أرجع المدرب الجزائري المغترب بسويسرا، إسماعيل جليد، هزائم المنتخبات العربية المتتالية، لخوف مدربيهم وعدم تحلي المسؤولين على الطواقم الفنية بالجرأة اللازمة، معبرا في حوار للنصر عن دهشته من ردة فعل المنتخب المغربي ومدربه هيرفي رونار الذي ضيع بحذره الشديد فوزا على المغاربة كان في المتناول.
• كيف تعلق على البداية المتعثـرة للمنتخبات العربية في مونديال روسيا؟
أولا يجب أن أنوه إلى أن كافة المنتخبات المشاركة في مونديال روسيا 2018 قوية جدا، وإلا لما نجحت في التأهل إلى هذه التظاهرة العالمية الكبيرة، من وجهة نظري البدايات دوما تكون معقدة، وهو ما شكل عائقا لمنتخبات بحجم ألمانيا والأرجنتين والبرازيل، التي خيبت كافة الآمال، دون أن ننسى ما حدث مع الخضر في 2014، أين خسرنا اللقاء الافتتاحي أمام بلجيكا، قبل أن نتدارك فيما بعد، أنا حزين للانطلاقة المتعثرة لتونس ومصر والمغرب والسعودية، ولكنني متفائل في الجولتين القادمتين.
عملت مع مدرب منتخب سويسرا وأشرفت على تكوين نجمين في المونديال
• ما رأيك في المردود المقدم من كل منتخب على حدى ؟
لم أشاهد مباراة السعودية والبلد المنظم روسيا، حيث كنت في طريقي إلى الجزائر قادما من أوروبا، لقد كنت مندهشا للغاية، بعد علمي بخسارة الأخضر السعودي بخماسية كاملة، لقد تابعت هذا المنتخب أمام الألمان في آخر مقابلة ودية، وكنت معجبا بأدائهم، ولكن ضد الروس لا أدري لماذا حدث ذلك الانهيار؟، رغم أنهم أخبروني بأنهم كانوا خارج الإطار تماما، وكانوا مرشحين للخسارة بنتيجة أكبر.
أما المغاربة فيمتكلون منتخبا ذا مستوى عال، رغم أنه وقع في مجموعة صعبة جدا، ولكنني متأكد من مقدرتهم على التألق في الجولتين القادمتين، ولكن شريطة الإيمان بالمؤهلات التي يمتلكونها، على عكس ما حدث لهم أمام منتخب إيران في جولة الافتتاح، فأشبال رونار كانوا أحسن من إيران من الناحية الهجومية، غير أن الفاعلية أمام المرمى لم تكن موجودة على مدار اللقاء، ليعاقب رفاق بن عطية في الوقت القاتل.
• ماذا عن أداء تونس ومصر ؟
بخصوص منتخب مصر، فقد بدا متأثرا في مباراة أورغواري من غياب نجمه الأول محمد صلاح، الذي لم يشأ المدرب هيكتور كوبر المجازفة به، بعد عودته للتو من إصابة قوية على مستوى الكتف، وعن أداء منتخب تونس، فقد كان مقبولا من الناحية الدفاعية، حيث أظهر أشبال نبيل معلول وجها لاباس به، باعتمادهم سياسة التكتل في المناطق الخلفية، ولعب الهجمات المرتدة، التي كادت تهديهم نقطة ثمينة، لولا لعنة اللحظات الأخيرة، لقد أعبت على نسور قرطاج مردودهم الهجومي، حيث ظهروا بمستوى ضعيف جدا، مع تضييع الكرة بسهولة، وهو ما خلق عدم التوازن، وسمح للإنجليز بتكثيف الهجمات.
نسور قرطاج أفرطوا في احترام الانجليز ورونار صدمني
• سقوط المنتخبات العربية في الوقت القاتل خلف عدة تساؤلات كيف تفسر ذلك فنيا؟
فيما يخص سقوط تونس والمغرب ومصر في الوقت بدل الضائع، فذلك راجع بالدرجة الأولى إلى غياب التركيز، إضافة إلى التعب البدني والذهني، وهذا مرتبط بالعوامل البسيكولوجية، فالفرق العربية تخشى الخسارة حتى ولو لم يتبق من الوقت الأصلي سوى ثواني معدودات، كما أننا لا نؤمن بمقدرتنا على الانتصار، حتى ولو واجهنا منتخبات في المتناول.
