الخميس 19 جوان 2025 الموافق لـ 22 ذو الحجة 1446
Accueil Top Pub

حربٌ تُخفي أخرى

adjrasse 

سليم بوفنداسة
تُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة والدبلوماسيّة، إنّها حربٌ دينيّة مهما كثـرت في وصفها الأسماء، وهناك من يُطلق عليها اسم الحرب الحضاريّة لا سيّما في الغرب الذي ترى بعض نخبه بأنّ الكيان ينوب عنها في حروبٍ تسعى إلى تجميلها من خلال تقديمها كدفاع عن القيّم، لإخفاء السلوك الوحشيّ لكيان مُنفلتٍ يجري استخدامه ضدّ رافضي الهيمنة والاستعمار في طبعته الجديدة.
تُحيل المواقف السيّاسيّة والمعالجات الإعلاميّة الغربيّة للحرب الأخيرة، إلى مأزق أخلاقي، بل إلى فضيحة، فاغتيال علماء إيرانيين يعتبر إنجازًا شأنه شأن الاعتداء، أما ردّ الفعل فيوصف بالجريمة، وتعاطف المحلّلين المتصهينين في القنوات الفرنسيّة مثلا، لا يحدث سوى مع جهة واحدة، وكذلك يفعل صحافيون مخضرمون وكتّاب ينظرون إلى العالم من الزاويّة الواحدة المسموح بالنّظر منها.
هذا الانحياز ظهر أيضًا في المذبحة المفتوحة في غزة، و يؤكد بوضوحٍ الخلفيّة الدينيّة للصراع، أي التحالف اليهودي المسيحي ضدّ الإسلام.
يعمل التحالف المذكور على ابتزاز دول المعسكر المضاد وحرمانها من امتلاك أسباب القوّة وتفكيكها، إن كانت عصيّة على التطويع، ويحول دون تقاربها ولا يسمح لها ببناء كيانات اقتصاديّة.
لذلك تبدو بعض الأطروحات التي تتحدّث عن الحريّة والديمقراطيّة في إيران أو تستدعي الاختلافات المذهبية في هذا الظرف، مُجانبة للصواب، بل ومتهافتة.
وكذلك الأمر بالنسبة لأطروحات نُخبٍ عربيّة لازالت تُقدّم الغرب كراعٍ للحريّات وكوكيل معتمد للديمقراطيّة، وتُناضل من أجل ذلك على صفحات الجرائد و بلاتوهات التلفزيونات، في مواقف تبعث على الشّفقة والحزن، قبل أن تُثير الغضب.
فالغرب الذي بلغت شعوبه مستويات من الحريّة حقّق ما حقّقه نتيجة تطوّر اجتماعي له شروطه و مساره التاريخي، وبالتالي فإنه لن يهبك الحريّة، بل إنّه يحوّلك إلى عبدٍ بقميص نظيف، ويستخدمك لإيذاء أهلك. وهذا الغرب بالذات هو الذي غرس أشجار التخلّف ولا زال إلى يومك هذا يرعاها، وهو الذي ينهب ثروات البلدان ويسفك دماء الشعوب، من دون تأنيب ضمير، والكيان الذي يقدمه لك كواحةٍ للديمقراطيّة والحرية، هو الكيان ذاته الذي يحرق الأطفال تطبيقا لتعليمات الأساطير الدينيّة المؤسّسة، فإذا كنت ترى في قتل الأطفال وحرقهم فضيلةً ما، هنيئًا لك!

المزيد من الأعمدة

حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
الصّورة و النّص

عاش كاتب ياسين حياةً قليلة وبسيطة، عانى فيها من "سوء الفهم" و الأسطرة، فضلا عن الجدل الذي لم يفتر...

  • 28 أكتوير 2024
المُستريحون

تُخفي الفرحةُ بموت أحدٍ، حالة قهرٍ عاشها الفَرِحُ في وجود الرّاحل الذي حقّقت ميتتُه زوال غمٍّ،...

  • 21 أكتوير 2024
طفولــة

سليم بوفنداسة ينشغلُ عددٌ غير قليل من الجزائريين بنظرة الآخر التي تتحوّل إلى مصدر فخرٍ أو سبب...

  • 15 أكتوير 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com