أخلط قرار إعادة فرض الحجر الجزئي المطبق على معظم المدن الجزائرية و الساحلية بشكل خاص، حسابات الأسر التي كانت قد شرعت في قضاء عطلتها الصيفية، فيما فرض على البقية إعادة النظر في برنامج كان قد سطرت له منذ وقت طويل، لكن في كل الحالات رجحت كفة الوقاية و الحذر و حماية الصحة على كفة الرغبة في الاصطياف.
فرض قرار العودة لتطبيق إجراء الحجر المنزلي الجزئي، نتيجة الارتفاع القياسي في عدد الإصابات بفيروس كورونا في الأيام الأخيرة، على الكثير من الأسر الجزائرية التي كانت قد شرعت في قضاء عطلتها الصيفية بإحدى المدن الساحلية، تغيير برنامجها بشكل جذري، بالموازاة مع غلق الشواطئ و الأماكن الترفيهية العمومية، و تعديل توقيت الحجر المنزلي من الساعة الثامنة ليلا إلى غاية السادسة صباحا.
إعادة النظر في برنامج الاصطياف
أخلط قرار غلق الشواطئ حسابات الأسر التي انتقل الكثير منها منذ أيام إلى المدن الساحلية للاصطياف، فوجدت نفسها محتجزة بين جدران بيوت غير بيوتها، مع وقف النزول إلى الشواطئ ، أو ارتياد مختلف الأماكن التي كانت تستقطب عددا كبيرا من الزوار في الأيام الماضية، مثل المنتزهات و حظائر التسلية و غيرها من المرافق الترفيهية، و بين من بدأ العطلة و أمضى بعض الأيام على الشاطئ، و بين من يجهز حقائبه للسفر هذا الأسبوع، قرر الجميع إعادة النظر في كامل البرنامج و محاولة ضبطه، وفقا مستجدات الوضع الوبائي.
و أكدت بعض الأسر التي بدأت عطلتها للنصر، أن القرار كان مفاجئا، خاصة و أن جميع أفرادها كانوا متعطشين لقضاء عطلة صيفية في أجواء عائلية، بعد أن حرموا منها الموسم الماضي بسبب الوباء، لكن تطبيق إجراءات الوقاية من تفشي الفيروس أهم من كل شيء.
و قالت السيدة مريم التي تمضي عطلتها الصفية رفقة أشقائها و أفراد أسرتها الكبيرة بمنطقة شطايبي بعنابة، أنهم كانوا قد سافروا قبل يومين من إعلان القرار، الأمر الذي مكنهم من الاستمتاع و لو قليلا بالبحر و السباحة، ثم قرروا تغيير برنامج بقية أيام العطلة، تماشيا و المستجدات.
الغابات و استكشاف المناطق السياحية..البديل الأمثل
أكدت المتحدثة أنها و بقية أفراد عائلتها قرروا عدم إهدار فترة عطلتهم، فحولوا وجهتهم السياحية نحو المناطق الجبلية و الغابية، فأصبحوا يقومون بخرجات يومية إلى غابة شطايبي الساحرة، في محاولة للجمع بين التنزه، الترفيه و ممارسة رياضة المشي، كما أنهم ينظمون جلسات عائلية للشواء في الهواء الطلق، إلى غاية موعد الحجر الذي يفرض سهرات منزلية، تجمع أفراد العائلة في أجواء سمر و مرح جميلة، أفضل من تلك التي يقضونها خارج البيت.
و قال السيد خالد أنه سافر منذ أيام من العاصمة إلى ولاية تلمسان، لقضاء عطلته مع أسرته، لكن قرار الحجر دفعه لإعادة النظر في برنامج العطلة، فبدل السباحة قرر أن يصطحب أفراد أسرته للتنزه و السياحة عبر إقليم الولاية و حتى الولايات المجاورة لها، فأتيحت لهم الفرصة لاستكشاف الكثير من الأماكن السياحية التي لم يكونوا ليزوروها لولا اتخاذ قرار غلق الشواطئ، كإجراء ضروري للوقاية من تفشي الوباء.
