الجمعة 18 جويلية 2025 الموافق لـ 22 محرم 1447
Accueil Top Pub

دعُوه!

بلغ من «أسف» رشيد بوجدرة أنّه اعترف بسلاطة لسان سبّبت له الضرب في الصغر والأذى المعنوي في الكبر!
أنا هكذا. يقول. هكذا تربيت، ويعترف أنه حاول الاشتغال على نفسه لتغيير طبعه لكنه فشل في ذلك. لم يمتلك حيلة بطله محمد عديم اللقب، الذي «بلغ من حذره أنه تحايل دائما  ألا يترك ظلّه منسحبا وراءه أيا كان موقع الشمس وأيا كانت الساعة». و يزيد على ذلك بالقول أن الغيرة تحرّكه، أحيانا، العبارة التي كان يطيب له ترديدها في «معركة الزقاق».
اعتراف كهذا، لن يصدر إلا عن رشيد بوجدرة الذي حوّل حياته نفسها إلى كتاب مفتوح، منذ أطلق في أواخر ستينيات القرن الماضي رائعة «الإنكار» الرواية العلامة في تاريخنا الأدبي.
لذلك وجب التريّث في نصب المشانق لهذا الكاتب، حتى وإن أصابت سلاطة لسانه  أصدقاء تعودوا على ذلك قبل ظهور شبكات التواصل الاجتماعي وقبل تفريخ آلاف الكتّاب الذين يصدرون بسخاء أحكامهم النهائية في كل «حدث».
لقد صبر المعنيون على كاتب  يعرفون جيّدا قيمة نصوصه، فأعرضوا عما يفعله خارج النص، لأن بوجدرة كاتب فحسب وليس رجل علاقات عامة، كما هو شأن الكثير من الكتاب، ولو كانت لنا تقاليد في المجال الأدبي لاستفاد من خدمات وكيل «يصون» صورته، فيحميه مثلا من الصحافيين الذين لم يقرأوا رواياته ويرتكبون أخطاء في كتابة عناوينها أو ينظرون إلى الأدب بعيون نجوم الإفتاء الذين يبحثون عن إثارة ترفع أسهمهم في البورصة ، ويحميه قبل ذلك من نفسه كي لا تشوّش تصريحاته على عبقريته. لكن مهنة الكاتب في بلادنا تضع صاحبها في مواقف محرجة في غياب اعتراف اجتماعي بها، لأننا لم نبلغ  مرحلة الاعتراف بالكاتب، فيلجأ الإخوة والأخوات إلى تمثّل أدوار تضعهم في دائرة السكيزوفرينيا، أحيانا.
و رشيد بوجدرة من سلالة الكتاب الكبار الذين لن تعثـر عليهم إلا داخل نصوصهم، خصوصا حين يتعلّق الأمر بكاتب ظل سجين طفولته، وربما ذلك ما يفسر تصرفاته العفوية وردود أفعاله غير المحسوبة وصراحته الصادمة في الكثير  من الأحيان.
ملاحظة
يحتاج، اليوم، رشيد بوجدرة إلى إعادة اكتشاف وقراءة باعتباره أكبر كاتب جزائري على قيد الحياة، عوض التنكيل به في تيلفزيونات «لا تعرف الأدب»  أو تحويله إلى مادة للسخرية على شبكات التواصل الاجتماعي.

سليم بوفنداسة

المزيد من الأعمدة

لا يصدأ !

تعبّر النّخب "الحقيقيّة" عن عبقريّة أممها وتتحوّل إلى رصيدٍ رمزي ووسيطٍ في الحوار مع الشعوب...

  • 14 جويلية 2025
سحت

يحاولُ حملةُ أقلامٍ يكتبون في الصّحافة الفرنسيّة الزج بالجزائر في محاور مُستهدفة، بل ويجتهدون في...

  • 30 جوان 2025
لُقــــاح

سليم بوفنداسةتحوّل تغليفُ الباطل برداء الحقّ إلى صِناعة مضمونة الرّواج، بسبب فوضى فكريّة ناجمة عن...

  • 24 جوان 2025
حربٌ تُخفي أخرى

  سليم بوفنداسةتُخفي الحربُ الدائرة حربًا مُضمرة، قد تُسمى باسمها خارج الدوائر الرسميّة والأدبيّات السياسيّة...

  • 17 جوان 2025
بروتوكول فانون

يُعيد الخطاب النيوكولونيالي الذي تُنتجه النّخب الغربيّة، هذه الأيام، فرانز فانون إلى واجهة...

  • 09 جوان 2025
لا تلعب معهم!

