كمال الأجسام.. من رياضة إلى وسيلة لكسب  الإعجاب
مراهقون، كهول، شيوخ و حتى نساء، هي الفئات التي أصبحت تتواجد في الصالات الرياضية أو قاعات تقوية العضلات، التي يقضون داخلها ساعات طويلة شتاء، ليخرجوا منها صيفا للتباهي بأجسام مفتولة وقوية، و هي رياضة صارت الأكثـر شيوعا لدى العديد من الفئات وخاصة الشباب، من أجل هدف واحد هو الحصول على مظهر حسن.
روبورتاج: حاتم/ب
بمجرد انقضاء فصل الصيف، بدأت قاعات تقوية العضلات تعرف حركية كبيرة من أجل العودة لجو التدريبات بعد نهاية العطلة، و قد زارت النصر إحداها بحي مفترق الطرق الأربعة، حيث تعد من أوائل الصالات التي بدأت النشاط بالولاية، و بالوصول إلى مقصدنا وجدنا قرب البوابة شبابا يحملون حقائب كبيرة و هم يهمون بالدخول وكأنهم عسكريون متجهون للحرب.
دخلنا القاعة و هناك تفاجأنا بأن المشرف على تسييرها ليس من أصحاب العضلات المفتولة بل يملك جسما نحيفا، حيث توغلنا في المكان و وجدنا أن أغلب الرياضيين من الشباب والمراهقين، مع تواجد بعض الكهول، و كلهم كانوا يرتدون ملابس ضيقة لإبراز عضلاتهم، بل أن كل رياضي كان يراقب زميله الآخر ليعرف عن التمرين الذي يقوم به.
ثمانيني لا يضيع التمارين منذ 60 سنة

إلى هنا بدت كل الأمور عادية، لغاية أن لمحنا أحد الأشخاص و قد غزا الشيب شعر رأسه، وهنا دققنا النظر لنتأكد أنه شيخ، فاقتربنا منه وظهر لنا أنه يبلغ من العمر حوالي 60 سنة، حيث سألناه عن سنّه والمفاجأة كانت كبيرة لأن عمره 82 سنة، ورغم ذلك كان يتدرب بكل جدية وينافس الشباب في رفع الأثقال، إذ أخبرنا أنه يمارس الرياضة منذ أن كان عمره 20 سنة، وهو ما جعل علامات التقدم في السن لا تبدو عليه وخاصة في ما يتعلق بجسمه الرشيق. تحدثنا بعدها مع بعض المراهقين الذين يمارسون هذه الرياضة، و أوضحوا أنهم لا يعلمون أن السن المناسب لتلك التمارين يجب أن يتجاوز الـ 23 سنة، في حين كانت أعمارهم تتراواح بين 18 و17 سنة فقط وأجسامهم لا يزال في إطار البناء.
واصلنا جولتنا لنجد مجموعة من الشبان يتدربون مع بعضهم، حيث سألناهم عن سبب ممارستهم هذه الرياضة، فأكدوا أنهم يحلمون باكتساب جسم رياضي بعضلات مفتولة، كما أوضحوا أنهم يتدربون منذ حوالي 6 أشهر، إلا أن مظهرهم لم يكن يوحي بذلك، مضيفين بأن بناء العضلات في وقت سريع يتطلب نظاما غذائيا مدروسا ودقيقا يحتوي على مكونات غنية بالبروتينات، لكن إمكاناتهم المادية لا تسمح لهم بذلك، أما أحد الرياضيين ممن يملكون عضلات قوية، فلم يكن يملك الكثير من الوقت وهمه الوحيد هو زيادة وزن الأثقال التي يرفعها، حيث رد علينا في عجل «أمارس هذه الرياضة منذ سنوات».
النساء للحفاظ على الرشاقة وإزالة الشحوم

