من ذكر نقرين، درّة الواحات، الكائنة بجنوب ولاية تبسة، ذكر نخيلها، فالنخلة هي الأم و الحبيبة، و ملهمة الفنانين، و من بينهم الحرفي و الفنان عبد العزيز عزوزة الذي تربطه بها قصة حب قديمة، فقد أهدته سعفها ليحوّله إلى أجمل المنحوتات و التحف الفنية التي تبهر العين و تسحر العقل.

في نقرين، حيث توجد الكثير من أشجار النخيل، يجد الزائر السعف و الجذوع ملقاة هنا و هناك، دون أن يهتم بها أحد، لكنها لفتت انتباه عاشق النخيل و الطبيعة  الفنان التشكيلي  عبد العزيز عزّوزة، فركز  مهاراته و  قدراته على هذه  القطع  المهملة، فحولها إلى قطع فنية مميزة.
و في لقائه بالنصر، قال الفنان إنه يقوم بجمع قطع “الكرشاف” أو “الكرناف”، كما يطلق عليها سكان المنطقة، التي توجد بكميات معتبرة في نقرين،  و يحولها من مواد غير نافعة، إلى مادة أولية يبدع بها قطع ديكور و تحف و أعمال فنية متنوعة.
ابن نقرين تحدث عن مسيرته مع النحت و النخيل، قائلا إنه نشأ و ترعرع في كنف عائلة أغلب أفرادها حرفيين، كانوا يصنعون القفف و المظلات، و أيضا “القروية” أي السلال أو القفف الكبيرة المخصصة لحمل التمور فوق الحمير، فورث عنهم هذه الحرفة و مارسها فترة من الزمن.
و أضاف الحرفي ـ الفنان أنه شد الرحال بعد ذلك إلى ليبيا و مكث بها عدة سنوات، و تعلم هناك صنع الكراسي و الطاولات من جريد النخيل، فأبدع في ذلك أيما إبداع،  وعندما رجع إلى مسقط رأسه نقرين،  أبرم اتفاقية مع دار الثقافة بتبسة، للمشاركة بأعماله و إبداعاته في الأسابيع الثقافية التي تنظم بمعظم ولايات الوطن، إلى جانب حرفيي ولاية تبسة، بعد ذلك انهمك عبد العزيز عزوزة، في النحت على “الكرشاف” أو “الكرناف”، فأحب هذا النوع من الفن، و طوره، مركزا على نحت الرموز و النقوش و الأدوات التراثية و التقليدية و رسم لوحات تعكس الطبيعة الصحراوية.
هذا النشاط الإبداعي، كما أكد المتحدث، فتح له المجال للتعامل مع عدة محلات للصناعات التقليدية في ولاية الوادي، فأرسل له أصحابها صورا و رسومات و طلبوا منه تجسيدها على جريد النخيل ليبيعونها للسياح و الزوار الراغبين في اقتناء هدايا تذكارية و قطع ديكور، مضيفا أن نشاطه في هذا المجال تراجع، ثم توقف منذ مدة، بسبب جائحة كورونا، و توقف حركة السياح.
و أوضح عبد العزيز للنصر، أنه يستعمل في النحت العديد من الأدوات الحادة، إلى جانب آلة خاصة لقطع سعف و جذوع النخيل، أحضرها له صديقه نجم العلوم محمد دومير من قطر.
عن مشاركاته في المعارض المحلية و الوطنية التي تقام من حين لآخر، قال المتحدث إنه شارك في العديد منها، لكنه اكتفى بعرض الكراسي و الطاولات فقط، التي صنعها من سعف النخيل، مشيرا إلى أن مشكلة التسويق من بين العراقيل التي تحول دون تحقيق أهدافه.
و أكد أنه لو كان يملك آلة نجارة،  لصنع بها العجب، على حد تعبيره، و أبدع تحفا حقيقية ، مادامت المادة الأولية متوفرة و مجانية، أو مقابل مبلغ رمزي أحيانا.
عزوزة، قال للنصر، إنه حظي بزيارة مديرة السياحة والصناعات التقليدية، ومدير لونساج، و مدير لاكناك، ومدير غرفة الصناعات التقليدية لولاية تبسة ، لبيته ، و شاهدوا عن قرب  منتجاته و نالت إعجابهم الشديد، مضيفا أن مدير لاكناك طلب منه زيارته في مكتبه بمدينة تبسة، و وعده بتقديم يد المساعدة له.
و يعقد المتحدث آمالا كبيرة على زيارة المسؤولين لبيته و اطلاعهم على أعماله، و يطمح لإخراج إبداعاته من الظل إلى دائرة النور،  ليطلع عليها الجمهور الواسع و يتمكن من تسويقها، واعدا بتطوير إبداعاته و توسيعها لتشمل إلى جانب اللوحات التشكيلية و المنحوتات، المزيد من قطع الديكور و الأثاث و التحف المتنوعة .
ع. نصيب

الرجوع إلى الأعلى