سجلت أسعار مختلف أنواع المكسرات انخفاضا ملحوظا قبيل العيد، ما جعل الإقبال عليها يعود بشكل ملفت، ليكسر مقاطعة تجاوزت 4 أشهر بسبب اشتعال لهيبها، خاصة على مستوى الشرق الجزائري، فيما يبقى الإنخفاض في الأسعار نسبيا بولايات الوسط التي لا يزال العزوف عنها سيد الموقف، وقد لجأ سيدات إلى بدائل أخرى تجنبا للتكاليف فيما استعان صناع حلويات بأساليب تحايلية لتسويق حلويات بمنكهات بديلة عن المكسرات.
إ.زيـــاري
بعد أن تربع الجوز و اللوز و الفستق على عرش أغلى أنواع المكسرات ببلوغ معدلات قياسية بلغت سقف  6 آلاف و 500 دينار بالنسبة للجوز و 4آلاف  دينار للوز منذ بداية العام الجاري، جاء الفرج لعشاق هذا النوع من المكسرات و لصانعي الحلويات، الذين استبشروا بما وصفوه ب»انهيار في بورصة المكسرات» مقارنة بالسابق، إذ انخفضت الأسعار بشكل ملفت بلغ النصف عبر الأسواق المنتشرة بالشرق الجزائري بشكل خاص.
أسواق الشرق الجزائري الأكثر استقرارا
بينت جولة عبر بعض أسواق مدينة قسنطينة، تراجعا حقيقيا في الأسعار، إذ يتراوح سعر الكيلو غرام الواحد من مادة الجوز بين ألفين و 500 دينار، و ألفين و 700 دينار ، حسب الأنواع، فيما استقر سعر اللوز عبر أغلب المحلات عند عتبة ألفين و 200 دينار، و هي الأسعار التي يؤكد التجار و الزبائن بأنها أعادت بعث الحياة مجددا في سوق المكسرات التي عاشت ركودا كبيرا بسبب عزوف المواطنين عن اقتنائها نتيجة غلاء الأسعار.
المواطنون وإن كانوا قد صالحوا الجوز واللوز بعد المقاطعة، فإن التركيز بالنسبة لمواد صناعة الحلويات، لا يزال منصبا حول الفول السوداني الذي يتراوح سعره بين 300 و 400 دينار، فضلا عن مختلف أنواع الشوكولاطة و مواد التزيين و التغليف التي تحولت إلى مواد ضرورية تستثمر فيها ربات البيوت، قصد إبهار زوارهن وتزيين صينية العيد.
« الجوز واللوز مهما كان الثمن»
تراجع الأسعار الذي شكل متنفسا للأسر الجزائرية عاشقة البقلاوة و القطايف الأصلية ، دون اللجوء لاستبدال الجوز و اللوز بالكاوكاو، جعلها تقبل على شرائها بشكل عادي، لكي لا تغيب عن موائد العيد، و إن كانت أغلب المحلات قد عاشت ركودا كبيرا أثر على مردودها لقلة الإقبال، فإن بعض التجار خاصة بمنطقة السويقة العريقة  بقسنطينة، أكدوا  بأنهم وبالرغم من ارتفاع الأسعار في وقت سابق، إلا أن القسنطينيين لم يقاطعوها، مؤكدا استمرار الإقبال على الأقل بمحله، ما يرسخ مقولة أن الفرد الجزائري قد تعود على غلاء الأسعار التي باتت بالنسبة إليه أمرا عاديا، و قد يلجأ للاستدانة من أجل شراء مستلزمات الحلويات دون التخلي عنها.
الجوز و اللوز و إن كانت أسعارهما اليوم تعد منخفضة مقارنة بالسابق، إلا أن البعض لا يزال يرى بأنها تعد غالية بالنظر إلى القدرة الشرائية للمواطن البسيط، خاصة في هذه الفترة التي أنهكت ميزانيات الأسر بسبب مستلزمات شهر رمضان و كسوة العيد التي أحرقت جيوبها، مما دفع البعض للتقليص من فاتورة المواد الخاصة بصناعة الحلويات.
نقص إقبال بأسواق الوسط
يبدو أن الانخفاض الذي أصاب بورصة المكسرات بالجزائر، لم يبلغ أغلب محلات ولايات الوسط الجزائري، خاصة العاصمة و بومرداس، أين استمر بعض التجار بهما في عرض الجوز و اللوز بأسعار و إن شهدت انخفاضا طفيفا، إلا أنها تبقى غالية جدا بالنسبة للمواطن، حسب ما تبين لنا خلال جولة بين بعض الأسواق، حيث يعرض الجوز بـ 4آلاف دينار و اللوز بـألفين و 200 دينار، ما أعاد الإقبال بصورة نسبية إلى هذه المواد قبل أيام من حلول عيد الفطر.
