صنعت نساء ريفيات منخرطات ضمن جمعية أنامل المرأة الريفية بولاية خنشلة، التميز بتحويل نشاطات بسيطة إلى مشاريع إنتاجية ناجحة وصلت إلى تصدير منتجات غذائية إلى دول أوروبية، وذلك في إطار صيغ الدعم والمرافقة للمرأة الريفية وتحسين سبل عيشها وتعزيز دورها في مسار الإنتاج الوطني.
وسمح نشاط نساء من المنطقة في المساهمة بمشاريع مدرة للدخل ومستحدثة لمناصب الشغل ضمن إستراتيجية الدولة، لتعزيز دور المرأة الجزائرية في التنمية المستدامة، وفتح مزيد من المجالات لتوسيع نشاطاتها ومواصلة النسق لتفعيل مساهمتها في التنمية، وتشجيعها على لعب دور أكبر في الاقتصاد الوطني. التقينا بمجموعة من السيدات الناشطات في شعب إنتاجية ريفية بخنشلة، وقد حدثننا عن قصص نجاحهن، وكيف استطعن التحرر من شرنقة البطالة تأسيسي مشاريع توفر منتوجا مطلوبا في السوقين المحلية والخارجية.
تجفيف الطماطم بالطريقة المتوارثة
أخبرتنا، السيدة مسعودة، مكونة في تجفيف وتصبير الطماطم، أن نشاطها انطلق سنة 2021 ضمن مشاريع جمعية أنامل المرأة الريفية، وتوسع ليضمن مناصب شغل لعدد من ربات البيوت اللاتي اجتهدن واشتغلن بجد وذكاء، لاستفادة من طرق تقليدية متوارثة كانت تستخدم فقط للاستهلاك العائلي أو المحلي. وقالت، إنها و موظفاتها تمكن من ترقية الأساليب الإنتاجية القديمة والوصول إلى مرحلة تصدير المنتج المحلي إلى الدول الأوروبية.
موضحة، أن عملية تجفيف الطماطم تتم بالطريقة التقليدية المتوارثة عن الأجداد بتقنيات بسيطة عبر مراحل، وترتكز على عامل النظافة و تراعي المعايير الصحية بالاعتماد على مكونات محلية طبيعية.
وأشارت إلى أنه يتم فرز كميات كبيرة من الطماطم ثم غسلها وتقطيعها وتوضع عليها كمية من الملح، ثم تجفف تحت أشعة الشمس لأيام حتى تصبح جاهزة.
تتم بعدها تنقيتها في مياه دافئة، ووزنها ووضعها في علب زجاجية معقمة مع إضافة بعض المواد منها زيت الزيتون الطبيعي، والثوم وبعض الأعشاب كإكليل الجبل لإعطائها نكهة طيبة، ثم يتم غلق العلب بإحكام وتوضع عليها الملصقات التعريفية بالمنتج، لترتب في العلب الزجاجية في صناديق مهيأة للتصدير وهي آخر مرحلة. وقد تم تسليم أول طلبية موجهة للتصدير نحو السوق الأوروبية الأسبوع الماضي، وضمت 2000 علبة طماطم مصبرة، و1000 كيس طماطم مجففة، على أن تتبعها دفعات أخرى بإجمالي 30 ألف علبة و1500 كيس طماطم مجففة.
وقالت المتحدثة، أنها سلمت طلبيات أخرى منها 40 طنا من الطماطم المجففة والمصبرة، صدرت السنة الماضية إلى فرنسا، إضافة إلى توجيه منتجات غذائية أخرى للتصدير منها «الهريسة»، و»السلطة المشوية» و»الحميص « بكميات كبيرة نظرا للطلب المتزايد عليها، لقيمتها الغذائية والصحية وطعمها المميز.
إطلاق مشروع قافلة تحدي الحرة
وأكدت رئيسة الجمعية الولائية أنامل المرأة الريفية خنشلة، السيدة زليخة خوني للنصر، أنه تم مؤخرا إطلاق «قافلة تحدي الحرة»، تحت شعار «المرأة الريفية شريك فعال في التنمية المحلية».
وأوضحت، أن القافلة تهدف إلى تطوير قدرات المرأة الريفية لتطوير مشاريعها الفلاحية، من خلال ورشات تكوينية خاصة منها ما يتعلق بنشاط الطماطم المجففة، من أجل تعزيز القدرات وتطوير المهارات بما يخدم مسار التنمية المحلية المستدامة.
المشروع الذي أشرف عليه والي خنشلة سليم حريزي والمرصد الوطني للمجتمع المدني، بالتنسيق مع مديرية الفلاحة والغرفة الفلاحية، والجمعية الولائية أنامل المرأة الريفية، يشمل كذلك توزيع إعانات مختلفة منها الدجاج، والأرانب، وطيور السمان، وخلايا النحل، والأشجار المثمرة، ضمن نشاط دعم متواصل للنساء الريفيات لتوسيع مبادراتهن الاقتصادية بما يساهم في توفير ديناميكية اقتصادية محلية.