أما عن كيفية قضاء بقية وقتهم في بيوت مستأجرة، قال المتحدث أنهم استعانوا بالمسابح الاصطناعية للترفيه عن الأطفال بشكل خاص، و تعويض حرمانهم من النزول إلى مياه البحر، فيما قضت الأسر التي سمحت لها إمكانياتها باستئجار فيلات بمسابح، عطلة صيفية ممتعة، رغم الغلق، كما أكد السيد خالد.
أسر تنهي عطلها و أخرى تفضل التأجيل
استقبل كثيرون قرار الغلق بصدر رحب، و أعادوا ضبط برامج عطلهم، وفق توقيت الحجر الصحي الجزئي و مستجداته، في حين اضطر الذين استأجروا بيوتا بالمدن الساحلية إلى تعليق العطلة و الإسراع بالعودة،  مثلما فعلت عائلة السيد محمد التي كانت قد توجهت إلى بجاية، و عادت إلى منزلها بالبليدة، و قال رب الأسرة، أن العطلة الصيفية تعني النزول إلى البحر و الاستمتاع بالشاطئ، لكن بعد غلق الشواطئ، لا جدوى من البقاء هناك، مؤكدا أن عائلته حزمت أمتعتها بعد أن قضت 4 أيام في بجاية، وعادت إلى مدينتها.
و أشار المتحدث إلى أن القرار لم يكن فرديا، بل بإجماع أفراد العائلة، خاصة الأطفال الذين كانوا لا يفكرون في أي شيء سوى السباحة طوال أيام العطلة، كما أنه لا يتحمل رطوبة المدن الساحلية، دون النزول إلى البحر ، لأن ذلك يؤثر سلبا على صحته، حسبه، مضيفا أن قرار العودة في نهاية المطاف ضروري للوقاية من العدوى، في ظل تفشي الوباء .
و الملاحظ أن الكثيرين تراجعوا عن قرار السفر إلى المدن الساحلية من الأساس، مثل ابن قسنطينة،  السيد علي، الذي أكد أنه كان ينوي السفر إلى جيجل هذه الأيام، مثلما تعود كل سنة، لكن قرار الحجر جعله يعيد حساباته، فقرر تأجيل العطلة إلى وقت لاحق، أملا في تحسن الأوضاع، مستبعدا الاستفادة من عطلة دون النزول إلى البحر، في ظل الارتفاع الكبير في درجات الحرارة.
العرسان..عطلة و سفر مهما كانت الظروف
من جانب آخر، صادفتنا شريحة أخرى من الجزائريين قررت عدم التنازل عن السفر إلى المدن الساحلية، رغم كل الظروف، و هي فئة العرسان الجدد، حيث أكد أحمد صاحب شقة للإيجار بمنطقة العوانة بولاية جيجل، أنه في الوقت الذي تراجعت معظم الأسر عن كراء الشقق و السفر بسبب غلق الشواطئ، فإن العرسان الجدد من مختلف ولايات الشرق، على غرار قسنطينة، باتنة، قالمة، لم يغير قرار الغلق مخططاتهم، و لا يزالوا يستأجرون الشقق بجيجل لقضاء شهر العسل.
و أوضح المتحدث أن هذه الفئة لا تهتم بالسباحة، بل تركز على التنزه و استكشاف المناطق السياحية، سواء بولاية جيجل، أو بولايات أخرى.
و في انتظار استقرار الوضع و انخفاض أعداد الإصابات، يبقى الجزائريون في تعطش كبير لقضاء عطلة صيفية بكل تفاصيلها، بعيدا عن الخوف من العدوى ، أو من عواقب خرق إجراءات الحجر الجزئي، و كلهم أمل في تحسن الوضع الراهن.
و في انتظار ذلك، يحاول كل واحد قضاء وقته على طريقته، رغم صعوبة الظروف، فحتى خيار المسابح المنزلية للأطفال، بات أمرا صعبا ، في ظل شح المياه بمعظم المدن.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى