التدخلات السياسية والرسائل المغشوشة تضعف الإعلام الديني الإسلامي
أجمع دكاترة و مشايخ في علوم الشريعة من داخل و خارج الوطن أول أمس بقسنطينة، أن الصراعات الطائفية أثرت سلبا على صورة الإسلام لدى الغرب، و أن نمطية الإعلام الديني حالت دون ارتقاء الأخير إلى مستوى الرسالة الدعوية، فيما أكدوا أن الإعلام في هذا المجال يواجه العديد من الإشكالات فيما يخص التمويل و المحتوى و التدخلات السياسية و غيرها.
و قال الدكتور بجامعة الأمير عبد القادر للعلوم الإسلامية السيد «عبد الله بوجلال» خلال مداخلة له بمناسبة يوم دراسي حول موضوع «الإعلام الديني» الذي نظم بالمعهد الوطني للتكوين المتخصص للأسلاك الخاصة بإدارة الشؤون الدينية، أن هناك قنوات تعمل لصالح تيارات فكرية و دينية معينة بهدف تأجيج الاختلاف بين السنة و الشيعة، و هو ما لا يخدم حسبه أبعاد الإعلام الديني في الوطن العربي، مضيفا أن هناك ضعفا في الخطاب الديني ما جعل منه غير فعال و غير مؤثر في الجمهور، حيث أن الإعلام في المجال من حيث الصيغة الفنية حسبه لم يرق إلى المستوى المطلوب و المتمثل في الوصول إلى مختلف فئات المجتمع، مشيرا إلى جملة من النقائص منها التكرار في تقديم المواد الدينية بشكل لا فائدة منه، و كذا ضعف الإخراج و بعده عن الإبداع و التجديد و تقديم البرامج بأسلوب خطابي تقليدي، إضافة إلى استعمال لغة صعبة الفهم و عدم مراعاة الإعلام الديني لخصائص وسائل الاتصال، بحيث يجب اختيار الوسيلة المناسبة و المدخل الإعلامي المناسب.
و قال المتدخل أن الإعلام الديني لا يخاطب الفئة الشبانية و إنما يستهدف المتدينين و كبار السن، و هو ما اعتبره المتحدث تقصيرا في حق الشباب بالنظر إلى عصر المعلوماتية و إمكانية توجه الفئة إلى وسائط إعلامية أخرى تشكل خطرا على الفكر العربي الإسلامي، ناهيك عن مشكل انعدام التأطير و ضعف التكوين لدى القائمين على المجال، و كذا الفهم التقليدي للإعلام الديني حتى من قبل الرسميين حسب الدكتور.
و قال البروفيسور بالجامعة العالمية للخرطوم بالسودان السيد «عوض ابراهيم عوض»، أن هناك صراع مذهبي تحت غطاء الصراع الفكري بين العديد من التيارات المتغلغلة في العديد من البلدان العربية، و هو ما اعتبره المتحدث ظاهرة خطيرة أكثر من الحروب و النزاعات العسكرية، محملا المسؤولية للعرب و المسلمين في مشكل تسويق صورة قبيحة عن الإسلام للغرب، خاصة في ظل الطرح الجاف للدين من قبل وسائل الإعلام التي لم ترتق حسبه إلى مستوى الرسالة الدعوية، حيث دعا إلى ضرورة تقبل الآخر و التعامل مع العلم الحديث وفقا لتعاليم الدين الإسلامي. كما أشار البروفيسور إلى العديد من الإشكالات التي يواجهها الإعلام الديني المعاصر، ذكر منها مشكل نقص التمويل لهذا النوع من الإعلام و كذا ضعف محتوى البرامج المقدمة في عديد القنوات المتخصصة، إضافة إلى هاجس التدخلات السياسية في طريقة عمل أو طرح المواضيع الدينية في بعض الفضائيات.
من جهته الأستاذ بجامعة مستغانم السيد «احمد مساهل» و في مداخلته بعنوان دور و تحديات وسائل الإعلام، قال أن فضاءات العالم الإسلامي أصبحت مفتوحة على العديد من التيارات الفكرية و الدينية التي قد تتعارض مع بعضها في كثير من الأحيان، حيث أصبحت المادة الدينية حسبه محل شك نظرا لوجود رسائل دينية مغشوشة و غير صحيحة، يراد بها تضليل الفكر الديني السليم و توجيه آراء الناس إلى تيارات معينة.
و قال الأستاذ أن الدول العربية و الإسلامية تحتاج إلى إعلام ديني مبني على أسس واضحة، مشيرا إلى ضرورة إشراك الجمهور في اختيار البرامج و تغطية قضايا الأمة المهمة، إضافة إلى العمل على شرح الإسلام الصحيح و نشر التراث الإسلامي لتكوين بيئة ثقافية سليمة، مؤكدا على عامل تكوين المشرفين على الإعلام الديني و منح الفرصة للمختصين.
تجدر الإشارة أن اليوم الدراسي حضره العديد من الأئمة و الطلبة إضافة إلى إطارات بمديرية الشؤون الدينية، كما تخللته العديد من التساؤلات و التعقيبات خلال فترة المناقشة.

خالد ضرباني

الرجوع إلى الأعلى