تدفعُ "نوايا حسنة" بعض الأكاديميين الجزائريين للمشاركة في برامج سجاليّة في قنوات عربيّة وأجنبيّة...

  • 12 ماي 2025
حقدٌ مُزمن

تُظهر فئة من الكتّاب الفرنسيين حقدًا أسودَ على الجزائر، لخّصه الكاتب جون بول انتوفان بالقول إنّه...

  • 28 أفريل 2025
حرجُُ المُنافح

حاولت فرنسا في حملتها المتواصلة على الجزائر تجنيد كتّاب جزائريين تحت عناوين حريّة الإبداع والدفاع...

  • 21 أفريل 2025
ظُلمات

تعرفُ العلاقات الدوليّة مقدّمات أزمة أشبه ما تكون بحربٍ كونيّة جديدة تعيدُ توزيع الأدوار بين سكّان غابتنا،...

  • 14 أفريل 2025
اسمي حمزة

اسمي حمزة، كان لي رأسٌ. كانت لي عينان و أحلامٌ صغيرة لا أعلنها. ربما أشبه أحمد الذي لم يعثـروا على رأسه،...

  • 07 أفريل 2025
هوس فرنسي

تحوّلت الجزائر، هذه الأيام، إلى «لازمة» على ألسنة السّاسة والنّخب في فرنسا، وإلى موضوع أثيرٍ على...

  • 24 فبراير 2025
«واقعيّة قذرة»

لن تهنأ الإنسانيّة بعائدات التطوّر العلمي الذي يفترض أن يساعد في حلّ المشكلات ويجعل الحياة أيسر...

  • 17 فبراير 2025
العالمُ برواية «ماسك»!

تحوّل الملياردير الأمريكي إيلون ماسك إلى كابوسٍ حقيقيٍّ يُؤرّق ساسةً وصنّاعَ قرارٍ في أوروبا، وفق...

  • 20 جانفي 2025
سوارٌ إلكتروني

ظلّت الثقافة على الدوام من أدوات الهيمنة التي تستخدمها قوى استعمارية، في آلية فكّكها إدوارد سعيد...

  • 13 جانفي 2025
حياة في الثقافة

غادر بوداود عميّر فجأة، بعد أن لمّح إلى غيّابٍ مُؤقّت اتقاء شرّ مُنتحلٍ سرق هويّته، قبل أن ينجح...

  • 23 ديسمبر 2024
أبوابٌ ونوافذٌ

بيّنت الأحداث الأخيرة، التي استخدم فيها طرفٌ أجنبيٌّ، كاتبين جزائريين ضدّ بلدهم الأم، في حرب...

  • 09 ديسمبر 2024
صوتُ الحياة

شاخ الوقتُ حولها لكنّها ظلّت في مقتبل الصّبا تسقي الدهشة وتشيعها، لأنّ المنادي الذي نادى النّاس...

  • 25 نوفمبر 2024
المُنمركون !

يصعبُ توقّع ما ستكون عليه الحياة بعد سنوات قليلة، نتيجة التدخّل المفرط للتكنولوجيا فيها، الذي لا...

  • 18 نوفمبر 2024
لا تلوموا أسامة!

يطرحُ الإقبال "غير المتوقّع" على الكاتب السعودي أسامة المسلم في صالون الجزائر الدولي للكتاب،...

  • 11 نوفمبر 2024
«لأسبابٍ سياسيّة» !

قبل سويعات من الكشف عن الفائز بجائزة الغونكور، أمس، نقلت وكالة الأنباء الفرنسية عن ناشرٍ قوله، إن...

  • 04 نوفمبر 2024
Articles Side Pub
Articles Bottom Pub
جريدة النصر الإلكترونية

تأسست جريدة "النصر" في 27 نوفمبر 1908م ، وأممت في 18 سبتمبر 1963م. 
عربت جزئيا في 5 يوليو 1971م (صفحتان)، ثم تعربت كليًا في 1 يناير 1972م. كانت النصر تمتلك مطبعة منذ 1928م حتى 1990م. أصبحت جريدة يومية توزع وتطبع في جميع أنحاء الوطن، من الشرق إلى الغرب ومن الشمال إلى الجنوب.

عن النصر  اتصل بنا 

 

اتصل بنا

المنطقة الصناعية "بالما" 24 فيفري 1956
قسنطينة - الجزائر
قسم التحرير
قسم الإشهار
(+213) (0) 31 60 70 78 (+213) (0) 31 60 70 82
(+213) (0) 31 60 70 77 (+213) (0) 6 60 37 60 00
annasr.journal@gmail.com pub@annasronline.com