عادت الزربية التقليدية الجزائرية الأصيلة للظهور مجددا، ضمن ديكورات عصرية تشكل آخر صيحات الموضة، لتفرض نفسها بعد غياب طويل، رغم قلة الٌإقبال و نقص اليد العاملة في حرفة تصارع لأجل البقاء.
الزربية التقليدية، تلك القطعة الفنية الفريدة من نوعها، و التي غيبت بفعل تطورات أدخلت منتجات عصرية أكثر تنوعا و أقل سعرا أحيانا، لتحفظ في الخزائن كأرشيف لم يعد بالنسبة للكثيرين صالحا لهذا الزمن، في حين حولها الكثيرون إلى فراش للحيوانات الأليفة أو تغطية السيارات في الخارج لحمايتها من العوامل الطبيعية كالبرد و أشعة الشمس، متناسين قيمة قطعة فنية سال من أجل تصميمها و صنعها عرق حرفيين يصارعون التطور للاستمرار في نشاطهم.
و بعد سقوطها أمام منتوجات مصنعة كثيرة، تجد الزربية التقليدية اليوم منفذا للعودة مجددا، لفرض نفسها كقطعة فنية نادرة في ديكورات البيوت التي يستمتع أصحابها بالذوق الرفيع، بعد أن اختارها الغرب و أكبر مصممي الديكور لفرش بيوتهم العصرية و الأنيقة، بصوفها الطبيعي الأبيض، و مربعاتها السوداء، التي تجمع بين الأصالة و المعاصر، أو حتى تلك الزخارف البربرية ذات الألوان الزاهية التي تصنع الفارق بين ما تنتجه الأيادي و ما تصنعه الآلة.
رشيدة بن حمو، واحدة من حرفيات صناعة الزرابي التقليدية بمنطقة تيزي وزو، تتحدث عن هذه الحرفة، مؤكدة أن هذا النشاط أصبح غير مريح، في ظل نقص اليد العاملة التي تقول أنها تكاد تنقرض، خاصة بمنطقة الشمال و المدن الكبرى، مشيرة إلى أنها تعلمت الحرفة من جدتها و تمارسها منذ نحو 25 عاما، إلا أن أبناء الجيل الحالي، لم يعد يستهويهم الجلوس أمام “المنسج” لأيام أو أسابيع لإنتاج قطعة فنية بات تسويقها أصعب شيء على الإطلاق.
الحرفية التي لا تزال رغم كل الظروف تعمل جاهدة على صناعة زرابي فنية بمختلف الأحجام، و تسعى جاهدة لتسويقها عبر صفحات خاصة بمواقع التواصل الإجتماعي، قالت أن المتابعين لا يكلفون أنفسهم حتى الإطلاع عليها.
و أضافت رشيدة أن الحرفيين في هذا المجال، يعانون من ضعف الإقبال الذي يكاد ينعدم، حسبها، في ظل اكتساح المنتوجات المصنعة الأرخص ثمنا ، التي تستهوي الجميع، علما أن أسعار الزرابي التقليدية يعتبرها الكثيرون مرتفعة بالمقارنة مع قدرتهم الشرائية، إذ يقدر سعر زربية قاعة الاستقبال مثلا ب25000 دينار إلى 55000 دينار لزربية بمقاس 290 سم/160 سم، بينما يصل سعر زربية صغيرة بمقاس 1 متر/60 سم إلى 18000 دينار لقطعتين معا.
أما عن الفئات التي تقتني هذه المنتجات، أكدت السيدة رشيدة أنها و بقية الحرفيين يتعاملون مع الأجانب و المغتربين، الذين يقتنون منتجاتهم عادة خلال موسم الاصطياف، غير أن إجراءات و تبعات جائحة كورونا شلت نشاطهم تقريبا، و كدست منتوجات، قالت أنهم تعبوا في إخراجها بالصورة التي هي عليها.
و أشارت رشيدة التي تحاول مسايرة الموضة في تصاميمها لضمان التسويق، إلى اهتمام بعض الجزائريات في الآونة الأخيرة بالزربية التقليدية، لا لشيء سوى لأنها أصبحت تواكب آخر صيحات موضة الديكور، حال الزربية البيضاء المزركشة بمربعات سوداء، التي قالت أنها تلقى اهتماما و إقبالا لم تسجلهما خلال السنوات الماضية.
و في انتظار تخصيص أسواق للحرفيين و الصناعات التقليدية، تضمن تسويق منتوجات ترمز للهوية الجزائرية، تبقى رشيدة و أمثالها من الحرفيين، يجتهدون للترويج لسلع تتكدس بالبيوت و الورشات أمام إقبال يكاد ينعدم.
إ.زياري

الرجوع إلى الأعلى