ضرب حريق مهول استمر عدة أيام جبال بني صالح بقالمة و حول المحمية الطبيعية الشهيرة إلى رماد و أتى على مساحة واسعة من غابة التسلية المجاورة للمحمية مخلفا كارثة إيكولوجية ستبقى آثارها عدة سنوات، حيث تعرضت عدة أنواع و أصناف من الحيوانات و الطيور و الزواحف و النباتات إلى دمار هائل عندما تحولت الغابات الخضر الواسعة إلى فضاء أسود و كأنها من مخلفات بركان ثار هنا منذ عدة أيام و ألقى بحممه الحارقة على المنطقة،  معلنا نهاية الغابات المطيرة التي ظلت الرئة التي تتنفس بها الأقاليم الممتدة من قالمة و الطارف و سوق أهراس إلى غاية الحدود التونسية الشرقية. 

النصر تنقلت إلى الجبهة المشتعلة مساء السبت و وقفت على حجم الكارثة و عاشت لحظات مع فرق الإطفاء المشكلة من الجيش و محافظة الغابات و الحماية المدنية و قطاع الطرقات و الري و مقاولات خاصة استجابت لنداء التدخل و حركت عتادا ضخما إلى خط النار، في محاولة لصد النيران المستعرة لكن مهمتها كانت مستحيلة، حيث وقف الجميع عاجزين أمام هول الكارثة التي وصفها بعض أعوان الغابات بيوم القيامة عندما تحدثوا للنصر عن أخطر حريق تتعرض له جبال بني صالح الشهيرة حاضنة الثورة المقدسة و قاعدتها الشرقية.  
جنة  تتحول إلى فضاء أسود
الوصول إلى جبال بني صالح كان عبر قرية صغيرة تسمى مقسمية ببلدية مجاز الصفا و الطريق يسمى الولائي 111 الرابط بين قالمة و بوحجار بولاية الطارف ثم الحدود التونسية، عند مدخل القرية تصادفك كتابات حمراء واضحة على جدار نقطة انتظار وسائل النقل  تعبر عن معاناة سكانها من العزلة.
وهنا تغيب مظاهر التمدن كما تنتهي هنا أيضا الحياة البرية التي ظلت قائمة منذ قرون طويلة من الزمن، لم تعد هناك غابات تلطف الأجواء و تساعد على سقوط الأمطار و لم تعد هناك الطيور و الحيوانات النادرة و أشجار الزان و الفلين و الكاليتوس و نباتات الريحان و منابع المياه، احترق كل شيء و تحولت بني صالح إلى فضاء أسود مخيف في غضون ساعات و أصيب الجميع بذهول و وصفوا ما حدث بكارثة بيئية و إيكولوجية ستكون لها تداعيات مدمرة خلال السنوات القادمة.

 
كان الطريق إلى هناك صعبا للغاية لا يصلح إلا للجرارات الفلاحية و الشاحنات، لقد تحول من طريق ولائي استراتيجي يربط قالمة بالطارف و تونس إلى مسلك ريفي تملؤه الحفر و الحجارة و الغبار و رغم هذا كانت الشاحنات العسكرية و شاحنات الحماية المدنية و سيارات «الستايشن» التابعة لمحافظة الغابات تخترقه بسرعة كبيرة و هي تتجه إلى الجبهة المشتعلة محملة برجال الإطفاء و المياه و المؤن و الخيام و الجرافات العملاقة، كان الغبار يغطي الطريق المتداعي الذي تسبب في عزلة سكان بني صالح و دفع بهم إلى الاحتجاج الصامت عبر كتابات على الجدران تقول بأن الحياة السعيدة و مظاهر التمدن انتهت هنا منذ سنوات طويلة و اليوم انتهت الحياة البرية أيضا و لم يبق إلا الرماد.   
لا شيء إلا السواد على مد البصر  
قطعنا الطريق المنهار بصعوبة و كانت مشته المكيمن آخر تجمع سكاني قبل دخول جبال بني صالح، كانت قطعان الأبقار و الماعز الأحمر بالحقول الواقعة على تخوم الغابات الشهيرة و بعض الأطفال على جانبي الطريق يبيعون التين الشوكي المنتشر بالمنطقة على نطاق واسع و يعد من بين مصادر عيش السكان إلى جانب تربية المواشي و النحل و بعض الزراعات المعاشية البسيطة.     الدخان يغطي السماء و يحجب أشعة الشمس و رائحة الأشجار المحترقة تملأ المكان، بينما فرق الإطفاء تسابق الزمن و تتحرك من جبهة إلى أخرى لإخماد الحريق المهول.
