السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

وفود دولية واتصالات دبلوماسية مُكثّفة وعديد الملفات على الطاولة: الجزائـــر في قلــب حـــراك دبلوماسي لتسوية أزمات المنطقة

* الجزائر مفتاح الاستقرار في شمال إفريقيا والساحل
تشهد الجزائر حراكا دبلوماسيا نشيطا في الفترة الأخيرة، حيث استقبلت وزراء خارجية وكبار المسؤولين في عدة دول عربية وغربية لبحث عدد من الملفات السياسية والاقتصادية الثنائية والإقليمية، وخاصة العدوان المستمر على قطاع غزة، ما يؤكد على مكانة الجزائر ودورها البارز إقليميا كعامل استقرار في المنطقة واعترافا بمساعيها الناجحة على مستوى مجلس الأمن الدولي لحل المشاكل التي تعاني منها المنطقة.
استقبلت الجزائر خلال الأيام الأخيرة وزراء خارجية عدة دول على غرار إيران، العراق، مصر، وأيضاً تركيا، والاتحاد الأوروبي، مما يُسلّط الضوء على الأهمية الاستراتيجية المُتزايدة التي تحظى بها الجزائر في المنطقة، كما يعكس هذا التوافد الدبلوماسي الرفيع المستوى سعي مختلف الأطراف إلى تعزيز الحوار والتنسيق مع الجزائر بشأن القضايا الإقليمية والدولية، باعتبار الجزائر عامل استقرار مهم في افريقيا والساحل.
ويبرز الثقل السياسي والدبلوماسي للجزائر على الساحة الإقليمية من خلال استقبالها لثلاثة وزراء خارجية من دول ذات نفوذ إقليمي خلال أسبوع واحد، في مؤشر واضح على المكانة التي باتت تحتلها الجزائر في المعادلة الدبلوماسية الإقليمية، وكونها عامل استقرار في المنطقة تتبنى مقاربة تدعو لحل الأزمات بعيدا عن التدخلات الأجنبية وفق مقاربات محلية.
والمؤكد أن الزيارات المتتالية لم تكن مجرد لقاءات بروتوكولية، بل تمثل رغبة حقيقية من هذه الدول في التشاور مع الجزائر وتنسيق المواقف حول القضايا الملحة، إلى جانب تعزيز العلاقات الثنائية في مختلف المجالات. كما تعكس، الثقل السياسي المتزايد للجزائر ودورها المحوري في معالجة التحديات الإقليمية الحالية. واعترافًا بالدور الحيوي الذي تلعبه الجزائر على الساحة الإقليمية، فضلًا عن سعي هذه الدول لتنسيق المواقف وتبادل وجهات النظر حول القضايا ذات الاهتمام المشترك.
عامــل استقرار في المنطقة
وتؤكد تصريحات المسؤولين الأجانب، الأهمية الاستراتيجية التي تتمتع بها الجزائر كعامل استقرار في المنطقة، وهو ما يفسر التهافت الدبلوماسي العربي والغربي لمناقشة عديد الملفات المرتبطة بأزمات المنطقة العربية ودول الجوار، على غرار ليبيا والوضع في السودان، وكذا الأوضاع المتردية في دول الساحل.
وبهذا الخصوص، أكد وزير الشؤون الخارجية التركي، هاكان فيدان، أن الجزائر، بقدراتها وإمكانياتها، هي إحدى ضمانات الاستقرار في المنطقة” وأن بلاده “تتابع باهتمام مواقف الجزائر بصفتها عضوا غير دائم في مجلس الأمن الدولي”، ليتابع بالقول: “الجزائر تحمل مسائل منطقتنا ومشكلاتها لتضعها في جدول أعمال مجلس الأمن الدولي بنجاح كبير”. وأشار الى أن “تركيا تثق بالجزائر وستكون دائما صديقا لها”، مبرزا أن “هذا الموقف وهذه الإرادة هي نفسها لدى الجزائر”.
وتعمل الجزائر على تعزيز التنسيق الإقليمي والدولي لضمان أمن واستقرار المنطقة، حيث وقعت مؤخرا على اتفاق في مجال الدفاع مع موريتانيا. خلال الزيارة التي قام بها وزير الدفاع الوطني وشؤون المتقاعدين وأولاد الشهداء للجمهورية الموريتانية حننه ولد سيدي ولد حننه، إلى الجزائر على رأس وفد عسكري.
وقال رئيس أركان الجيش الفريق أول السعيد شنقريحة أن ”التحديات الأمنية والاقتصادية والجيوسياسية التي تواجهها منطقتنا تفرض علينا اليوم أكثر من أي وقت مضى تعزيز العمل المشترك وفق رؤية متكاملة ومتبصرة ترتكز على الحوار والتنسيق وتبادل الخبرات والممارسات الفضلى في ميادين الاهتمام المشترك”.
كما أكد حرص الجزائر تحت قيادة رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، القائد الأعلى للقوات المسلحة وزير الدفاع الوطني، على تعزيز علاقاتها الثنائية مع موريتانيا في شتى الميادين لاسيما الأمنية، لأيمانها بأن “أمن البلدين واستقرارهما يحتاج إلى أعلى مستوى ممكن من التوافق والتنسيق والتشاور”.
من جهته، أشاد وزير الدفاع الموريتاني بـ “عمق علاقات الأخوة وحسن الجوار التي تجمع الشعبين الشقيقين”، مثمنا الدور الريادي الذي تلعبه الجزائر في سبيل استتباب الأمن في المنطقة.
