استعادت حديقة، مصطفى سرايدي، بمدينة قالمة، بهجتها و زوارها من جديد، بعد إغلاق استمر طويلا لإنجاز مشروع للتطوير، غيّر هندسة الحديقة وصارت على قدر كبير من الجمال والجاذبية، بعد أن كادت تفقد شهرتها ومكانتها التي كانت عليها منذ ما يزيد عن 140 عاما.
الحديقة التي تتربع على مساحة تقارب 10 آلاف متر مربع صارت اليوم قبلة لسكان المدينة و زوارها الباحثين عن الهدوء والراحة وسط الطبيعة الساحرة التي بقيت محافظة على مكوناتها، وسط نسيج عمراني قديم يمتاز بالتنظيم والهندسة المتناسقة. تفتح الحديقة أبوابها كل يوم للزوار الذين يجدون كل أسباب الراحة وما يحتاجونه من خدمات كدورات المياه والمقاهي التي تجيد صناعة القهوة والشاي والعصائر الطبيعية، وحول الحديقة كل مرافق الخدمات من أسواق وبريد مركزي ومطاعم ومراكز تجارية و مواقف للسيارات.
وقد حرص المهندسون، الذين صمموا مشروع التطوير، على تخصيص أكبر مساحة ممكنة من الحديقة لتكون خضراء بعشبها الطبيعي، وأشجار فتية بدأت تنمو وتتعالى إلى جانب الأشجار المعمرة التي بقيت صامدة أمام متغيرات الطبيعة والزمن منذ بناء الحديقة، التي تجمع بين جمال الطبيعة وعبق التاريخ القديم، حيث توجد بها معالم أثرية من الحقبة الرومانية التي وضعت أسس مدينة كالاما في بداية القرن الثالث الميلادي.   
وتحتوي الحديقة على عدة أصناف من الأشجار والنباتات الملائمة لمناخ المدينة، وتعد الفيكيس ريتيزا أكثر الأشجار انتشارا نظرا لقدرتها على مقاومة الحرارة والجفاف واحتفاظها بالخضرة الدائمة، فهي مصدر للجمال والظلال التي يحتمي بها الزوار عندما يشتد حر الصيف، حيث تعد مدينة قالمة من بين أكثر المدن حرارة في فصل الصيف بالجزائر، نظرا لموقعها المنخفض وسط سلسلة جبلية دائرية تحيط بها من كل الجهات، وتحول دون وصول التيارات البحرية المنعشة إليها ولذا يحرص المشرفون على شؤون المدينة على توسيع رقعة المساحات الخضراء لتلطيف الأجواء وتحسين جودة الحياة.
ويعد السور البيزنطي والثكنة القديمة، التي صارت اليوم ثانوية، ومبنى البريد المركزي وساحة الشهداء، من أبرز المعالم العمرانية القديمة المحيطة بحديقة مصطفى سرايدي، التي تدعمت بأروقة جميلة وسياج معدني للحماية، ونظام للإنارة يوفر الراحة والأمان للزوار من هواة السمر.
وتوجد بمدينة قالمة حدائق أخرى لا تقل جمالا عن حديقة مصطفى سرايدي المركزية، بينها حديقة كالاما الأثرية قرب المسرح الروماني، وحديقة الإخوة بولمخ قبالة مبنى الولاية، وحديقتي الحرية والأمير عبد القادر وغابة الصنوبر التي بقيت محافظة على طبيعتها وسط نسيج عمراني مكثف بالضاحية الجنوبية للمدينة القديمة.
وتتجاوز مساحة الحدائق الرئيسية بمدينة قالمة 66 ألف متر مربع وهو ما يمثل 20 بالمائة تقريبا من مساحة حديقة الحامة الشهيرة بالجزائر العاصمة، حيث تبقى المدينة في حاجة إلى مزيد من المساحات الخضراء للمحافظة على جودة الحياة بالوسط العمراني، ومواجهة آثار التغيرات المناخية التي تنذر بالمزيد من الاحترار.
فريد.غ

الرجوع إلى الأعلى