 قرب قرية مقسمية و مشتة المكيمن انتهى كل شيء و لم يبق إلا الرماد و السواد، لم تعد هناك غابات خضراء و مياه متدفقة و طيور تغرد فوق الأشجار العالية التي تساقطت تباعا بعد أن ظلت تعمر المنطقة منذ عقود طويلة.  عند مدخل الجبل المحترق وجدنا أول نقطة مراقبة تتشكل من أعوان الغابات و الحماية المدنية يحرسون كميات هائلة من الفلين و يدافعون عنها بقوة حتى لا تصلها النيران، ربما يكون هذا آخر محصول فلين يتم جنيه من غابات بني صالح بعد أن دمرت الحرائق الآلاف من الأشجار المنتجة لهذا المورد الاقتصادي الهام.  احترق كل شيء و استسلمت فرق الإطفاء للأمر الواقع و كانت خيبة الأمل بادية على وجوه الجميع و هم يجلسون على جانب الطريق و كأنهم يبكون على دمار مر من هنا و حول الإقليم الأخضر إلى خراب ما بعده خراب.    تحدث رجال الإطفاء المرابطون على الجبهة الغربية من جبال بني صالح عن قوة الحريق قائلين « كان مشهدا مرعبا كأنه يوم القيامة، ألسنة النيران ارتفعت إلى أكثر من 30 مترا فوق الأشجار و ألقت الرياح القوية بكتل النار على مسافات بعيدة، وقف الجميع مذهولين و هم يدافعون عن المحمية، لم تتمكن الجرافات العملاقة من صد النيران و اضطرت إلى الانسحاب، لن ننس ما رأته أعيننا هنا، ما حدث كان بحجم كارثة سنبقى فقط نحتفظ بمظاهر التضامن و التلاحم بين الجيش و الحماية المدنية و محافظة الغابات و السكان، كنا رجلا واحدا على خط النار لكننا لم نتمكن من مواجهة اللهب الممتد على مسافات طويلة و الدخان الذي يغطي المكان و يحجب الرؤية و يطبق على الصدور».  


الجيش في قلب المعركة الرهيبة  
غادرنا موقع حراسة الفلين و واصلنا سيرنا عبر الطريق المنهار وسط بقايا الحريق حتى وصلنا إلى نقطة تمركز الجيش الوطني الشعبي قرب منتجع سياحي غابي يجري إنجازه وسط بني صالح في إطار مشروع ضخم أطلقته سلطات قالمة لتطوير السياحة الجبلية.  كانت الشاحنات العسكرية على جانب الطريق في وضع الانطلاق تحسبا لصدور أوامر بالتحرك نحو جبهة أخرى، و الجنود على خط النار في معركة مضنية لحماية المنتجع الغابي المحاط بالأسلاك ، لكنهم لم يتمكنوا من صد النيران و تحول المنتجع إلى فضاء أسود يغطيه الرماد، كان الجنود المرابطون يراقبون الوضع و يتلقون الأوامر من القيادة المتواجدة قرب موقع التخييم الذي وضع في قلب بني صالح عقب اندلاع الحريق الأسبوع الماضي.  و ووصلت تعزيزات الجيش إلى المنطقة المشتعلة بعد أن عجزت فرق التدخل الأولى عن مواجهة الوضع نظرا لقوة النيران و كثافة الغطاء الغابي و صعوبة المسالك المؤدية إلى المواقع المشتعلة.  و تعمل فرق الجيش و الحماية المدنية و الغابات بتنسيق محكم على طول خط النار الممتد على مساحة واسعة.  