كما تكاد الجزائر تشكل الاستثناء بين دول المنطقة في مواقفها التي تتعلق بأزمات المنطقة، فهي تشدد على استبعاد التدخلات الخارجية في الازمات الداخلية للدول على غرار ما يحدث في ليبيا والسودان و سوريا ومناطق أخرى، وتشدد على ضرورة فسح المجال أمام المسارات السياسية والاحتكام الى العمليات الانتخابية للانتهاء من الأزمات التي تعيشها عديد الدول.  
الملف الفلسطيني على رأس الأولويات
وكان الملف الفلسطيني ضمن المحاور الأساسية المطروحة للنقاش، لا سيّما في ظلّ التطورات الأخيرة والحاجة الملحّة إلى تنسيق المواقف لدعم الشعب الفلسطيني. وهو ما أكده وزير الخارجية التركي، الذي أبرز الإرادة المشتركة للبلدين من أجل «تكثيف مشاوراتهما بشأن المسائل الإقليمية والسياسات المشتركة».
وأوضح الوزير التركي في تصريح للصحافة، أنه تم التطرق إلى الإبادة الجماعية التي يرتكبها الكيان الصهيوني في غزة, لافتا إلى أن «أهم أمر يشغل اهتمامنا الآن هو إيصال المساعدات الانسانية إلى غزة وتنفيذ وقف إطلاق النار». مشيدا بدعم الجزائر المتواصل للقضية الفلسطينية، ليؤكد أن البلدين سيعملان على «توطيد تعاونهما أكثر في المحافل الدولية ويواصلان الحفاظ على مواقفهما لصالح الفلسطينيين».
كما كان الملف الفلسطيني حاضرا خلال زيارة وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، الى الجزائر، سلم خلالها رسالة خطية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى نظيره عبد المجيد تبون، «تناولت العلاقات الثنائية بين البلدين». حيث أعرب المسؤول المصري عن تقدير بلاده « للدور الهام الذي تضطلع به الجزائر في دعم القضايا والحقوق العربية بما فيها القضية الفلسطينية، وذلك من خلال عضويتها الحالية في مجلس الأمن»
وتحدث الرئيس تبون في آخر حواراته التلفزيونية بأن «الجزائر لن تتخلى عن فلسطين فنحن دافعنا عنها وسندافع»»، مبرزاً المعركة التي تقودها الجزائر في هذا الخصوص على مستوى الامم المتحدة. وأضاف: «نحن أول من نادى بمعاقبة المسؤولين عن المجازر في غزة ولا زلنا»، مجدداً التذكير بأن «القضية الفلسطينية قضية جوهرية تتطلب الاجتماع والتفاهم بشأنها.
 أوروبا تبحث تعزيز التعاون الاستراتيجي
بدوره أوفد الإتحاد الأوروبي المدير العام للشرق الأوسط وشمال أفريقيا ومنطقة الخليج في المفوضية الأوروبية، ستيفانو سانينو، إلى الجزائر بهدف تبادل الرؤى مع كبار المسؤولين الجزائريين حول آفاق تعزيز التعاون الجزائري الأوروبي. ومواصلة المشاورات الجارية حول الميثاق الجديد من أجل البحر الأبيض المتوسط، الذي تعتزم المفوضية الأوروبية اعتماده خلال الأشهر المقبلة، بهدف تعزيز مقاربة أكثر تكاملا وتناسقا للتعاون الإقليمي.
وسيجري المسؤول الأوروبي لقاءات مع ممثلين عن عدة وزارات جزائرية، ولاسيما وزارات الشؤون الخارجية، والطاقة، والمالية، والثقافة. كما يشارك اليوم، في افتتاح مؤتمر حول ديناميكيات الاستثمار الجديدة وآفاق التعاون» بين الاتحاد الأوروبي والجزائر، المنظم بشكل مشترك بين بعثة الاتحاد الأوروبي في الجزائر والوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار.
وذكر بيان المفوضية الأوروبية أنّ هذه الزيارة تشكل «فرصة ثمينة لتجديد تأكيد رغبة الاتحاد الأوروبي في إعطاء دفعة جديدة للتعاون الثنائي مع الجزائر، ضمن إطار أوسع وأكثر ترابطا من الناحية الاستراتيجية، يجسده الميثاق الجديد من أجل المتوسط»، بينما تتزامن مع طلب الجزائر مراجعة اتفاقية الشراكة مع الاتحاد الأوروبي.
ولم تخف المفوضية الأوروبية، في الوثيقة ذاتها، أنّ «الاتحاد الأوروبي يسعى إلى بناء شراكة تتجاوز العلاقات القوية القائمة بالفعل، لاسيما في قطاع الطاقة من أجل إرساء تكاملات استراتيجية جديدة تخدم نموا مستداما وشاملا»، في سياق جيوسياسي يشهد تحوّلات عميقة.
وتحمل هذه الزيارات تحمل في طيّاتها رسائل متعددة، تؤكد أهمية الجزائر كشريك محوري، وتسهم في تعزيز العلاقات الثنائية وتنسيق المواقف بشأن القضايا الإقليمية الأكثر حساسية. كما تعزز دبلوماسية الزيارات المكثّفة موقع الجزائر كلاعب محوري في المشهد الإقليمي، انعكاسًا لدورها المُتنامي في السنوات الأخيرة.
ع سمير

آخر الأخبار

Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com