المئات من هواة الطبيعة يشاركون في «الروندوني» الكبير بجبال بوحمدان  
تحولت غابات و كهوف جبال بوحمدان الواقعة غربي قالمة أول أمس السبت إلى منتجع كبير يعج بالحيوية و النشاط، عندما استقبلت هذه الفضاءات الطبيعية العذراء المئات من المشاركين في «الروندوني» الكبير الذي تنظمه جمعية غار جماعة  للسياحة و الرياضة الجبلية منذ 5 سنوات، لتشجيع الناس على استكشاف الطبيعة و ممارسة رياضة المشي في الجبال، لما لها من فوائد اجتماعية و صحية و اقتصادية كبيرة.  
المشاركون في رحلة التجوال المثيرة وسط الطبيعة من مختلف الأعمار من قالمة و ولايات مجاورة، قطعوا مسافة تقارب 16 كلم انطلاقا من غار جماعة ترافقهم فرق الدرك الوطني و الحماية المدنية و حراس الغابات، و أطباء و ممرضون و مسعفون متطوعون لهم خبرة كبيرة في التعامل مع التجوال سيرا على الأقدام وسط الغابات و بين الكهوف و الأودية و الشعاب ذات المخاطر الكبيرة.   
و قد انطلقت الرحلة من كهوف غار جماعة الشهيرة التي تعد واحدة من أجمل المعالم السياحية الطبيعية و الأثرية بقالمة، و عبر مسالك وعرة و منحدرات حادة توجه المشاة إلى معلم حجر شواف التاريخي أعلي قمة جبلية غرب قالمة، و منها يمكنك مشاهدة 5 ولايات على الأقل عندما تكون السماء صافية و الرؤية جيدة، و ظل هذا المعلم موقعا للصراع بين جيش التحرير وقوات الاحتلال خلال الثورة المقدسة، و من يسيطر عليه يحكم قبضته على فضاء جغرافي واسع يمثل قلب الولاية التاريخية الثانية.  
و قد تجمع الزوار حول هذا المعلم و تمكن البعض منهم من الصعود إلى القمة الصخرية الحادة بواسطة سلم حديدي تم تركيبه هناك منذ أكثر من 100 عام، و مازال إلى اليوم صامدا يواجه عوامل الطبيعة و الزمن و يروي قصصا مثيرة عن حجر شواف المطلة على سواحل روسيكادا و عنابة و مدينة الصخر العتيق قسنطينة.   
و على البساط الأخضر المحيط بحجر شواف انتشر هواة الطبيعة في كل مكان، يستكشفون الفضاء اللا متناهي ويحتمون من حرارة الشمس تحت أشجار الفلين و الزان العملاقة، التي تعد أيضا من معالم جبال بني عمران الشهيرة، و هي تواجه اليوم عصابات الفحم التي تواصل تدمير الطبيعة و تصحير الأقاليم الغابية، رغم الجهود المضنية التي يبذلها حراس الغابات لدحر شبكات الفحم الخشبي و حماية الثروة الغابية الوطنية.  
و من حجر شواف غاص الزوار في عمق جبال بوعربيد حيث تحجب أشجار الفلين و الزان ضوء الشمس، و تنتشر البرك المائية و المنابع العذبة في كل مكان، و هنا تعيش الطيور النادرة و الحيوانات البرية المهددة بالانقراض، في قلب غابات بني عمران و بوعربيد تتجسد روعة الحياة البرية في أبهى صورها و كأنك في قلب الغابات الاستوائية المطيرة.  
و عبر مسلك غابي جميل غادر هواة الطبيعة نحو منطقة بني احمد حاضنة الثورة و مهد انطلاقتها الأولى، و اكتشف الجميع سحر المكان الذي ظل حصنا منيعا لجيش التحرير حتى فجر الاستقلال.  
و قد تلقى المشاركون تدريبا موجزا حول تقنيات «الروندوني» و أهميته في تنمية و تطوير السياحة الجبلية بالجزائر، حيث شدد المنظمون على ضرورة حماية الطبيعة و ارتداء الملابس الملائمة لهذا النوع من الرياضة الجبلية الذي ظل مغيبا لدى الجزائريين سنوات طويلة، قبل أن يكتشفوه أخيرا و يقبلون عليه بشغف كبير.    
   فريد.غ           

الرجوع إلى الأعلى