قبل مغادرتنا للصالة الأكثر شعبية في علي منجلي، سألنا مسيرها عن مدى توافد النساء، فرد بأنهن يأتين بقوة مؤخرا، ولكن ليس بغرض تقوية أو إبراز العضلات وإنما لحضور حصص الجيم سواء لتخفيض الوزن أو المحافظة على الرشاقة، موضحا أن برنامجهن يقتصر على 3 أيام في الأسبوع فقط.
انطلقنا بعدها نحو وسط مدينة علي منجلي، أين توجد العديد من القاعات، و هناك لاحظنا أن جلها يعرف توافدا كبيرا في الفترة المسائية عكس الصباحية، كما أن أغلب الرياضيين الذين يقبلون عليها من الشباب، أما بحي التوت في مدينة قسنطينة، فقد لفت انتباهنا بإحدى القاعات، تصميمها الفريد من نوعه وحداثة الآلات وتنوعها، حيث أخبرنا صاحبها " حمزة بن النية" بأنه تعمد أن تكون الصالة متطورة وحديثة لجلب الزبائن من طبقة معينة وتفادي المشاكل التي تحدث، حسبه، في جل قاعات تقوية العضلات، و قد لاحظنا بالمكان تواجد رجل ذي شعر أشقر و ابنه ، يمارسان التمارين الرياضية بكل احترافية، فسألنا عن هويتهما واتضح أنهما أوروبيان ويقطنان حاليا في قسنطينة، وأوضح لنا صاحب الصالة أن زوجة الأجنبي تتدرب أيضا مع النساء، مؤكدا أن كل العائلة أعجبت كثيرا بالمعدات الحديثة والمتطورة.
أكثر من 60 مليونا للحصول على عضلات مفتولة

بعض الشبان العاشقين لرياضة كمال الأجسام، أكدوا لنا أن شعورهم عندما يصلون لهدفهم وهو بناء العضلات، لا يوصف، حيث أكد أحدهم أنه يتدرب منذ 10 سنوات، ويمنح صاحب الصالة 3000 دج شهريا، أي أنه أنفق ما يعادل 36 مليون سنتيم خلال 10 سنوات، وأوضح محدثنا أنه إذا ما احتسبت قيمة النظام الغذائي الذي يعتمده طيلة هذه المدة والعتاد والملابس الرياضية التي تتطلبها التدريبات ومختلف البروتينات الصناعية التي يتناولها، فإن المبلغ سيفوق 60 مليون سنتيم.
رياضي آخر أخبرنا أنه صرف أموالا طائلة في سبيل بناء جسم قوي ولكنه لم يصل بعد إلى هدفه، مضيفا بأنه مستعد للتضحية بالغالي والنفيس في سبيل تحقيق حلمه، حيث قال إن تكلفة مدة شهر من التدريبات تختلف من صالة إلى أخرى وتتراوح ما بين 1500 و3500 دج وذلك وفق حداثة القاعة، وعن الفترة التي تعرف اكتظاظا أكثر في مختلف الصالات، فقد أجمع كل أصحابها أن فصل الشتاء يشهد إقبالا أكثر وذلك استعدادا   لفصل الصيف والتباهي بالعضلات في الشواطئ والمسابح.
الجسم القوي علاج نفسي!
تقوية العضلات وبناء جسم قوي، هو هدف كل رياضي تواجد في مختلف القاعات الرياضية التي زرناها، ولكن الأغراض تختلف، حيث لاحظنا أن العديد منهم إما يملك جسما بدينا جدا أو نحيفا، و قد كانت تصرفاتهم و نظراتهم اتجاه أصحاب الأجسام القوية، توحي بأن ما دفعهم إلى خوض هذه التجربة، متعلق بعوامل نفسية، فيما كان البعض يتميزون بعضلات مفتولة ولكن يفتقدون للوسامة، وهو ربما ما يدفعهم لبناء عضلات لتعويض ما قد يرونه نقصا، كما يبدو أن هناك من يتدرب من أجل إثبات نفسه في المجتمع، ولكي ينظر إليه الناس بنظرة احترام وإعجاب، فغرضه الأول والأخير هو التباهي بتلك العضلات.
ح .ب

الرجوع إلى الأعلى