معلم أثري صمد في وجه الزلزال و انهار بسبب الإهمال

يعرف قصر عزيزة الأثري ببلدية بني تامو بولاية البليدة، حالة من الاهتراء والتدهور و تأثرت معالمه كثيرا، بعد أن تحول إلى مأوى لعدد من العائلات بعد الاستقلال مباشرة، حيث أن هذا القصر الذي شيده خلال الفترة العثمانية الحاكم العثماني مصطفى باشا لابنته عزيزة، تدهورت اليوم حالته بسبب استغلاله من طرف عائلات غيرت الكثير من معالمه الهندسية و الفنية.
 ويعد قصر عزيزة المبنى الوحيد الذي صمد أمام الزلزال العنيف الذي ضرب البليدة في سنة 1825 و أتى على نصف سكان المنطقة التي كان يبلغ عدد سكانها في تلك الفترة 07 آلاف نسمة، و تم تسجيل وفاة 03 آلاف شخص، و قد استطاع هذا القصر الصمود بسبب تشييده بنظام مضاد للزلزال، فكل المنازل التي كانت بمحيطه انهارت، و بقي هو، رغم قوة الزلزال وعدد الأرواح التي حصدها.
و أنجز القصر بطريقة هندسية جميلة ترمز إلى بصمات الحقبة العثمانية، وأعطته الأقواس المتواجدة بكثرة في هيكله طابعا عمرانيا مميزا، و تحيط به بساتين البرتقال ، و قد تحول إلى جنة فوق الأرض يغمرها الاخضرار من كل الجوانب، و تتوفر في محيطه كل وسائل الراحة التي زادت في جمال المكان وروعته.
خلال الاستعمار الفرنسي، تم تحويل هذا القصر إلى سجن مركزي و ثكنة للجيش الفرنسي، ورغم تأثر معالمه خلال تلك الفترة، إلا أنها لم تكن بنفس الدرجة التي أصبح عليها اليوم بعد استغلاله من طرف عائلات للسكن، حيث تآكلت بوابته الرئيسية التي يزيد علوها عن 03 أمتار والمصنوعة من خشب الأرز، كما تآكلت نوافذه و أسواره الحجرية و تدهورت حالتها كثيرا.
و الملفت أن العائلات القاطنة بهذا القصر غيرت نمطه العمراني و هندسته، حيث أغلقت أبوابه المقوسة، للفصل بين العائلات المقيمة داخله، كما شيدت سلالم جديدة بداخله غيرت في مخططه الأصلي و شكله العثماني.
وكانت العائلات القاطنة بهذا القصر قد طالبت بالترحيل مرات عديدة، بسبب ظروف الإقامة غير اللائقة، خاصة بعد أن تقاسمته عدة عائلات فيما بينها، واضطرت إلى غلق بعض الأبواب والأقواس من أجل فصلها عن الأجزاء الأخرى. و حسب مصدر مسؤول ببلدية بني تامو، فإن السلطات المحلية كانت قد برمجت ترحيل هذه العائلات إلى سكنات اجتماعية جديدة ببلدية مفتاح شرق الولاية، في إطار عمليات الترحيل التي مست السكنات الفوضوية بالمنطقة خلال الأشهر الماضية حتى يفسح المجال لها لترميم القصر و تحويله إلى معلم أثري، إلا أن هذه العائلات رفضت الترحيل إلى مفتاح و طالبت بسكنات اجتماعية بمحيط بلدية بني تامو، و أضاف المصدر بأن البلدية تتوفر على حصة سكنية بـ250 سكن اجتماعي توجد قيد الانجاز، و لدى  استلامها سيتم ترحيل العائلات القاطنة بقصر عزيزة و فتح المجال لإعادة ترميمه و ضمه إلى قائمة المعالم الأثرية بالولاية.
برنامج "استعجالي" للترميم مؤجلخصصت مديرية الثقافة لولاية البليدة برنامجا استعجاليا لترميم قصر عزيزة و إنقاذه من الحالة السيئة التي يوجد عليها، خاصة وأنه يعد المعلم الأثري الوحيد بمنطقة بني تامو، ورغم أن العديد من المشاريع بقطاع الثقافة جمدت، بسبب سياسة التقشف المعتمدة من طرف الحكومة بعد انخفاض أسعار النفط، إلا أن مشروع ترميم قصر عزيزة لم يشمله التقشف، و قررت مديرية الثقافة عدم تجميد الغلاف المالي المخصص له.
و حسب مصدر مسؤول بمديرية الثقافة، فإنه قد تم تخصيص مليار سنتيم لترميم القصر، مشيرا إلى أن الدراسة التقنية للمشروع انتهت، في انتظار إطلاق المشروع، لكن عملية الترميم مرتبطة بترحيل العائلات القاطنة فيه، و رفض هذه الأخيرة الترحيل إلى مفتاح، أخلط أوراق المسؤولين المحليين و بذلك فعملية الترميم ستتأجل إلى غاية استلام المشاريع السكنية ببلدية بني تامو و ترحيل العائلات و إخلاء القصر.                                                           

نورالدين-ع

الرجوع إلى الأعلى