يفرض الكثير من الشباب في قسنطينة قوانين صارمة من أجل استمرار الجلسات الودية التي اعتادوا عليها، بعد أن كاد الفايسبوك يقضي عليها،  خاصة مع ظهور عادات جديدة ارتبطت بالتكنولوجيا و عالم الاتصال داخل المجتمع الجزائري في السنوات الأخيرة جعلت تجمعات الأصدقاء تفقد بريقها القديم.
تم فرض قوانين صارمة  تقضي بعدم استعمال الهاتف، بأي شكل من الأشكال إلا في الحالات الاضطرارية و عدم التحدث لأكثر من دقائق، وغيرها من الضوابط التي أصبح الشباب يفرضونها في مجالسهم، لكي يسترجعوا نكهتها القديمة و أحاديثهم الجميلة، ومن يخترق هذه القوانين تفرض عليه عقوبات مثل دفع أموال أو تسديد تكاليف وجبة غذاء في مطعم، فالملاحظ أن ظهور الانترنت بشكل موسع، خاصة تقنية الجيل الثالث ساهم بربط أجهزة الهاتف بالعالم الخارجي فأصبحت العلاقات الاجتماعية تعاني من تأثير هذا الانفتاح على العالم، خاصة على مستوى الأسرة و جلسات الأصدقاء. كثيرون من الشباب في قسنطينة مرتبطون بالعالم الافتراضي و يلجون لمواقع التواصل الاجتماعي بشكل مستمر، وهو ما جعلهم يبتعدون تدريجيا عن العالم الواقعي الذي يضم أصدقاء وعائلة وجيران، الأمر الذي انعكس على بعض التقاليد التي يعرفها المجتمع الجزائري، كالسهر و السمر و سرد الحكايات المرحة بين الأصدقاء أو أفراد العائلة وأصبحت السمة الأساسية هي الإبحار في عالم الانترنت من خلال الهواتف الذكية وعدم الإحساس بما يحدث في العالم الواقعي.
وليد، وهو شاب لا يزال يلتقي بأصدقائه الذين كانوا يدرسون معه في الجامعة، اعتبر بأن مجالسة الأصدقاء لم يعد لها نكهة خاصة في ظل المبالغة لحد التطرف في استعمال تقنيات الاتصال، فالبداية كانت مع استعمال شرائح الهاتف التي تتيح التحدث لساعات مجانا، فأصبحت جلسات الأصدقاء ناقصة، لأن بعضهم يبقون لأزيد من ساعتين على الهاتف، لكن الأمر تطور بشكل كبير حاليا، وأصبح استعمال الفايسبوك بشكل مفرط، تزامنا مع ازدياد استعمال تقنية الجيل الثالث  ما يجعل السهرات بمثابة التقاء في مقهى انترنت، حيث يستعمل كل شخص هاتفه الشخصي، ولا يتحدث مع أصدقائه لساعات طويلة، وهو ما انعكس بشكل سلبي على "قعدات" الأصدقاء و لقاءاتهم، فاضطروا لوضع قوانين صارمة و من يتجاوزها يدفع فاتورة العشاء في مطعم، أو تحمل أي عقوبة يتفق الأصدقاء عليها.
محمد الأمين كتب في صفحته على الفايسبوك وعلامات الغضب من أصدقائه جلية في عباراته: "صرت ألاحظ تصرفات الكثير من أصدقائي، الفايسبوك و الهاتف و الجيل الثالث، أفسدوا قعداتنا وجعلوا الملل يطغى عليها، عندما نلتقي  في السيارة تجدهم متصلين بالانترنت، تذهب إلى مكان العمل تجدهم في نفس الحالة ، نلتقي  في مقهى يبحرون في الانترنت ،حتى حين نقرر الذهاب في جولة سياحية يجعلها هؤلاء الأصدقاء مملة، لأنهم موصولون بالإنترنت طول الوقت ، اتركوا لقعداتنا ميزتها".  وضع جعل العديد من الشباب يحذفون تطبيق الفايسبوك من هواتفهم، و أصبحوا  يستعملون موقع التواصل الاجتماعي، حين يكونون بمفردهم، لأنه تسبب في غضب زملائهم وأصدقائهم،حيث يرى لطفي بأن التطبيق الموجود في الهاتف  "سلب منا حياتنا الواقعية، وجعلنا نعيش حياة الآخرين الذين لا يعيشون يومياتنا" ما جعله يربح راحة باله، على حد تعبيره، بحذف تطبيق الفايسبوك.
و يرى محللون و خبراء في علم النفس و علم الاجتماع بأن إدمان المواقع الاجتماعية يدخل المدمنين في حالة عزلة عن مجتمعهم و يبعدهم عن أفراد أسرهم و بالتالي يفقدهم التواصل مع العالم الواقعي. في حين أن وجود العَلاقات الاجتماعية بين الأصدقاء ضروري للإحساس بالأمان، خاصة مع وجود العاطفة، والمودَّة، وغيرها من الصفات الحميدة، التي تجعل المجتمع متماسكا. كما أن فرض توقيت للربط بشبكة الإنترنت،  أحد الحلول التي تساهم في استمرار علاقات الصداقة بشكل جيد.
حمزة.د

الرجوع إلى الأعلى