تمكن سكان قرية آث أرباح، التابعة لبلدية إيبودرارن في دائرة آث يني، جنوب ولاية تيزي وزو ، من تحويل قريتهم خلال فترة الحجر الصحي المنزلي، إلى جنة فوق الأرض، حيث قاموا بتنظيفها و تزيين جدران مساكنها و أزقتها برسومات تعكس تراث المنطقة، و غرس ورود و أزهار انبعثت روائحها العطرة في كل زاوية بالقرية، مع مراعاتهم للتدابير الوقائية من فيروس كورونا.
قام السكان بعدة تغييرات بالقرية، مما جعلها أكثر جمالا وجاذبية، حيث زينوا واجهاتها و أزقتها وجدران سكناتها برسومات تراثية،  كما اعتمدوا على سواعدهم لتشييد الأرصفة التي زينوها بالبلاط والإسمنت للتخلص من الحفر والأتربة التي غزتها، و تسهيل حركة الراجلين، كما غرسوا شجيرات الزينة و النباتات والأزهار في كل ركن من أركان القرية، وخصصوا حاويات لرمي القمامة.
ملامح آث أرباح تغيرت بشكل جذري في مدة زمنية قصيرة، وأصبحت بفضل الجهود المشتركة للسكان، تحفة فنية رائعة و مكان ينبض بالحياة والألوان لتضاف إلى القرى الجميلة التي تضمها عاصمة جرجرة.
و تعتبر القرية التي تقع على علو نحو 800 متر عن سطح البحر ، و تحيط بها مناظر طبيعية خلابة، و أشجار من مختلف الأصناف وخضرة على امتداد البصر و  تغطي الثلوج قممها في فصل الشتاء لتصنع مشهدا مميزا ، ويمكن مشاهدة مرتفعات المنطقة السياحية «تيكجدة» المغطاة بالثلوج عن قرب ، لتمنح القرية تميزا طبيعيا وثقافيا ومؤهلات لا تتوفر لغيرها ، فهي وجهة هامة لمحبي الطبيعة العذراء و موقع سياحي مميز.
وقال  عبد النور عباسن،  أحد الأعضاء المساهمين في الحملات التطوعية في القرية، للنصر، إنه في بداية الحجر الصحي المنزلي، تم تجنيد شباب القرية من أجل حمايتها وحماية سكانها من فيروس كوفيد 19، حيث قاموا بغلقها أمام الزوار، و تنظيم حملات تعقيم في كل ركن فيها، ثم راودتهم فكرة القيام بأشغال التنظيف والطلاء، عوض البقاء في المنازل دون عمل، قبل أن يوسعوا فكرتهم لتشمل إعادة تهيئة «ثاجماعث» أو «مجلس القرية» الذي تنفرد به قرى منطقة القبائل، وتم الإعلان عن ذلك عبر الصفحة الرسمية للقرية على موقع التواصل الاجتماعي فايسبوك، حيث تم إطلاق نداء لجمع التبرعات المالية، لقي استجابة واسعة من جميع القاطنين في القرية وكذا من أبنائها الذين غادروها إلى الولايات الأخرى ، كما استجاب للنداء أبناء القرية المغتربين في مختلف الدول الأجنبية.
وتمت مباشرة أشغال التهيئة والترميم قبل أسبوع من حلول شهر رمضان، وتم إنجاز الأرصفة والساحات وأماكن الجلوس و الراحة، وشارك جميع السكان في الأشغال كل في اختصاصه، وحرصوا على تزيين الأزقة وطلاء الواجهات وإنجاز الديكور وغرس الأزهار وأشجار الزينة، وتواصلت الأشغال طيلة الشهر الفضيل وبعده، و بفضل تضافر جهودهم، تمكنوا من تحويل القرية إلى تحفة فنية ساحرة.
و أضاف عباسن أنه بالرغم من الموقع الإستراتيجي الهام للقرية ومميزاتها السياحية، إلا أنها تفتقر للمرافق والهياكل الثقافية والرياضية للشباب، لافتا إلى أنّ قرية آث أرباح بما يحيط بها من جمال طبيعي وطابعها الاستثنائي، ستتحول إلى مقصد للسياح، خاصة وأنها حافظت على تراث الأجداد في ما يخص بيوتها التقليدية و نمط أزقتها الرئيسية التي زينها السكان بحلة فريدة طبعت المكان وحولته إلى تحفة معمارية جميلة، لتلتقي جاذبية السياحة بعبق التاريخ.
سامية إخليف 

الرجوع إلى الأعلى