 محافظ الغابات بقالمة   


هي  كارثة إيكولوجية  قد تستمر تأثيراتها لسنوات  
تجاوزنا موقع تمركز الجيش الوطني الشعبي و توجهنا شرقا نحو المحمية الطبيعية أين يعيش حيوان الأيل البربري و أصناف أخرى نادرة من الطيور و الحيوانات البرية و النباتات.   في الطريق إلى هناك كان كل شيء محترقا و أشجار الفلين العملاقة تهوي على الأرض باستمرار بعد أن وصلت النيران إلى جذوعها و حولتها إلى فحم أسود تملأ رائحته المكان.  عندما وصلنا كانت النيران قد دمرت مساحة كبيرة من المحمية و امتدت إلى مسافات بعيدة و كنا نرى ألسنة اللهب القوية تخترق الغابات باتجاه الحدود مع ولاية سوق أهراس.  هنا وجدنا مركز القيادة التابع لمحافظة الغابات و الحماية المدنية و قوات هائلة من فرق التدخل التي قدمت من ولايات أخرى بينها أم البواقي و باتنة لدعم الفرق المحلية في مواجهة أسوأ حريق تعرفه غابات الولاية منذ عقود طويلة. يقول محافظ الغابات بقالمة بشير دينار متحدثا للنصر « لقد أتى الحريق من إقليم ولاية الطارف المجاورة و تحرك بسرعة باتجاه غابات بني صالح تحت تأثير الحرارة القوية و الرياح التي كانت بمثابة العامل الرئيسي الذي أدى إلى اتساع رقعة الحريق، حاولنا حماية المحمية الطبيعية لكن قوة الحريق حالت دون ذلك، لقد تضرر الموقع المصنف بنسبة كبيرة و ربما تكون حيوانات الأيل البربري قد ماتت و بعضها يكون قد فر إلى مواقع أخرى بعد أن قمنا بتحطيم سياج المحمية لتمكين قطعان الأيل من الهروب، إنه حريق مهول، لقد احترقت حيوانات أخرى كالخنازير و الثعلب و الذئب و القنفذ و هلكت الطيور و الزواحف و الحشرات التي تشكل مصدرا للتوازن الإيكولوجي و البيئي بجبال بني صالح، إنها كارثة بيئية و اقتصادية، ربما قد تتأثر مصادر المياه الجوفية أيضا بسبب قوة الحريق، و المؤكد أن المحمية لن تتعافى قبل عدة سنوات قادمة، هذه ضربة قوية  للاقتصاد و السياحة و المحيط الطبيعي، الحريق مازال مستمرا كما ترون و نحن نعمل حاليا على حماية بعض الجيوب التي لم تصلها النيران حتى تكون ملاذا لبقايا حيوان الأيل البربري، سنضع خطة للبحث عن الحيوانات المصابة ومعالجتها حتى تكون مصدرا للتكاثر في المستقبل، لقد احترقت نباتات طبية و نباتات الزينة، ما حدث كان فظيعا و ربما تمتد آثاره لسنوات أخرى قادمة».   و قال سكان المشاتي و القرى القريبة من جبال بني صالح بقالمة بأن رعاة البقر ربما يقفون وراء الحرائق التي اندلعت الأسبوع الماضي و ظلت تتوسع حتى دمرت الغابات الشهيرة دمارا كليا تقريبا و طالب السكان بإخراج رعاة البقر و مربي النحل من بني صالح حتى تتوقف الحرائق و تتعافى الطبيعة من جديد.   فريد.غ

الحرائق تلتهم أكثـر من  37 هكتارا من غابات بني يعقوب
36 يوما من المواجهة مع ألسنة اللهب ببلدية طامزة بخنشلة
قضى رجال الحماية المدنية و أعوان الغابات، ما يزيد عن 36 يوما من المتاعب في  مسالك عين ميمون ببلدية طامزة، و تضاريسها الوعرة لإخماد ألسنة اللهب التي تنتقل من مكان لأخر،  و لا تحدث إلا في الأماكن الوعرة التي يصعب الوصول إليها بآليات الإطفاء، و هو ما زاد من متاعب رجال الحماية المدنية.
