تعد منطقة بوطالب، التابعة إقليميا لبلدية الشقفة الواقعة شرق عاصمة الكورنيش الجيجلي بحوالي 25 كلم، الأكثر استقطابا للصائمين، لأنها تشتهر بمحلاتها الكثيرة التي تتنافس في تحضير و بيع أشهى حلوى قلب اللوز في الولاية، و ربما في الوطن.
كـ طويل
لمحاولة الكشف عن سر إقبال المواطنين على قلب اللوز من جيجل و ولايات أخرى، تنقلت النصر إلى المنطقة عبر محور الطريق الوطني رقم 43 شرق الولاية، وصولا إلى مفترق الطرق المتواجد بمنطقة القنار، و هناك علقت لافتة تدل السائق على اتجاه منطقة جيمار، و إذا حدث و أن سأل أحدهم عن الطريق المؤدية إلى بوطالب يجيب بسرعة  “تبحث عن قلب اللوز بوطالب؟”.
الزائر يجد حركة كبيرة للسيارات من مختلف الأصناف بترقيم عديد الولايات، و هو أول مؤشر بأنه وصل إلى منطقة بوطالب ذات الطبيعة الريفية، و أول ما يثير الأسف أن منطقة ذاع صيتها عبر مختلف الولايات، تعاني العزلة لدرجة كبيرة، و أخبرنا أحد المواطنين، بأن قلب اللوز هو الذي أضفى الحيوية على بوطالب، و لولاه لكانت في طي النسيان، فرغم ما تقدمه للزوار، إلا أن التهميش لا يزال يطالها،  مشيرا إلى أن  المنطقة تشهد في رمضان توافد المئات من عشاق الحلوى، من بلديات ولاية جيجل ، و كذا من ولايات مجاورة  مثل بجاية ، قسنطينة، و ميلة.
وأكثر ما يجذب انتباه  الزوار هو  لافتات إشهارية كبيرة ،   كتب عليها  “ قلب اللوز بوطالب...15 دج “، و عن سر الإقبال الكبير على شراء هذه الحلوى الشعبية، ذكر مواطنون بأنها ذات مذاق ساحر لا يقاوم ، و “تبقى حلاوتها في الحلق” ، على حد تعبيرهم .
حلوى تقليدية ذات جذور تركية
 و ذكر لنا بعض من تحدثنا إليهم أن قلب اللوز  “حلوى تقليدية التركية الأصل”،ما دفعنا إلى البحث عن صحة أصولها و انتشارها بمنطقة بوطالب تحديدا.
لم نجد الإجابة الشافية لدى شباب المنطقة، لكن بعض شيوخ المنطقة لا يزالون يتذكرون بعض الروايات القديمة بخصوصها،  حيث أكد لنا عمي أحمد بأن الحلوى، تركية الأصل، لكن طريقة وصولها إلى المنطقة غير واضحة، مشيرا إلى أنها صنعت لأول مرة بمدينة رأس مولي الشقفة، و ذلك بعدما حصل أهل المنطقة على فرن تقليدي لطهي الخبز و مختلف الحلويات من قبل الأتراك، في حقبة التواجد العثماني بالمنطقة.

و أضاف عمي أحمد، بأن بعض الروايات تشير إلى أن تاريخ صنعها بالشقفة، يعود إلى عهد غير بعيد، بعد أن  قام أحد أبناء المنطقة بجلب وصفة تحضيرها من العاصمة، أين فتح محلا لصنع الحلويات، و من بينها الحلوى الشعبية قلب اللوز، فاهتم بها الشباب كحرفة جديدة و تعلموها و فتحوا  العديد من المحلات بالولاية و حتى خارجها.
حرفيون يحتفظون بسر مذاقها اللذيذ
و تعتبر طريقة إعداد قلب اللوز من بين الأسرار التي يرفض الكثير من أصحاب الحرفة الكشف عنها، في حين قال لنا حرفيون في هذا المجال بأن السر الأول يكمن في الطريقة التقليدية التي تحضر بها، حيث تضاف إليها مكونات تختلف بعض الشيء عن مكونات قلب اللوز العادي، و الذي تستعمل فيه مادة السميد.
أما سر مذاق الحلوى الساحر فيكمن في “ الشربات” التي تضاف إليها، والتي يتم إعدادها  بطريقة خاصة، فتجعلها حلوة  لدرجة لا توصف، ليبقى السر وراء تحضيرها لغزا يحتفظ به الحرفيون بالمنطقة، لكنه جعل أفواجا من الصائمين يحجون إلى المنطقة.
و أوضح بعض السكان بأن التوافد الكبير للصائمين لاقتناء قلب لوز بوطالب، دفع بأصحاب المحلات، إلى توظيف عدد معتبر من البائعين ، و ذكر يعقوب بأن عدد الوافدين يوميا، يقدر بالمئات، مشيرا إلى  أنه في السنوات الأخيرة تضاعف عدد الزوار بشكل كبير.
و أشار المتحدث إلى أن سعر القطعة الواحدة ، يتراوح بين 15 إلى 35 دج، و يختلف حسب نوعية كل حلوى  و طريقة إعدادها، مؤكدا بأنه لا يوجد اختلاف كبير في مكونات الحلوى، و إنما السعر يتغير حسب القدرات الشرائية للوافدين، لتبقى بذلك بوطالب عاصمة حلوى قلب اللوز بدون منازع في  شهر رمضان.                                   
كـ .ط

الرجوع إلى الأعلى