لقد ألف المسلمون سماع أحاديث كل رمضان؛ والإيمان بها؛ حتى اشتهرت على ألسنتهم، دون أن يبين لهم أنها أحاديث غير ثابتة النسبة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ فهي بين ضعيف ومنكر وموضوع؛ وقد ساهم في انتشارها اعتمادها بشكل دوري من قبل بعض الوعاظ في الخطاب المسجدي ما جعلها مسلمة عند عموم الناس يتوارثونها جيلا بعد جيل.
وهذه الأحاديث كثيرة تعد بالعشرات، وقد أحصى بعضهم ما يربو على من 40 حديثا منها، ولا يتأتى في هذا المقام سردها كلها لذلك سنكتفي ببعضها على سبيل الإشارة والتنبيه.
فمن ذلك؛ حديث : (قد أظلكم شهر عظيم شهر مبارك، من تقرب فيه بخصلة من الخير كان كمن أدى فريضة فيما سواه ومن أدى فيه فريضة كان كمن أدى سبعين فريضة فيما سواه، وهو شهر أوله رحمة وأوسطه مغفرة وآخره عتق من النار، من فطّر فيه صائماً كان مغفرة لذنوبه، وعتق رقبته من النار، وكان له مثل أجره من غير أن ينتقص من أجره شيء)؛ فهذا الحديث الذي يضم في لفظه عدة أحاديث يعد حديثا ضعيفا، وقال بعضهم إنه منكر، وهو حديث مشهور؛ كثيرا ما نسمعه من بعض الوعاظ خلال شهر رمضان؛ فلا نكاد نجد حديثا عن شهر رمضان دون سرده
ومنها أيضا:  حديث: (صوموا تصحوا)، وحديث (لو يعلم العباد ما رمضان لتمنت أمتي أن يكون السنة كلها)، وحديث: (إن للصائم عند فطره دعوة لا ترد)، وحديث: (من أفطر يوما من رمضان من غير رخصة ولا مرض، لم يقض عنه صوم الدهر كله وإن صامه)، وحديث: (يوم صومكم يوم نحركم) وغيرها، فكلها بين ضعيف ومنكر وموضوع كما يقول علماء الحديث القدامى والمحدثون
لقد شكلت هذه الأحاديث حيزا من ثقافة رمضان عند الكثير من المسلمين، يسمعونها ويتناقلونها كأنها حقائق شرعية ثابتة النسبة لرسول صلى الله عليه وسلم، وقد يتحجج بعض من يروجها بأنها من قبيل الوعظ والإرشاد، والترغيب والترهيب الذي دأب بعض الوعاظ على التساهل في إيراده لحمل الناس على فعل المعروف واجتناب المنكر؛ لكن هذه الحجة لا تبرر القيام بمثل هكذا أمر خطير يتعلق بدين الله تعالى الذي أنزله وفرضه على عباده، فهو مسلك خاطئ لأسباب كثيرة:
(أولها) أن بعض الوعاظ الذين تصدروا مشهد الوعظ والتدريس ألفوا سرد هذه الروايات معتقدا ثبوتها، دون أن يجتهدوا ليتحققوا منها ويقفوا بأنفسهم على سقمها وهوانها، و(ثانيها) إن في القرآن الكريم وصحيح سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يغني المسلم عن الضعيف والمنكر والموضوع للترغيب في فعل المعروف والترهيب عن المنكر؛ بل إن اللجوء إلى مثل هكذا أحاديث يشعر وكأن الشرع بنصوصه الثابتة ونصوصه الصحيحة، قاصر عن بناء النفوس وتغطية حاجاتها رغبا ورهبا، وإرشادها إلى طريق الحق وتنفيرها عن طريق الضلال، رغم أن الدين اكتمل والله غني عن العالمين، لم يفرط في الكتاب من شيء، وهو ليس في حاجة لمن يكذب له أو يكذب عليه، فنصوصه كاملة لا يعتريها نقصان، و(ثالثها) إن نشر وترويج هذه الأحاديث بين الناس من شأنها أن تجعلهم يجتهدون ليل نهار في أفعال وهم يحسبون أن فيها الأجر العظيم، والأمر ليس كذلك؛ بل قد يكون اجتهادهم هذا على حساب واجباتهم اليومية العينية أو الكفائية ووظائفهم التي أنيطت بهم من قبل الأمة، فيسيئون من حيث يعتقدون أنهم يحسنون، و(رابعها) إن الاستناد إلى أحاديث ضعيفة من هذا القبيل في هذا الموضوع أو غيره، من شأنه أن يبني شخصية إسلامية هشة أخلاقيا وفكريا؛ لأن بناءه مستند إلى أوهام وليس إلى حقائق، وسينهار البناء تحت تأثير أي سلوك أخلاقي أو رأي فكري يصادف المسلم في حياته؛ بل قد يكون مثار فتنة عند البعض لاسيما أولئك الذين اكتسبوا قسطا من العلوم والمعارف الإنسانية ووقفوا على زيف وبطلان مضامين بعض ما لقن لهم من أحاديث منكرة وتربوا عليها، فتكون مثار فتنة لهم لأنهم يعتقدون أنها حقائق دينية مسلمة، بينما هي تخالف مسلمات الفكر والعلم، فيكذب الله ورسوله، إن المطلوب بناء شخصية مسلمة على أساس متين، وليس على جرف هار ينهار تحت تأثير أي نسمات فكر عابرة أو حقائق حسية ثابتة، شخصية لا تهزها الشبهات بل تزيدها اقتناعا بما هي عليه، شخصية لا تخدرها صيحات عاطفية لواعظ يسرد هنا وهناك الغث والسمين ليحرك عواطف الناس خشعا وبكيا، معتقدا خطأ أن ذاك يخدم الإسلام ويحفظ على الناس دينهم، والحقيقة غير ذلك لأن هذا الخطاب مجرد مهدئ أو مخدر سرعان ما ينجلي وتتكشف الحقائق المرة والمستند الهش الذي استند إليه.
إن الله تعالى هو خالق النفوس والمجتمعات وهو أعلم بعللها ودوائها، فما أنزله في كتابه وبينه رسوله صلى الله عليه وسلم هو دواء النفوس الدائم وطريق هدايتها الذي لا رجعة عنه تحت أي طائل، فمن اتخذ لها علاجا غير ما شرع الله وبين رسوله فقد ضل عن وصف الدواء.
ع/خ