و منذ بداية شهر جويلية إلى غاية نهار أمس، و الحماية المدنية و محافظة الغابات في حالة طوارئ قصوى،  حيث سجلت الحماية المدنية وحدها 49 تدخلا، بعد تسجيل خسائر مادية معتبرة  في أشجار الصنوبر الحلبي، و البلوط، و شجرة الأرز الأطلسي النادرة، و بلغت المساحة الإجمالية 37 هكتارا من غابات أولاد يعقوب الكثيفة المعروفة وطنيا، حيث تم تسجيل 26 تدخلا في شهر أوت، و خسائر بـ10 هكتارات من الغابات، و منذ بداية شهر أوت أي في خلال 5 أيام، تم تسجيل إتلاف 26 هكتارا من الأشجار الغابية، و 23 تدخلا لرجال الحماية المدنية الذين  سخروا كل إمكاناتهم المادية و البشرية، من أجل السيطرة على الحرائق التي ألحقت أضرارا بليغة بمنطقة أولاد يعقوب بعين ميمون ذات الغابات الساحرة.
مصالح الحماية المدنية و أعوان محافظة الغابات، و حتى السكان المجاورين مازالوا إلى غاية كتابة هذه الأسطر في عمل تضامني كبير، بغية وقف لهيب النيران التى لا تزال مشتعلة، و خاصة بمناطق الصومعات، تيزي نورار، و عين قيقل و كلها مناطق غابية معروفة ببلدية طامزة، أين تسببت في صعود دخان كثيف  وصل إلى مقر عاصمة الولاية، و أدى إلى نزوح  بعض السكان المجاورين هروبا من ألسنة النيران و الدخان.   ع بوهلاله

الولايات الشرقية الأكثـر تضررا و التعويضات بعد 31 أكتوبر  


 المـدير العـام للـغـابات:  مــربــو مـواشٍ و تــجـار الفحـم وراء العديـد مـن الحـرائق
• أكثر من 14 ألف هكتار من الثروة الغابية التهمتها  النيران
كشف المدير العام للغابات، عز الدين سكران، أمس الأحد أن الشروح في التعويضات الناجمة عن الخسائر المترتبة عن حرائق الغابات ذات العلاقة بالقطاع الفلاحي سيتم بعد  31 أكتوبر المقبل موعد استكمال التحقيقات في كل الحرائق، مشيرا إلى أن مصالحه أحصت ما يقارب 1704 حريق منذ الفاتح جوان المنصرم أدت إلى إتلاف 14 ألفا و 130 هكتارا من المساحات الغابية والأدغال والأحراش.
وفي ندوة صحفية عقدها بمقر المديرية العامة للغابات في بن عكنون بالعاصمة، قدم خلالها الحصيلة المؤقتة لحرائق الغابات منذ انطلاق موسم الصيف، أوضح السيد سكران، أن مصالح مديرية الغابات تواصل عملية الإحصاء والتحقيق التي حول الأضرار الناجمة عن الحرائق، التي قال أنها أشرفت على الانتهاء، مبرزا أن الشروع في عملية التعويض ستتم بعد 31 أكتوبر المقبل، وذلك عقب استكمال التحريات الإدارية والأمنية من جهة ونهاية موسم الحرائق من جهة أخرى.
وفي رده عن سؤال للنصر عن سبب تأخير تقديم التعويضات التي أقرها رئيس الجمهورية عبد العزيز بوتفليقة لكل المتضررين على المستوى الوطني، إلى غاية التاريخ المذكور، أشار المدير العام للغابات أن هذا التاريخ يتعلق بموعد استبدال الممتلكات التالفة بفعل الحرائق بالنسبة للمتضررين غير المؤمنين، ذات العلاقة بوزارة الفلاحة والتنمية الريفية من أشجار مثمرة وخلايا النحل، أما  المؤمنون فسيتلقون تعويضاتهم، من شركات التأمين بصفة عادية.
وفي رده عن سؤال آخر للنصر حول كيفية تأكد اللجان الولائية المشتركة للتحقيق مما إذا كانت تصريحات المتضررين صحيحة أو مبالغ فيها، أكد السيد سكران بأن مصالح الغابات على اطلاع وثيق بكل ممتلكات القاطنين في المناطق الغابية أو جوارها وأن الأعوان يعرفون جيدا ما يملكه المزارعون والمربون في المناطق الغابية لذلك فمن السهل إحصاء الأضرار التي أصابت ممتلكاتهم بدون أي مشكل.
