات التي قام بها، مؤكدا بأن زوجته وأم ابنته، لا تعلم بتورطه في عمليات السطو، كما أن لقاءه بشركائه في القضية بمنزله، يكون في غيابها، وعند علمها بحضور أصدقائه، يوهمها بأنه و شركاؤه في مشروع مستودعه لتربية الدواجن، وواجهت قاضية الجلسة المتهم بتصريحه الذي حاول تجنبه، والمتعلق بتورط المتهم (م.ع) ابن مدينة بئر العرش بسطيف، معهم في عمليات السطو، أين أكد بأن المتهم كنيته «بايبو» وهو الذي تتطابق مواصفاته مع المتهم نفسه.
أما المتهم الآخر (ب.ر) فأوضح بأنه التقى بشريكه (م.م) في المؤسسة العقابية، مبينا بأن المتهم (ب.ي) الذي يتمشى بعدة أسماء، هو من اتصل به وعرض عليه مشاركته في سرقة المركبات، بعد أن استأجر له منزل شقيقه بعين فكرون، وكان قبلها قد منحه مبالغ مالية متفاوتة دون سبب، وكان قد قدم لعين فكرون على متن «بارتنار تيبي» أعلمه فيما بعد بأنها مسروقة من الجزائر العاصمة، وأوضح المتهم بأنه تورط في عدة سرقات مقابل مبلغ 10 ملايين سنتيم يستلمه عن كل سيارة يسرقها، أما المتهم المكنى «بايبو» فأشار بأنه على خلاف مع المتهم (م.م) وهو الخلاف الذي جعله يورطه في القضية، من جهتها المتهمة (ص.أ) أكدت بأنها انفصلت عن زوجها المتهم (م.م) لما علمت بتورطه في سرقة المركبات، نافية علمها بمضمون لقاءات زوجها بشركائه في منزلها، وعن سيارة «كيوكيو» المسجلة باسمها، أوضحت بأن زوجها كان قد قرر بيعها لإتمام مشروع مستودع الدواجن، فمنحته حليها مقابل أن يسجل السيارة باسمها، أما المتهم الآخر صاحب محل لتركيب لوحات الترقيم وتزيين المركبات بعين البيضاء، فأوضح بأن صديقه المتهم (م.م) هو من أقحمه في القضية، مشيرا بأنه غير لوحة ترقيم مركبة واحدة للمتهم ومسجلة باسمه وهي سيارة «كليو» دون أن يتورط في تغيير لوحات ترقيم المركبات الأخرى، من جهته نقل الضحايا حجم المعاناة التي سببها عناصر الشبكة وكذا حجم الصدمة التي تسببوا فيها، فالأستاذة بالتعليم الثانوي (ب.م) أشارت بأنها كادت أن تصاب بشلل في وجهها نتيجة سرقة سيارتها «ستاب واي» التي ملكتها يوما واحدا، في حين أشار الضحية (خ.م) بأن سرقة مركبته ستاب واي» شمل كذلك ملف المركبة ووثائق أفراد عائلته ومنها ملف عمل يرجع لابنه، أما الدركي المتقاعد (ب.ب) فبين بأنه قضى ليلة في منزل صهره، ليتفاجأ باختفاء سيارته «بارتنار « في اليوم الموالي، مبينا بأنه تنقل لعديد الولايات بحثا عنها.
 أحمد ذيب

الرجوع إلى الأعلى