• ألا تعتقد بأن المنتخبات العربية أفرطت في اللعب الدفاعي ؟
متفق معكم في هذا الطرح، خاصة وأن كرة القدم العصرية قائمة على اللعب الهجومي، والدفاع هو الفوز بالكرات واللعب نحو الأمام، سواء بالنقل السريع للكرة أو الاستحواذ عليها وإيجاد أحسن الحلول، إحصائيا هناك ضعف كبير من حيث فرص التهديف بالنسبة للمنتخبات العربية، التي لم تهدد مرمى المنافسين سوى في مناسبات قليلة جدا، وهو ما لا يمكن تقبله، على اعتبار أننا نتواجد في بطولة كبيرة تم التحضير لها منذ عدة أشهر.
• هناك من حمل المدربين كافة المسؤولية، ما رأيك ؟
كل ناخب وطني وطريقته، وصعب على المدرب تصحيح الأخطاء التكتيكية واللاعبين متواجدين على أرضية الميدان، فمثلا المدرب التونسي ضاعف الرقابة على المهاجم كاين وعزز الدفاع على الأجنحة، غير أنه لم يصل إلى مراده، على اعتبار أن شباك النسور استقبلت هدفا ثانيا في آخر الدقائق، يجب على مدربي المنتخبات العربية أن يكونوا أكثر حيوية، مع تصحيح الأخطاء على حسب الوضعية وحسب نوعية المنافس، وهنا أود أن أضيف شيء آخر.
• تفضل...
مدربو المنتخبات العربية يفتقدون للجرأة والشجاعة في التعامل مع المباريات، ولطالما كانوا سببا في قيادة منتخباتهم إلى نتائج سلبية، لقد كنت أمني النفس في أن يتحلوا بالشجاعة مع انطلاق المونديال، لأنه ليس لهم ما يخسرونه، ولكن حدث ما كنت أخشاه، حيث أفرطوا في احترام المنافسين، صدقوني لم أتفاجأ لأي منهم، باستثناء مدرب المنتخب المغربي هيرفي رونار، الذي يعد مثالا حقيقيا للمدرب الطموح الذي لا يرضى بغير الانتصارات، فهو لم يظهر مع أسود الأطلس كما عودنا، وأتمنى أن يلعب ضد إسبانيا والبرتغال بقوة، بدون مركب نقص وبروح الفوز.
نفتقد خبرة المنافسات الكبرى وأنصح باللعب دون مركب نقص
• هناك إجماع بأننا نفتقد لثقافة الدورات الكبرى، هل توافق هذا الطرح؟
أجل...وسويسرا أحسن مثال، أنا أعرف جيدا مدرب هذا المنتخب بيتكوفيتش، بحكم عملي معه عندما كان في فريق يونغ بويز، لقد لعب ضد البرازيل ليفوز، وهو ما مكنه من مجاراة رفاق نايمار، الذي اقتنصوا نقطة وحيدة بشق الأنفس، علينا أن نقتدي بهذه المنتخبات، التي تطبق كرة حديثة، والفلسفة السويسرية ترتكز على الذكاء الجماعي، كما أود أن أخبركم بنقطة مهمة، وهو أنني أشرفت على تكوين لاعبين يتواجدان الآن في المنتخب السويسري، ويتعلق الأمر بزكريا والحارس الثالث مفوغو.
• هل أنت متفائل بخصوص مقدرة إحدى المنتخبات العربية على التأهل إلى الدور الثاني؟
بالطبع هناك أمل،  باعتبار أن هناك 6 نقاط في اللعب، وبالتالي فكل شيء ممكن. صحيح أن عامل الخبرة والتجربة في المنافسات الكبرى يلعب دورا كبيرا،ولكن على المنتخبات العربية أن تلعب المقابلات القادمة بقوة ودون مركب نقص، مع تصحيح أخطاء جولة الافتتاح.
حاوره: مروان. ب

الرجوع إلى الأعلى