وفي تقديمه لحصيلة الأضرار التي لحقت الغطاء النباتي جراء حرائق  الغابات المسجلة في الفترة الممتدة من 1 جوان إلى غاية 5 أوت، أشار المدير العام للغابات إلى أن مصالح قطاعه أحصت، 1604 حريق انتشرت على مساحة مقدرة بـ  14310 هكتار، منها 4848 هكتار من المساحات الغابية و4656 هكتار من الأدغال و4806 هكتار من الأحراش، موضحا أن معدل انتشار الحرائق قدر بـ 24 حريقا تسببت في إتلاف 8,92 هكتار يوميا، وبالمقابل قام أعوان المديرية خلال نفس الفترة ب 1682 تدخل، منها 800 تدخل سريع، فيما تم تسجيل 78 تدخلا إثر إنذارات خاطئة.
وأشار المتحدث إلى أن الناحية الشرقية للبلاد كانت أكثر تضرر حيث شهدت ما لا يقل عن 658 حريقا تسببت في إتلاف 6583 هكتارا من الغابات، متبوعة بالناحية الوسطى للبلاد التي سجل بها 481 حريقا تسبب في إتلاف 5867 هكتارا ، أما غرب البلاد فسجل 465 حريقا أتى على ما لا يقل من 1860 هكتارا.
وسجل المتحدث ارتفاعا في عدد الحرائق مقارنة بنفس الفترة من العام الماضي التي تم خلالها إحصاء 1058 حريق أتت على 6725 هكتار منها 2175 هكتار من المساحات الغابية.
وذكر السيد سكران   بأنه لمواجهة الانتشار الكبير لهذه الحرائق، قررت المديرية العامة للغابات تجنيد الفرق المتنقلة على مستوى الولايات غير المتضررة لدعم الفرق المنتشرة في المناطق المتضررة بداية من هذا الأسبوع، مشيرا إلى أنه تم تسخير 405 أبراج مراقبة و481 فرقة متنقلة متكونة من 2456 عون غابات، بالإضافة إلى 32 شاحنة و2800 نقطة مياه.
ولدى تطرقه إلى الأسباب التي أدت إلى انتشار موجة الحرائق، قال المتحدث أن «أغلب الحرائق افتعلها أشخاص، سواء بطريقة متعمدة أو غير متعمدة، غير أن نسبة كبيرة منها كانت بطريقة غير متعمدة»، مؤكدا – في رده عن سؤال آخر للنصر، أن الذين قاموا بافتعال الحرائق عمدا «سيتم متابعتهم قضائيا، على اعتبار أن المديرية العامة للغابات ترفع دعوى قضائية ضد مجهول إثر كل حريق ومصالح الدرك الوطني تباشر تحقيقاتها على هذا الأساس، كما يتم رفع تقرير إخباري إلى السيد وكيل الجمهورية.
وذكر بأن بعض الحرائق يقوم بها مربو الأبقار في بعض المناطق توخيا لتجدد الغطاء النباتي الغابي فيما يكون البعض قد لجأ إلى ذلك من أجل الحصول على أكبر كمية من الفحم لتسويقه عشية عيد الأضحى المبارك.     ع.أسابع

حصيلة تدخلات الحماية المدنية خلال 5 أيام
نشوب 9 حرائق و إنقاذ 14 عائلة و 10 اسطبلات بعنابة
سجلت مصالح الحماية المدنية في حصيلة تدخلاتها لإخماد الحرائق إلى غاية يوم السبت الماضي، 9 حرائق كبيرة اجتاحت مناطق مختلفة بالولاية، و بدأت ألسنة اللهب في التوسع من يوم الاثنين الماضي 2 أوت، و استمرت 5 أيام متتالية، سخرت على إثرها مصالح الحماية المدنية، عتادا ضخما، و مئات الأعوان، إلى جانب الاستعانة بالرتل المتحرك لولاية سكيكدة، و بمساعدة من قوات الجيش الوطني الشعبي، و مصالح الغابات، تمكنوا من محاصرة النيران، و منع اقترابها من مساكن المواطنين.
