رهان الفاف وسوسطارة على حيادية التاس
وضعت «المسرحية» التي نشطها فريق نهضة بركان المغربي في نصف نهائي النسخة 21 لكأس الإتحاد الإفريقي، فريق اتحاد الجزائر أمام حتمية خوض رحلة الدفاع عن تاجه القاري عبر المسلك «الإداري»، مع تعليق كل الآمال على المحكمة الرياضية الدولية، لإنصافه في القضية التي تم طرحها، وهي عبارة عن «مؤامرة» ذات أبعاد «سياسية» رسم خيوطها نظام المخزن بالتواطؤ مع الكاف،  في ظل إصرار الهيئة الكروية في القارة السمراء على الضرب باللوائح المعمول بها «دوليا» عرض الحائط، خدمة للأطراف التي أصبحت تتحكم في الكاف.

فصول هذه المسرحية تمحورت حول افتعال مخطط ارتكز على حمل قمصان نادي نهضة بركان «خريطة وهمية» غير معترف بها من طرف هيئة الأمم المتحدة، وحتى من طرف الفيفا والكاف، الأمر الذي استوجب تحفظ الطرف الجزائري ممثلا في فريق «سوسطارة» ومن خلاله الفاف، لأن القضية تتنافى والميثاق الرياضي الأولمبي، الذي يمنع المزاوجة بين الرياضة والسياسة في مختلف المنافسات أو حتى التدخل السياسي على مستوى الاتحادات الوطنية، خاصة المادة 50 منه، والتي تلزم كل الرياضيين بعدم حمل أي شعارات أو رايات ذات أبعاد سياسية أو دينية.
من هذا المنطلق، فإن إدارة اتحاد الجزائر، وبالتنسيق مع طاقم الفاف، عمدت إلى استكمال الإجراءات القانونية على مستوى الهيئة الكروية القارية، في خطوة كانت حتمية وإجبارية، رغم أن موقف الكاف «المخزي» كانت قد ارتسمت معالمه الأولية «ميدانيا» خلال الاجتماع التقني الخاص بمباراة الذهاب بالجزائر، لأن مندوب الاتحاد الإفريقي كان قد كشف عن تأييد هيئته «مسبقا» للمؤامرة التي نسج خيوطها الفريق «المخزني» بالاعتماد على «خريطة مزورة» كورقة لاستفزاز الجزائريين من خلال موقعة كروية، ولو أن الأمر في هذه «المسرحية» لا يقتصر على الجزائر فحسب، بل يمتد إلى الهيئات العالمية، مادامت القضية «المفتعلة» تضرب بلوائح هيئة الأمم المتحدة عرض الحائط.
إلى ذلك، فإن تمسك إدارة اتحاد الجزائر بموقفها الرافض لمواجهة منافس «مخزني» يرتدي قمصانا عليها «خريطة وهمية»، جاء ليواكب الموقف الثابت والدائم للدولة الجزائرية إزاء قضية الصحراء الغربية، دون إدخال الشؤون السياسية في المجال الرياضي، ولو أن قرار الكاف كان باعتماد خسارة أبناء «سوسطارة» لقاء الذهاب على البساط، و»السيناريو» ذاته سيتكرر بخصوص مباراة الإياب، لكن موقف الكاف «المخزي» لم ولن يحد من تأكيد الطرف الجزائري على التمسك بمواقفه الثابتة، والتي تجعل من السيادة الوطنية خطا أحمر، فضلا عن الإصرار على الذهاب بعيدا في هذه القضية، مادامت الهيئة المسؤولة عن الشأن الكروي في القارة السمراء قد أبانت عن تحيزها «المفضوح».
موقف الاتحاد الإفريقي، ألقى بملف ثقيل في أدراج المحكمة الرياضية الدولية، لأن الفاف حملت على عاتقها مسؤولية الدفاع عن السيادة الوطنية، وكذا حق أبناء «سوسطارة» في هذه القضية، بتقديم شكوى لدى «تاس» لوزان، بمراعاة الخطوات القانونية، التي انطلقت من رفض لجنة الطعون على مستوى الكاف للتحفظ الذي كانت الاتحادية الجزائرية لكرة القدم قد سجلته بخصوص «سيناريو» القمصان التي عليها «خريطة مزورة»، لأن الرفض لم يستند إلى أي بند أو لائحة تتوافق مع القرار المتخذ، وعليه فإن شكوى الفاف لدى المحكمة الرياضية الدولية تم تأسيسها على عدة جوانب، بالاستناد إلى نص الفقرة 3 من المادة 10 من لوائح الفيفا، وكذا المادة 50 من الميثاق الأولمبي، إضافة إلى المادة 32 من قانون تنظيم المنافسات المعمول به على مستوى الاتحاد الإفريقي، وهي سندات قانونية تبقى بمثابة «الركائز» التي بنت عليها الفاف شكواها لدى «تاس» لوزان، سعيا لإنصاف الطرف الجزائري، مادامت هذه اللوائح المعمول بها في كل الهيئات تجبر أي فريق على التقيّد بتشريعات الدولة المستضيفة للمنافسة أو المباراة.
على هذا الأساس، فإن القضية أصبحت مطروحة على طاولة المحكمة الرياضية الدولية بملفين، أحدهما من الفاف والآخر من إدارة اتحاد الجزائر، في انتظار طعن آخر في قرار لجنة المسابقات بشأن قضية مباراة الإياب، لكن الجوهر يبقى رهان الطرف الجزائري على كسب القضية، بحكم أنها تتمحور حول خرق مقترن بخريطة «وهمية»، لأن هذا الجانب كفيل بترجيح كفة الفاف، ومن خلالها اتحاد الجزائر، والطعن في عدم شرعية «الخريطة»، ومساسها بلوائح هيئة الأمم المتحدة يبقى الدعامة التي ستجبر الكاف على التراجع عن «الخروقات» القانونية التي ارتكبتها منذ طفو هذه الإشكالية إلى السطح.
صالح فرطاس

الرجوع إلى الأعلى