عن الجهر بالعمل الخيري


نتذكر في هذا المقام الجدل، في رمضان زمن كورونا، حول الصدقات والتبرعات الخيرية، للأفراد والجمعيات، بين مؤيد للنقل والتصوير عبر منصات التواصل وقنوات الإعلام، ورافض لهذه الممارسة، باعتبارها تقدم صورا للتفاخر والتباهي والجهر بفعل الخير، وتجعل من الفقير أو المستفيد من الصدقة ذليلا مستكينا متسولا. ونحن مع تصوير موقف الصدقة للتعريف بالجمعيات النشطة الفعالة؛ لكن دون تصوير المستفيدين من التبرعات؛ لكي نقول للجميع بأن الخير مازال في هذا الشعب، وكما يوجد المحتالون الناهبون (من فاز بدنهم على روحهم)، هناك رجال الخير والمحسنون (من فازت روحهم). وأتذكر هنا -هامسا بصوت خفي في أذن وقلب صاحب الخير والعبادة والصدقة- قول ابن عطاء الله السكندري في حكمة من حكمه:»ربما دخل الرياء عليك من حيث لا ينظر الخلق إليك.» أي أنك تتمنى أن يراك الناس أثناء العبادة او تقديم الصدقة، فتقع في الرياء وتضيع الأجر والقبول.

القرارات العشرون لمجمع الفقه الإسلامي حول كوورنا
(18) يجب على الدول مراقبة الأسعار بهدف منع الاحتكار ووضع الأسعار المناسبة وذلك لأن التلاعب فيها حرام شرعاً، ويجب وضع الخطط الاقتصادية المناسبة لهذا الوضع لتأمين كل السلع المحتاج إليها، وأن تخزين السلع الضرورية فوق الحاجة لا يجوز لأن في ذلك رفعاً للأسعار كما أنه يؤدي للإسراف المنهي عنه شرعاً.