وقد تمت الإشارة حسبها، إلى الدور الحيوي الذي تلعبه النساء في المناطق الريفية في تعزيز التنمية الاقتصادية و الاجتماعية، باعتبارها ركيزة أساسية في الزراعة وإنتاج الغذاء، وتساعدهن بشكل كبير في تأمين سبل العيش لأسرهن رغم التحديات التي تواجههن، مثل نقص الموارد والتعليم.
وقالت خوني، إن هذه الشريحة قد أظهرت القوة والإرادة في تطوير وتحسين ظروفها، من أجل تحقيق إنجازات ناجحة بفضل توفير التدريب والتعليم مع أخذ خصوصية المنطقة بعين الاعتبار، وذلك لتحسين مهارات النساء وتعزيز حقوقهن في الوصول إلى الموارد المالية عن طريق دعم المشاريع الزراعية الصغيرة التي تقودها المرأة الريفية.
دعم ومرافقة لتجسيد مشاريع إنتاجية جديدة
وأكدت رئيسة الجمعية الولائية أنامل المرأة الريفية خنشلة، أن النساء الريفيات استطعن بفضل إرادتهن وعزيمتهن تحقيق نتائج جد إيجابية وذلك في إطار مشاريع ناجحة حققتها الجمعية بعدة بلديات بالولاية، لدعم هذه الشريحة الهامة من المجتمع ضمن مختلف البرامج الاجتماعية والاقتصادية.
وذكرت، أن أول مشروع جسد سنة 2018 لتعزيز قدرات المرأة الريفية على مستوى إقليم بلدية خيران، وكان في مجال صناعة مربى السفرجل في إطار برنامج ممول من طرف المنظمة الدولية للعمل تحت إشراف الدكتور إسكندر صوفي. وقالت، إن المشروع سمح باستفادة 20 امرأة من تكوين في صناعة المربى، وآخر في التسويق وتسيير مؤسسة مصغرة بمركز التكوين المهني بابار وغرفة الصناعات التقليدية، مع الاستفادة من عتاد كامل لصناعة المربى لكل امرأة مسجلة في البرنامج.
أما المشروع الثاني فتجسد سنة 2019 ، في صناعة مربى التين والتفاح على مستوى إقليم بلدية طامزة، ضمن برنامج جمعية رعاية وترقية الطفولة، الممول من طرف المنظمة الدولية الإنسانية والشمول، تحت إشراف السيد حمزة بوروبة، وقد استفادت 10 سيدات من تكوين في صناعة المربى، وكذا التسويق، وتسيير مؤسسة مصغرة على مستوى مركز التكوين المهني بخنشلة، إلى جانب عتاد كامل لصناعة المربى.
أما فيما يخص المشروع الثالث فقد تم تجسيده سنة 2021، باستحداث ورشات بأنشطة تحويلية فلاحية تخص تجفيف وتصبير الطماطم والفلفل في إقليم بلدية بابار جنوب ولاية خنشلة، وذلك ضمن برنامج كابدال الممول من طرف برنامج الأمم المتحدة الإنمائي المسير الذي تسيره وزارة الداخلية و الجماعات المحلية، بشراكة مع برنامج الأمم المتحدة للتنمية، و مفوضية الإتحاد الأوربي بالجزائر.
ويتعلق الأمر حسبما أوضحت زليخة خوني، بدعم قدرات الفاعلين المحليين في التنمية المحلية، بهدف تكريس الديمقراطية التشاركية وتفعيل آليات الحكامة التشاورية في تسيير الشأن المحلي، وذلك بالتخطيط الاستراتيجي للتنمية المحلية المستدامة و الشاملة وفقا لتنفيذ المقاربة المبتكرة «التعلم عن طريق الممارسة».
دعم سلسلة القيمة لشعبة تحويل المنتجات الفلاحية
ويهدف البرنامج كما أوضحت، إلى مضاعفة فرص العمل من خلال تثمين المنتجات الفلاحية المحلية منها الطماطم والفلفل، وتحويلها وتعليبها وفقا لمعايير طبيعية على شكل أطباق أو منتجات مختلفة مثل السلطة التقليدية والطماطم المجففة. والمساهمة في إحداث ديناميكية محلية عبر دعم سلسلة القيمة لشعبة تحويل المنتجات الفلاحية.وقد فتح المشروع وفقا لها، آمالا كبيرة للمرأة الريفية للكسب عن طريق ممارسة الحرفة بطريقة تستجيب لطلبات الزبون العصري، حيث تم تنظيم دورة تكوينية هامة بإشراف من خبراء منهم السيد محي الدين جبار، والأستاذين خالد محيز، ومونيا بلبحري، لفائدة 30 مسجلا منهم 18 سيدة ريفية وماكثة في البيت، و 8 شباب بطالين، و 4 أشخاص من ذوي الاحتياجات الخاصة.وقالت المتحدثة، إن هؤلاء حصلوا على تكوين في تجفيف وتصبير الطماطم والفلفل، والتسويق وتسيير مؤسسة مصغرة على مستوى مركز التكوين المهني بابار، كما تسلموا عتادا كاملا.