و استنادا لخلية الاتصال بمديرية الحماية المدنية بعنابة، حسب بيانها الصادر أمس، فقد أسفرت الحرائق المسجلة عن إتلاف عشرات الهكتارات من الغابات و الأحراش، مست مناطق عدة منها بوزيزي، ديار البقرة، حي تمام بالقرب من مركز تحضير المنتخبات الوطنية ببلدية سيرايدي، و كذا مناطق المرجة، مشتة القبائل، دراجي رجم، برقوقة، واد زياد، بوقنطاس، خرازة، بواقة، كما تسببت النيران في احتراق 40 خلية نحل، و احتراق مقبرتين.
كما نجحت فرق الحماية المدنية بالتنسيق مع الفرق المشتركة، من إنقاذ 13 عائلة ببوقنطاس، حيث وصلت ألسنة اللهب إلى منازلهم، بالإضافة إلى 10 إسطبلات تحتوي على 500 رأس من الغنم، و 100 بقرة، و نحو 2000 حزمة تبن، و حديقة تسلية، إلى جانب مقبرة بوقنطاس. و أسفرت التدخلات عن إصابة عون تابع لحرس الغابات بجروح، و إغماء عون حماية مدنية تم نقلهما إلى المستشفى.                        حسين دريدح

منتجون يؤكدون للنصر


انتهازيون يسوّقون الخشب المحروق  على أنه فحم
• هذا هو طريق إنتاج الفحم الحقيقي في الجزائر
اعترف تجار الفحم بأن حرائق الغابات تعتبر فرصة بالنسبة للباعة الفوضويين للمادة، والذين يزداد نشاطهم مع اقتراب عيد الأضحى، وقال عدد منهم أن أصحاب المهنة يحصلون على الأخشاب بشكل قانوني وأن الأنواع المفضلة لصناعة الفحم هي الزيتون و الكاليتوس، معتبرين بقايا الحرائق نوعية رديئة تسوق موسميا من طرف دخلاء على النشاط.
 مع تزايد رقعة الحرائق التي أتلفت مساحات غابية واسعة هذه الصائفة وجهت أصابع الاتهام  لما يسمى بمافيا الفحم، ونصبت مديريات الغابات عبر الوطن  لجان لترصد التحركات المشبوهة وتوقيف المورطين، كما فتحت تحقيقات مكنت من توقيف أشخاص.
و بهذا الصدد، حاولت النصر التقرب من منتجي الفحم بالجهة الغربية للوطن، لإيجاد إجابات عن الأسئلة التي تطرح، خاصة في ظل  صعوبة الوصول لمن يستغلون الحرائق لسرقة الخشب المحترق، و حصلنا على هذه التصريحات التي لم تنف وجود «المافيا» على مدار السنة في محاولات لسرقة الخشب، لكن التصدي لها من طرف أعوان الغابات، غالبا ما يحول دون تدميرها للطبيعة.
الزيتون والكاليتوس لإنتاج أكثر جودة
نفى السيد هواري وهو منتج للفحم، أن يكون الخشب الناجم عن احتراق الغابات دائما صالحا ليكون فحما، كون الأشجار تحترق و تفقد خصوصياتها التي تسمح بإنتاج الفحم ذي النوعية الجيدة، ونادرا ما يمكن استغلال الأشجار المحروقة في صناعة الفحم، وفق المتحدث، مشيرا إلى أن ما يحدث في الآونة الأخيرة عبر ربوع الوطن، هو أن بعض الانتهازيين يستغلون فرصة اقتراب عيد الأضحى ليسرقوا الخشب المحترق في الغابات ويبيعونه على أساس أنه فحم.
بينما قال السيد قدور وهو منتج للفحم كذلك، أن بداية طريق الفحم تكون من جمع الحطب من الغابات بطريقة مقننة،  ثم يتم بيعه لكبار المقاولين في تجارة الخشب و هم غالبا زبائن دائمين للنجارين، مثلما يعتبر المنتجون للفحم زبائن دائمين لهؤلاء أيضا، حيث يشترون منهم قطع الخشب التي لا تنفع للنجارة.
و أضاف السيد قدور أنه يقتني مادته الأولية بقيمة مليون سنيتم لحمولة   شاحنة واحدة، بعدها يواصل الفحم طريقه، بتجفيف الخشب وتنظيفه قبل إدخاله إلى الفرن وتحويله إلى فحم، مشيرا إلى أن هذه العملية تتطلب الدقة والإحترافية حتى يتحصل المهني على منتوج بجودة عالية، مبرزا بأن من عوامل تحقيق  الجودة كذلك، استخدام خشب أشجار الزيتون و أشجار الكاليتوس.
