الخميس 21 أوت 2025 الموافق لـ 26 صفر 1447
Accueil Top Pub

خبراء وباحثون وأكاديميون يؤكدون: المواطنـــــة في الجزائــــر صيغـت بالنضــال ضـد الاستعمـــار


أكد خبراء وباحثون وأكاديميون، أمس، أنّ المواطنة الجزائرية تشكّلت عبر مسار طويل ومعقد، امتد من المقاومة الشعبية بقيادة الأمير عبد القادر، وصولا إلى ثورة أول نوفمبر وما تلاها من محطات كبرى كهجمات 20 أوت 1955 ومؤتمر الصومام سنة 1956.

وشدّد المتدخلون خلال الندوة العلمية التي نظمها المعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة (INESG)، ‘’ حول المواطنة في ظل الاستعمار الفرنسي للجزائر وثورة التحرير’’، بمناسبة اليوم الوطني للمجاهد الموافق للذكرى المزدوجة لهجومات الشمال القسنطيني ومؤتمر الصومام، على أن المواطنة لم تكن يوما منحة أو امتيازا يمنحه المستعمر، وإنما ثمرة نضال وكفاح تراكمي فرض نفسه على أرض الواقع.
في كلمته الافتتاحية، أوضح المدير العام للمعهد الوطني للدراسات الإستراتيجية الشاملة، عبد العزيز مجاهد، أن المواطنة مفهوم يتبلور عبر مراحل تاريخية متتابعة، مؤكداً أنّها لا يمكن أن تُستورد أو تُمنح من قوة ،استعمارية. وقال: «إن مختلف محطات تاريخنا سمحت بتشييد مواطنة حقيقية وبناء الدولة الوطنية».
وأشار مجاهد، إلى أن الاحتلال الفرنسي حاول بكل الطرق استغلال الثغرات لزرع الفرقة داخل صفوف المناضلين، غير أنّ جبهة التحرير الوطني – كما ذكر - واجهت ذلك بالوحدة والالتفاف حول الهدف الأسمى المتمثل في نيل الاستقلال مهما كان الثمن، واستدل المتحدث بهجومات 20 أوت 1955 التي شكّلت – بحسبه – تجسيدا لفكرة الشهيد عمار إيمش وبرنامج المنظمة الخاصة، مؤكدا أن المستعمر لم يكن يفهم إلا لغة القوة. وأضاف: «لقد جاء مؤتمر الصومام ليؤسس لهياكل الثورة وينظم التضحيات الجسام التي قدّمها الشعب الجزائري، في مسار وطني جامع يُترجم إرادة بناء دولة مستقلة على أسس راسخة». من جهته، أبرز الأستاذ حبيب بريك الله ، أستاذ التاريخ بجامعة تندوف، أنّ فكر الأمير عبد القادر جسّد في وقت مبكر معاني المواطنة الجزائرية من خلال توحيد القبائل المتفرقة في إطار مقاومة شعبية منظمة، وقال: «لقد عبّر الأمير عبد القادر عن مفهوم المواطنة عبر إقامة العدل، المساواة أمام الحقوق والواجبات، والعيش المشترك دون تفرقة قبلية أو جهوية».
وأوضح الدكتور بريك،أن الأمير أولى أهمية بالغة للعدالة واستقلالها، وأسندها إلى رجال مؤهلين بعيدا عن الولاءات الضيقة، كما منح مكانة معتبرة للمرأة باعتبارها شريكة في بناء المجتمع.
وأشار المتدخل إلى الإصلاحات التي أطلقها الأمير، في مجالات التعليم والصحة والاقتصاد، مع الحرص على ضمان كرامة المواطن بتشجيع النشاط الزراعي والتجاري واستغلال الموارد الطبيعية، مضيفا أن هذه الرؤية المبكرة أسست لوعي جمعي يقوم على الانتماء للوطن قبل أي انتماء آخر، وهو ما يُعدّ لبنة أساسية في بناء الدولة الوطنية الحديثة.
أما الأستاذة خميسة مدور من جامعة قالمة، فقد تناولت موضوع المواطنة خلال الفترة الاستعمارية من زاوية قانونية، مؤكدة أن فرنسا سعت بكل الوسائل لتجريد الجزائري من هويته وقيمه عبر منظومة تشريعية ملتوية.
وأوضحت الدكتورة مدور أن أبرز النصوص في هذا السياق كان قانون السيناتوس-كونسولت الصادر سنة 1865، ثم قانون 1919، قبل أن يتوسع الإطار القانوني بقانون 1947 الذي منح بعض الفئات من الجزائريين إمكانية الاستفادة من الجنسية الفرنسية بشروط.
وأضافت أن هذه التشريعات كانت في جوهرها محاولة لاستمالة الجزائريين وتذويبهم في المواطنة الفرنسية، مقابل التخلي عن هويتهم الأصلية، غير أن الشعب الجزائري، بمختلف فئاته وشرائحه، رفض – كما ذكرت - رفضا قاطعا هذه «المواطنة المصطنعة»، وظل متمسكا بجذوره الوطنية، وقالت: ‘’الجزائري لم يكن معنيًا بمسألة التجنيس أو اكتساب صفة الفرنسي، لأنه أدرك أن الأمر لا يعدو أن يكون وسيلة استعمارية لانتزاع انتمائه’’.
خلصت الأستاذة مدور إلى أنّ مسألة المواطنة الفرنسية لم تُطرح بالنسبة للجزائريين باعتبارها خيارا حقيقيا، بل كانت أداة استعمارية لم تلق أي تجاوب فعلي، فقد قاوم الجزائريون – حسبها - كل الإغراءات والامتيازات الشكلية، وأثبتوا من خلال مواقفهم أن الهوية الوطنية ليست قابلة للمساومة أو التنازل.
أجمع المتدخلون على أن المواطنة الجزائرية لم تكن وليدة الاستقلال فقط، بل هي مسار طويل تشكّل عبر المقاومة، وصيغ من خلال التجارب التاريخية التي خاضها الجزائريون ضد الاستعمار الفرنسي. فقد جسّد الأمير عبد القادر ملامحها الأولى بالعدل والوحدة والإصلاح، بينما حاول الاستعمار طمسها عبر التشريع والإغراءات القانونية، لكن الوعي الشعبي والتمسك بالهوية أجهض تلك المحاولات. ومع ثورة نوفمبر ومؤتمر الصومام، تبلورت المواطنة بشكل أوضح، باعتبارها أساسا لبناء دولة الاستقلال على قيم التضحية والوحدة والسيادة الوطنية.
ع.أسابع

آخر الأخبار

Articles Side Pub-new
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com