أكّد وزير المجاهدين وذوي الحقوق، العيد ربيقة، يوم أمس أن العمليات الفدائية البطولية التي نفذها مناضلو فيدرالية جبهة التحرير الوطني في قلب التراب الفرنسي يوم 25 أوت 1958، تشكّل محطة مفصلية في مسار الثورة الجزائرية، وشاهدا حيا على شمولية المعركة التحريرية التي امتدت خارج حدود الوطن لتشمل كل الجزائريين الأحرار أينما وجدوا.
وفي كلمة ألقاها بالمتحف الوطني للمجاهد، خلال إشرافه على مراسم إحياء الذكرى الـ67 لهذه العمليات، أوضح السيد ربيقة أن هذه الملحمة لم تكن مجرد أعمال ميدانية محدودة، بل كانت رسالة قوية للاستعمار الفرنسي، وصيحة مدوية إلى العالم بأن الجزائريين لا يُقهرون، وأن ثورتهم لا يمكن محاصرتها جغرافيا، لأن الوعي الثوري كان قد غمر كل شبر من جسد الأمة، داخل الوطن وخارجه.
وأضاف الوزير: «لقد استطاع أبناء جاليتنا أن ينقلوا المعركة إلى عقر دار المستعمر، وأن يكسروا وهم السيادة المطلقة على أراضيه، في مشهد بطولي عكس عمق التنظيم وقوة الإرادة وصلابة الإيمان بالحرية».
وشدد وزير المجاهدين على أن الذكرى الـ67 للعمليات الفدائية لا تُقرأ فقط من زاوية الوقائع التاريخية، وإنما هي مرآة تعكس صورة الجزائر المكافحة التي لم تخضع ولم تساوم على سيادتها وكرامتها، أن الحفاظ على هذا الإرث مسؤولية وطنية وأمانة في أعناق الأجيال، داعياً إلى استلهام تلك الروح النضالية في مواجهة تحديات الحاضر والمستقبل.
وأوضح ربيقة أن الجالية الجزائرية بالخارج كانت وما تزال وفية لرسالة الثورة وفاعلة في مسار حماية الجزائر والدفاع عن مكتسباتها، مشيرا إلى أن وجدان أبناء الوطن في المهجر ظل يحمل شعورا عميقا بالانتماء، وهو ما ساعد على تقوية الروابط الوطنية ومضاعفة إشعاع الجزائر الحضاري والإنساني.
كما ذكّر بالعناية الكبيرة التي يوليها رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، لذاكرة الجالية، من خلال القرارات العملية التي جسدت الاهتمام بربطها الدائم بالوطن الأم، سواء عبر تسهيل الاستثمار، أو ترقية الخدمات القنصلية، أو إدماجها في مشاريع التنمية الوطنية، مؤكداً أنها تعد امتداداً طبيعياً للوطن وشريكاً أساسياً في بنائه.
تجدر الإشارة إلى أن المراسم تخللتها شهادات مؤثرة قدّمها عدد من مجاهدي فيدرالية جبهة التحرير الوطني بفرنسا، استحضروا فيها نضالات رفاقهم وتضحياتهم الجسام خلال تلك الفترة الحاسمة من الكفاح الوطني.واختُتمت المناسبة بتكريم مجموعة من المجاهدين، في التفاتة رمزية تحمل معاني العرفان والوفاء لما قدّموه في سبيل حرية الجزائر واستقلالها، وسط أجواء من الاعتزاز الوطني والوفاء لذاكرة الشهداء.
ع.أسابع