و عن أسباب العزوف الذي لا يزال سيد الموقف خاصة بالنسبة لمادة الجوز، أكد أحد التجار بأن أغلب زملائه في المهنة و نتيجة الإرتفاع السابق للأسعار، لم يتمكنوا من تسويق منتوجاتهم، ما جعلهم يستمرون في بيع السلعة القديمة بنفس السعر، لكونهم اشتروها بثمن غال، مشيرا في ذات السياق إلا أن بعض التجار يتحججون بذلك في هذا الوقت بالرغم من أنهم اشتروها بالسعر الحالي بسوق الجملة، سعيا منهم للربح السريع على حساب المواطن.
و أكد التاجر بأن انخفاض سعر اللوز أعاد الإقبال عليه بشكل لافت من قبل  العاصميين و سكان الوسط بشكل عام، لاعتماده كمادة أساسية في صناعة حلوياتهم، فيما يبقى الإقبال أقل بالنسبة للجوز و باقي أنواع المكسرات، و هو ما قد يفسر استمرار ارتفاع أسعارها، رغم انخفاضها بشكل عام، و أوضح التاجر بأن تراجع الأسعار، قد أعاد الحركية للسوق، مشيرا إلى إقبال وصفه بالمعقول بالرغم من أنه يبقى قليلا، مقارنة بما كان عليه الوضع عندما كان يباع اللوز بـألف و 200 دينار و الجوز بـألف و600 دينار.
هكذا استغل صناع حلويات الفرصة
غلاء أسعار المكسرات، لم يؤثر فقط على المستهلك العادي، بل خلق إشكالا في تجارة بعينها، إذ انقلبت الأوضاع بالنسبة لصناعة الحلويات التقليدية، حسبما تؤكده السيدة فيروز المتخصصة في هذه الحلويات، إذ تقول بأن غلاء الأسعار خلق عزوفا كبيرا لدى الزبائن، خاصة و أن ذلك نتج عنه ارتفاع في أسعار الحلويات بالضرورة، إذ بلغ إلى الضعف، مما غير من طلبات الزبائن خاصة أصحاب الأعراس الذين غيروا توجههم إلى حلويات الفول السوداني، كاشفة في سياق ذي صلة، عن تحايل بعض المتخصصين في المجال ، حيث أنهم يوهمون الزبائن بأن الحلويات مصنوعة من مادتي الجوز واللوز، في حين هي مجرد فول سوداني تغير نكهته بالمعطرات الاصطناعية، مستغلين في ذلك شتى الطرق سواء كانت عبر البخار أو خلط المكونات.
و تضيف السيدة فيروز، بأن استمرار ارتفاع الأسعار لا يزال يشكل عائقا لدى المواطن، ما جعل  الصناع يغيرون توجههم في هذا العيد، إذ انصب تركيزهم على صناعة أنواع جديدة من الحلويات المتكونة من مادة الفرينة و الفول السوداني، الشوكولاطة و أنواع المربى ، مستغلين في ذلك تنوع المنتجات الإصطناعية التي شكلت بدائل إيجابية نوعت من الحلويات وإن غاب عنها الجوز و اللوز.
«الكابة» للإفلات من تقلبات الأسعار
راهن الكثير من تجار المكسرات بالأسواق الجزائرية و حتى المستوردين على انهيار بورصة المكسرات قبل نهاية السنة، غير أن آمالهم تلاشت، بعد أن أعلنت الحكومة رفع حظر الاستيراد على المكسرات الذي سبق و أن أقرته في إطار قانون المالية للسنة الجارية، لتأتي بمواد جديدة لم تجعل الأسعار تتهاوى إلى مستوياتها المعقولة كالسابق،  مثلما كان متوقعا.
و تؤكد مصادر مطلعة، بأن الحكومة و إن كانت قد رفعت قرار منع استيراد هذه المواد، التي ظلت لقرابة 6 أشهر تباع بأسعار خيالية لم تبلغها من قبل، إلا أنها جاءت بقرار جديد لم يغير كثيرا من الأوضاع، يتمثل في رفع الضريبة على القيمة المضافة إلى الضعف، حيث ارتفعت من 30 إلى 60 بالمئة على المواد المستوردة ، مما يبقي تكاليف استيرادها مرتفعة على عكس السابق، و يجعل الأسعار بالضرورة كذلك، و ذكرت ذات المصادر بأن القرارين يفتحان المجال أمام التهريب أو ما يعرف بتجارة "الكابة" القادمة مع المغتربين الذين أصبحوا ممونا رئيسيا للعائلات سيما في الأعراس والمناسبات.                  
إ.ز

الرجوع إلى الأعلى