 من جانب آخر، أوضح السيد قدور، أن تجارة الفحم تزدهر خلال الفترة ما بين شهر رمضان وعيد الأضحى، حيث يكثر الطلب على المنتوج و أكبر تجار الجملة يأخذون الحمولات إلى «السوق الوطني للفحم « بالحميز في العاصمة، ومن هناك يتم توزيع البضاعة على باقي ولايات الوطن، مؤكدا أن كمية كبيرة من منتوج الفحم في الغرب الجزائري تسوق في وسط البلاد وشرقها.
أما على مدار السنة، الزبائن الأساسيون هم أصحاب ورشات صهر النحاس، حيث أن استخدام الفحم لصهر النحاس وبعض المعادن يحافظ على خصوصيات المعدن. و يشاطر المنتج قدور رأي السيد هواري بخصوص الانتهازيين الذين يستغلون إحتراق الغابات لسرقة الخشب وبيعه على أساس أنه فحم بمناسبة عيد الأضحى.
فيما تطرق السيد محمد إلى الجانب القانوني الذي يمنع منعا باتا الإقتراب من الأشجار ويعتبر قطعها أو حرقها أو سرقة خشبها من الجرائم التي قد تعادل جرائم تهريب المخدرات، مثلما وصف لنا وهو يتحدث عن عدم لجوء المنتجين الحقيقيين لحرق الغابات للحصول على الفحم، لأنهم يعملون وفق القانون، إضافة إلى أن فحم الأشجار المحترقة، غالبا ما  يكون غير صالح للإستعمال، ورغم هذا يوجد من يستغل الظرف لتحقيق الربح السريع وهم غالبا بائعو الفحم الفوضويين الذين يزاولون المهنة في عيد الأضحى فقط، ونجدهم منتشرين في كل مكان يسوقون منتوجا غير صالح للإستعمال.
 ورشات النحاس زبون دائم " للفحامة"
رغم أن موعد عيد الأضحى لا يزال بعيدا ولم تنتشر تجارة الفحم بشكل كبير، إلا أن جولتنا في أسواق وهران كشفت لنا أن التجار النظاميين الذين يملكون سجلات تجارية والذين يبيعون مادة الفحم، قد شرعوا في تخزين البضاعة على أساس أن المنتوج الجيد سينفد من عند تجار الجملة قبل العيد، بسبب التهافت عليهم.
ويقول البائع حفيظ أنه يبيع كيس الفحم ب 70 دج، أما الوزن فلا يتعدى 800غ، لكنه لم يعرض بضاعته بعد على الزبائن، لأن الوقت لم يحن ، إضافة إلى كون زبائنه معروفين ويتوافدون عليه كل سنة، لأنه يعرض الفحم الجيد.
 أما ابراهيم الذي وجدناه في محله يرص أكياس الفحم و يخفيها أيضا، فيقول أن المشكل يطرح بالنسبة إليهم سنويا ، كون منافسة التجار الفوضويين غالبا ما ترهن بضاعتهم، فهم يبيعون في محلاتهم التجارية على مدار السنة، وعند اقتراب العيد، ينتشر الفوضويون عبر الطرقات، ليبيعوا فحما مصدره غير معروف و لا أحد من المستهلكين يبحث عن ذلك أو يهتم بالجودة، المهم بالنسبة إليهم هو استخدام ذلك الفحم في عمليات الشواء.
وعلى صعيد آخر، يشتكي منتجو الفحم من قلة المادة الأولية، كونها تأتي فقط من حطب الغابات، في ظل انعدام المناجم، مطالبين بتنظيم العملية ، حتى يتم توفير المنتوج الذي أصبح مطلوبا على مدار السنة، من خلال القطع المنظم للأشجار خاصة، مثلما أجمعوا، أشجار الزيتون و الكاليتوس، والحفاظ على الغابات التي هي مصدرهم الأساسي.           هوارية ب     

روبورتاج فريد غربية                                        

الرجوع إلى الأعلى