اثنان وسبعون دولة ستلتقي غدا بالجزائر  في اجتماع  المنتدى الدولي للطاقة في طبعته الخامسة عشر ومن بعده يعقد لقاء للدول المصدرة للنفط "أوبك"، و يأتي هذا اللقاء في ظرف صعب تمر فيه السوق العالمية للنفط والغاز بأزمة كبيرة أثرت ليست فقط على الدول المنتجة بل على الجميع دون استثناء.
 و حتى و إن كان المنتدى العالمي للطاقة الذي تأسس سنة 1991 إطارا غير رسمي، إلا أنه فضاء مهم للتشاور، ومنه يمكن الخروج بقرارات قد تعيد التوازن  للسوق النفطية العالمية، وترفع الضرر عن الكثير من البلدان.
 والجزائر المعروفة بسياستها البعيدة عن التحالفات، وسياسة الخطوط المشبوهة، تسعى من خلال هذا الاجتماع للخروج بقرارات ايجابية من أجل مصلحة الجميع ، منتجين للطاقة ومستهلكين لها، في ظرف عالمي صعب يتميز بركود في الاقتصاديات العالمية النشطة ما قد يؤدي إلى أزمات أكبر من الأزمة الطاقوية، وقد يوسع من دوائر العنف في هذا العالم نتيجة لذلك.
وتقوم الجزائر منذ شهور بجهود كبيرة
- باعتراف الجميع- من أجل خلق توافق عالمي حول مسألة الطاقة، وتقريب وجهات النظر بين الدول المنتجة وأغلبها من دول العالم الثالث، وبين المنتجين الكبار من خارج العالم الثالث، وبين المستهلكين أيضا، ولا يخفى على أحد أن دول العالم الثالث  المنتجة للنفط والمنضوية تحت لواء منظمة أوبك تضررت كثيرا نتيجة تراجع أسعار الذهب الأسود في الأسواق العالمية منذ منتصف سنة 2014.وليس اجتماع الجزائر غدا سوى من أجل خلق أرضية جديدة يمكن أن تشكل انطلاقة جديدة أيضا في هذا المجال في الأشهر المقبلة، قد تعطي الأمل نحو مستقبل أفضل، بعد قرابة السنتين من التشاؤم، وهو ما أعلن عنه المسؤول الأول عن قطاع الطاقة في بلادنا الوزير نور الدين بوطرفة.
ولا يمكن لأي دولة في العالم من المنتجين للبترول والغاز أو المستهلكين لهما.. من داخل أو خارج منظمة الدول المصدرة "أوبك" أن تشكك في نية العمل الذي تقوم به الجزائر في هذا المجال فقد دعت منذ بداية الأزمة إلى خطوات وحلول معقولة لتجنب انهيار نفطي  وطاقوي كبير، ولم تبخل بجهدها ودبلوماسيتها في هذا الأمر.
 هذا على عكس ما تقوم به دول منتجة للطاقة، حتى من داخل أوبك، التي دخلت في تحالفات وسياسات دولية كبيرة ومتشابكة مع دول مستهلكة من أجل التأثير على الأسعار خدمة لمصالح واستراتيجيات دول كبرى في المنطقة العربية وفي العالم برمته،  وكما يعلم الجميع فإن النفط والغاز هما شريان الاقتصاد العالمي في الوقت الحالي وبالتالي يمكن تصور مدى التأثير الذي قد تتركه هذه السياسات على العالم و الدول المستهدفة على وجه التحديد.  و كذلك عكس ما تقوم به دول من داخل "أوبك" تتظاهر بالعمل لمصلحة دول المنظمة لكنها في واقع الأمر تعمل مع جهات من خارج أوبك ضد هذه المصلحة، ولا تتوانى في عدم الالتزام بالقرارات التي تصدر عن المنظمة في كل مرة، بل و تسعى في السر إلى بيع بترولها خارج الحصص الممنوحة لها.ومن هذا المنطلق من حق الجزائر أن تتفاءل بنجاح الاجتماع الذي سيعقد غدا بقصر الأمم بنادي الصنوبر، ومن حقها  التسويق والترويج للجهود الكبيرة التي قامت بها من أجل جمع شمل الدول المنتجة والمستهلكة للطاقة على السواء في لقاء واحد، لأن المبادرة في حد ذاتها نجاح وتحسب لصاحبها، في وقت قتلت فيه الخلافات السياسية الأمل لدى الجميع.
النصر

الرجوع إلى الأعلى