وأشارت مسؤولة الجمعية كذلك، إلى أن المشروع حقق نتائج إيجابية وأوجد فرص عمل للمعنيين والاستفادة من معدات و وسائل تسمح لهم بفتح ورشات منزلية للصناعات التحويلية.كما مكن شبابا ونساء من ولوج عالم الشغل عن طريق إنتاج 22 ألف علبة حميص وهريسة، و500 علبة طماطم مجففة تم تصديرها إلى مدينة مرسيليا بفرنسا. وكلها منتجات توفرت بفضل أنامل نساء من الريف و أخريات ماكثات بالبيوت.
وأوضحت، أنها أول طلبية تم توجيهها إلى دولة وروبية عن طريق شركة تصدير، في أول تجربة للجمعيات المستفيدة من برنامج كابدال، لتؤكد نجاح آليات التنمية المحلية ضمن المقاربة الإقليمية التي يسعى البرنامج إلى تعميمها على باقي البلديات عبر الوطن و تحقيق تنمية شاملة و مندمجة متعددة الفاعلين.
تعزيز قدرات المرأة الريفية في انتاج الزيوت الطبيعية
وذكرت المتحدثة، أن المشروع الرابع تجسد سنة 2022، في إقليم بلدية ششار، ويخص تعزيز قدرات المرأة الريفية في إنتاج الزيوت الطبيعية وزيت التين الشوكي تحديدا، باعتباره من أغلى الزيوت في العالم.
وجاء العمل ضمن برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الممول من طرف سفارة اليابان، تحت إشراف الأستاذ حمزه بوروبة، حيث استفادت 10 نساء من تكوين في إنتاج زيت التين الشوكي، مع تكوينهن في مجالي التسويق وتسيير مؤسسة مصغرة على مستوى مركز التكوين المهني بششار، حيث تم تزويد الورشة بعتاد كامل لإنتاج الزيوت مع مرافقة الحرفيات وتقوية مهاراتهن في هذا المجال ودفعهن لبعث مشاريعهن الخاصة من أجل دخول الأسواق العالمية.
مشروع مزرعة نموذجية للنساء الريفيات
وتم العمل على مشروع هام سنة 2024، تمثل في مزرعة نموذجية لتربية المواشي الحلوب في قرية تمدقيت بلدية خيران دائرة ششار وذلك بالشراكة مع عدد من المؤسسات الاقتصادية، منها اتصالات «أوريدو»، ومؤسسة «سوناطراك»، و»كوسيدار». وقد وفرت أبقار، وأغنام، وماعز بالمزرعة التي تتربع على مساحة 500 م، ما سمح بضمان مناصب شغل حقيقية للنساء الماكثات بالبيت، وتحويلهن إلى نساء منتجات في مجال الحليب ومشتقاته.
وحسب رئيسة الجمعية الولائية أنامل المرأة الريفية خنشلة، زليخة خوني، فإن المستفيدات اجتهدن لتوفير أجود أنواع الحليب الطبيعي كحليب الماعز الطبيعي الخالي من الماء، والذي يكتسي أهمية بالغة لفوائده الصحية العديدة للمستهلكين خاصة بالنسبة للأطفال الذين لديهم نقص في المناعة، أو الذين يعانون من فقدان الشهية. كما يتم في المزرعة توفير لبن الماعز الطبيعي، وزبدة الماعز، و «دهان مالح و غير مالح». ولقيت هذه المنتجات الطبيعية إقبالا كبيرا خاصة أنها تحتوي على القيمة الغذائية والطعم الأصلي، وتعتبر مصدرا رئيسيا للطاقة.
جائزة رواد العمل التطوعي في الجزائر سنة 2023
واستطاعت الجمعية الولائية أنامل المرأة الريفية بخنشلة، بفضل عملها البارز والمتواصل، ونتائجها الإيجابية المحققة على أرض الواقع افتكاك جائزة رواد العمل التطوعي في الجزائر سنة 2023، وهي مسابقة من تنظيم الجمعية الوطنية للعمل التطوعي. وقد نظمت الفعالية بمناسبة الاحتفال باليوم الدولي للعمل التطوعي، تحت شعار «قوة الجميع ،إذا فعل الجميع» برعاية وزارة الشباب و الرياضة وذلك تشجيعا لروح المبادرة وتعزيز التعاون ودعم النشاطات التطوعية، حيث ساهمت جمعية أنامل المرأة الريفية في عدة مبادرات لعدة سنوات منها توزيع أزيد من 7 آلاف شجرة على الفلاحين في الجنوب الجزائري.
وشاركت عضوات الجمعية في معارض محلية وكذلك دولية منها معرض لمنتجات المرأة الريفية في مقر السفارة الأمريكية سنة 2022، كما تم شراء ما يقارب 1000 كتكوت سنة 2023، وتوزيعها على النساء الريفيات ببلديات طامزة، وخيران، وبابار من أجل تشجيعهن على تربية الدجاج لإثبات قدراتهن في البناء الاقتصادي عن جدراة.
كلتوم رابية