السبت 3 ماي 2025 الموافق لـ 5 ذو القعدة 1446
Accueil Top Pub

قواعدُ سيْر

يكشفُ رفض الامتثال لإجراءات الوقاية، عن ثقافة مجتمعٍ يخترعُ رواياته الموازيّة للظواهر بناء على طبيعة مُشكّكة تميلُ إلى تكذيبِ ما تتلقاه من القنوات الرسميّة ويندفع أصحابُها نحو تفسيرات تُصاغ في "مخابر اجتماعيّة" بعجينة غير صالحة للاستهلاك لكنّها تلقى الإقبال، تماماً كما تلك البيتزا طيّبة الذّكر التي تُعدّ بطماطم فاسدة ويتهافت عليها الزّبائن!
يمكنُ تفسير الظاهرة بخيبة من خطبٍ سيّاسيّة على مدار عقودٍ رسمت الجنّة للمجتمع وقادته إلى النّار، لكنّ النّزعة الانتحاريّة المصاحبة لحالة الرّفض تدعو إلى الحفر أعمق في الذات الوطنيّة.
و إذا كان انتشار الجائحة قد كشف عن تهوّر قاتلٍ للجزائريين، بإنكار الفيروس أولاً، ثم رفض إجراءات الوقاية بعد ذلك و العزوف عن التّلقيح في نهاية المطاف، إلا أنّه يمكن رصد النّزعة الانتحاريّة في تصرفات أخرى كطريقة قيّادة المركبات والسّباحة في البحر والسّدود والتجمّعات المائيّة وفي طُرق الاستهلاك.
وهي سلوكات يُفترض أن تدفع لطرح أسئلة، دون خجلٍ، عن الصّعوبات التي نواجهُها في حياتنا اليوميّة وعلاقة ذلك بتنشئتنا وتأهيلنا و صحّتنا النفسيّة والعقليّة.
وبغضّ النظر عن مشاكل الحكامة وتدبير الشأن العامّ التي لا يمكن إنكارها، إلا أنّ ثمّة معضلات ثقافيّة يجب الوقوف عندها ونحن نتلمّس المخارج من أزمةٍ انتهت إليها الدولة الوطنيّة، فالتمرّد على النّظم والقوانين، قد يخفي وجها مخيفاً وغير ثوريّ بالضرورة، بل قد يكون مؤشراً على صعوبةٍ في التكيّف مع الحياة التي تقترحها الحضارة الحديثة، والانضباط والتضحيّة اللذين يتطلّبهما العيشُ المشترك، ما يجعل من طرح تأهيل الأفراد والمجتمع مسألة راهنة.
فالاندفاع نحو الموت، يعني بكلّ بساطة سوء تقدير الحياة وعدم امتلاك القدرة على إنتاج التصرّفات التي تحافظ عليها، نتيجة تنشئة خاطئة تجعلك ترتكز على دوافع بدائيّة تتميّز بالأنانية
و العماء الذي يدفع إلى إنكار الخطر، كأن تلقي بنفسك في البحر المضطرب وأنت لا تُحسن السّباحة لتُثبت بَسالةً ما لمتفرجين مُفترضين، وكذلك يفعلُ "سبّاحون" في مختلف شواطئ الحياة وبركها ومستنقعاتها، ويمكن رصد هذا الأسلوب في السّباحة حتى في خطابات بعض الفئات المحسوبة على النّخب و"الناشطون" في مهنٍ مؤثرة تدفعهم الرّغبة في نيل استلطاف المتفرجين إلى الجهرِ بأنّهم نسخٌ فريدة وغير قابلة للتكرار في مجرّتنا.
لكلّ ذلك نحتاج إلى غرس ميكانيزمات تأهيل الأفراد للعيش بسلامة في نظم التعليم، إذ لا جدوى من معارف لا تُعلّمك كيف تسير في الحياة القليلة من دون أن تُؤذي أو تتأذى.
سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
ضرورة الفرز

سليم بوفنداسة لا يواجه الأدب الجزائري مشاكل في التلقي فحسب بل يواجه أيضًا مشاكل في الكتابة...

  • 01 أكتوير 2024
سُقــــوط

سليم بوفنداسة فرضت ثقافة السّوق التي تهيمن على عالمنا المعاصر نمطًا جديدًا من النّخب، تنتجه...

  • 24 سبتمبر 2024
حارةُ المُؤثرين

هل تستطيعُ وسائطُ التّواصل الاجتماعيّ حمل الخِطاب الثقافيّ، وهل يسلمُ، في حال استخدامها من الخِفّة التي تفرضها...

  • 17 سبتمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com