تساؤلات في فرنسا عن فرض الكمامة والإعلان عن استمرار منع النقاب


أكدت وزارة الداخلية الفرنسية أن حظر البرقع والنقاب سيظل ساريًا خلال جائحة كوفيد- 19، حسبما تناقلته وسائل إعلام، وعلى الرغم من أن هذا القرار الذي يعد استصحابا لقرارات سابقة إلا أنه أثار تساؤلات بلغت عند البعض حد السخرية منه؛ حين  تساءلوا كيف تمنع النقاب وتفرض الكمامة؟ !، حيث فرضت الحكومة الفرنسية على مواطنيها ارتداء الكمامات في المدارس ووسائل النقل العامة. وسيكون الارتداء إلزاميا وستراقب كاميرات فيديو مدمجة بالذكاء الاصطناعي مدى التزام مستخدمي محطات المترو في باريس بارتدائها وسيتعرض المخالفون لغرامة مالية.
 فتوى تجيز دفن المسلمين في «مربعات» مخصصة للديانات الأخرى جراء فيروس كورونا بفرنسا
أمام ازدياد القلق لدى الجالية المسلمة في فرنسا بخصوص دفن موتاها جراء فيروس كورونا، الذي ترتب عنه استحالة نقل غالبية الجثامين إلى البلدان الأصلية لدفنها هناك كما اعتادت عليه غالبية الأسر، فضلا عن قلة المساحات المخصصة في المقابر الفرنسية للمسلمين. أصدر مجلس مساجد إقليم «الرون» (وسط البلاد) والذي يضم نحو 40 مسجدا فتوى تجيز دفن الموتى المسلمين في «المربعات» غير الإسلامية. وحسب فرانس24، فإن هذه الفتوى، تسمح -كما أكده عميد مسجد «فيلوربان» للقناة «للمرة الأولى بدفن المسلمين في المساحات المخصصة للجالية اليهودية والكاثوليكية». وأضاف: «لا يوجد في الإقليم سوى عشرة مربعات مخصصة لدفن المسلمين، وكلها مكتظة في الوقت الحالي. فالحل الوحيد هو السماح بدفن المسلمين في أماكن أخرى غير المربعات الإسلامية وهذا أمر غير مخالف للدين الإسلامي». وأكد أنه «عندما تنتهي أزمة كوفيد- 19، يمكن لأي عائلة إخراج جثة الميت وإعادة دفنه مرة ثانية في المربع المخصص للمسلمين». موضحا أن «الفرق بين المربعات المخصصة للمسلمين ولغير المسلمين، هي أن أضرحة المسلمين كلها موجهة صوب مكة المكرمة». وختم بأن مشكل دفن الموتى المسلمين سيطرح من جديد مستقبلا طالما كثير من البلديات ترفض توفير مربعات جديدة.

مظاهر للإخفاق وفرص للنجاح للأمة المسلمة


تعتري الأمة المسلمة في حاضرها بعض مظاهر لما يمكن أن نسميه إخفاقات، تقابلها فرص إيجابية لما يمكن أن نحقق به النجاح، فمن مظاهر الإخفاقات؛ الإمكانات المتواضعة مقارنة بغيرها من الأمم الأخرى، مكانتها  المتأخرة في المعادلة الأممية في صنع القرار، الفساد السياسي والإداري عند بعض الدول وما يترتب عليه من ظلم واستبداد وتهميش للكفاءات، وتمكين الأخر من مقدرات شعوبهم، مع ضعف فرص الإصلاح الشامل، لاسيما عقب فشل ما سمي بثورات الربيع العربي، والانقسام والتشرذم، والتبعية والفتن والنزاعات الداخلية المسلحة، وتبوء قطاع واسع من الأمة وخاصة الدول العربية مراتب متأخرة في مؤشرات التنمية البشرية في شتى مناحي الحياة، وغيرها من الإخفاقات.
وأما فرص النجاح التي تعد مؤشرات إيجابية فمنها: أن الأمة الإسلامية ليست محصورة في العرب فقط بل هي أمة لها مخزون بشري ضخم من عرب وعجم يمتد من طنجة إلى جاكرتا تعداده يزيد عن خمس سكان المعمورة، وقابليتها للتعايش مع غيرها من الشعوب والأمم في إطار فكرة تحالف الحضارات، وتربعها على مخزون كبير من المقدرات والإمكانات المادية والبشرية، فهي أمة تطل على العديد من البحار والمحيطات، وتملك مخزونا كبيرا من المعادن والمحروقات، بل لقد ساعدتها جغرافيتها على تنوع مناخاتها وتضاريسها تملك الجبال والسهول والصحاري والبراري، وتملكها لكفاءات وأدمغة علمية عملاقة، وصل تأثيرهم إلى العمق الغربي؛ حيث تساهم هذه الكفاءات اليوم وبشكل مباشر في نهضة الأمم الأخرى في جميع مجالات الحياة، والوجود الإسلامي في الغرب الذي بات تأثيره واضحا بينا من خلال تأسيسهم لجمعيات ومراكز إسلامية وجامعات ومعاهد وبنوك إسلامية  وحتى وصولهم إلى قبة البرلمانات والوزارات، وما كن ذلك ليكون قبل قرنين من الزمن، حيث لا يسمح التعصب الكنسي بوجود مسلم  هناك، وصحوة ضمير الأمة الجمعي ورغبة الكثير من أبنائها في استئناف الحياة في ظل الشريعة الإسلامية، والتعاطف والتفاعل مع قضايا الأمة العادلة كقضية فلسطين، وقضايا المسلمين في إفريقيا وبقية القليات المسلمة؛ تفاعلا إيجابيا من خلال تأسيس الجمعيات والمنظمات العاملة في الحقل الإغاثي لحماية هؤلاء المسلمين من الغول التنصيري المتصهين .

الرجوع إلى الأعلى