توفي أول أمس  الفنان المسرحي المغربي الكبير الطيب الصديقي، عن عمر ناهز 77 عاما في مصحة بمدينة الدار البيضاء بالمغرب كان يخضع فيها للعلاج، و قد ولد عام 1939 في مدينة الصويرة المغربية، و سافر في سن السادسة عشر إلى فرنسا لإكمال دراسته، و في ذات الوقت لمباشرة دورات تكوينية في المسرح، بعدها عاد إلى المغرب عام 1960، حيث استأنف نشاطاته الفنية و المسرحية، فساهم في تفعيل حركية و تحسين وضعية المسرح المغربي، الذي اشتغل عليه و أخلص له الفن و العطاء.
شارك صديقي بمسرحية «عمايل جحا» بباريس بعد أول تكوين له، ثم كون فرقة «المسرح العمالي» سنة 1957 بالدار البيضاء، و قدم مسرحية «الوارث»مع الفرقة ، ثم قدم مسرحية «بين يوم وليلة» لتوفيق الحكيم، ومسرحية «المفتش» المقتبسة عن غوغول سنة 1958، و»الجنس اللطيف» من اقتباسه عن «برلمان النساء» لأريستو فان، وكانت آخر مسرحية قدمها في إطار «المسرح العمالي»، و قدم من خلال مجموعة المسرحيات فكرة مختزلة عن المسرح الغربي.
في سنة 1960 وبعد عودته مباشرة من فرنسا، اقتبس وأخرج مسرحية «فولبون» لبين جونسون، بعدها كون فرقة عرفت بتسمية «المسرح البلدي»، وقدم من خلالها أول عرض بعنوان «الحسناء»،و بعدها تفرغ  للاقتباس من الروائع العالمية، منها مسرحية «في انتظار غودو» لصامويل بيكيت، ليخرج بعمل فيه إسقاطات وتقاطعات مع «في انتظار غودو»، إذ قدم مسرحية تحت عنوان «في انتظار مبروك». وفي عام 1966 كتب وألف أول مسرحية اجتماعية بعنوان «في الطريق»، عالج فيها ظاهرة الأولياء (الأضرحة)، وهي المسرحية ذاتها التي حولها في ما بعد إلى فيلم سينمائي بعنوان «الزفت».
تدرج الصديقي في أدواره ومهامه ومسرحياته، إلى أن أصبح أحد أهم رموز المسرح في المغرب والعالم العربي، حيث اشتغل ممثلا ومخرجا ومؤلفا مسرحيا وسينمائيا، واقتبس أكثر من 30عملا دراميا، و كتب أكثر من  30 نصا مسرحيا باللغتين العربية والفرنسية، وأخرج العديد من الأعمال المسرحية والسينمائية والأشرطة الوثائقية، ومثّل في عدد من الأفلام الأوروبية والعالمية، منها فيلم «الرسالة» لمصطفى العقاد.  كما كان له الفضل في تكوين عدة فرق مسرحية، و ساهم أيضا في تقديم أسماء مغمورة، منها فرقة «ناس الغيوان»، قبل أن تمتهن الغناء، و تصبح مشهورة.
تولى منصب مدير فني للمسرح الوطني محمد الخامس بالرباط. وفي سنة 1965 عُين مدير للمسرح البلدي بالدار البيضاء، وظل يشغل هذا المنصب إلى غاية عام 1977، و قد تنوع وتعدد عطاء و إبداع الطيب الصديقي، ولم يتوقف عند دروب و عوالم المسرح فقط، بل انخرط في فن السينما و اهتم به كثيرا. وبعد عمر مديد من العطاء الفني للمسرح والسينما، عُين الصديقي، لسنتين وزيرا للسياحة (1980-1982).
عميد المسرح المغربي، اهتم أيضا بالفن التشكيلي، وساهم في تأليف كتاب حول الفنون التقليدية في الهندسة المعمارية الإسلامية. وكانت مسرحية «عزيزي» آخر عمل درامي قدمه عام 2005، قبل أن يقعده المرض.
نوّارة/ ل

الرجوع إلى الأعلى