أصدرت أمس الأول، محكمة التحكيم الرياضي، قرارها النهائي في قضية القمصان التي حاول ارتداءها نادي نهضة بركان، خلال مواجهته لفريق اتحاد الجزائر، في نصف نهائي كأس الكونفدرالية الإفريقية 2023/2024، وجاء الحكم ليؤكد أن التصميم الخاص بقميص نهضة بركان ينتهك لوائح الاتحادين الإفريقي والدولي، مما دفع «التاس» إلى منع استخدامه رسميا، واعتباره مخالفة صريحة للقوانين المنظمة لكرة القدم.
وأوضحت المحكمة الرياضية الدولية، في بيان تفصيلي من 38 صفحة، أن الطعن الذي قدمه الاتحاد الجزائري قُبل بالكامل، في حين تم رفض الطعن المقدم من فريق اتحاد الجزائر بخصوص إعادة المباراة، ورغم ذلك، فإن القرار جاء لصالح الجزائر على عدة مستويات، حيث فرض على الأندية المغربية، وبخاصة نهضة بركان، الامتثال للوائح الرياضية التي تحظر تضمين رموز سياسية في أطقم الفرق.
وأكدت المحكمة، في بيانها المنشور بموقعها الرسمي، أن تصميم القميص، الذي تضمن خريطة سياسية وهمية لا يتماشى مع القوانين المعمول بها في «الكاف» و»الفيفا»، وهو ما يجعل ارتداءه في المباريات الرسمية خرقا واضحا للوائح، وبهذا أصبح نهضة بركان مطالبا بتعديل تصميمه، قبل خوض أي مباراة قادمة، مما يعني نهاية أي محاولة لاستغلال الرموز السياسية في الرياضة الإفريقية.
انتصار قانوني وسياسي وموقف مشرف
لم يكن موقف الفاف واتحاد الجزائر مجرد احتجاج عابر، بل كان خطوة مدروسة تؤكد احترامه للوائح المنظمة لكرة القدم، فمنذ البداية، رفض مسؤولو «سوسطارة» المشاركة في المقابلتين بوجود ذلك القميص المزعوم، معتبرين ذلك محاولة لتمرير أجندة سياسية عبر الرياضة، وبدعم من «الفاف»، قرر النادي تصعيد القضية إلى أعلى الهيئات الرياضية، رافضا الرضوخ للضغوط أو المساومات.
وبهذا القرار، تكون الاتحادية وفريق اتحاد الجزائر قد حققا انتصارا مزدوجا، فمن جهة أثبت الاتحاد أنه فريق ملتزم بلوائح الاتحاد الإفريقي والدولي، ومن جهة أخرى فقد ساهم بمعية الفاف في ترسيخ قاعدة تمنع استغلال الرياضة لأغراض سياسية مستقبلا.
ولم يمر هذا القرار مرور الكرام على الاتحاد الإفريقي، الذي وجد نفسه في موقف حرج، بعد محاولاته السابقة لطمس القضية، فقد حاولت «الكاف»، في البداية، التغطية على القضية، وتجنب اتخاذ أي إجراء ضد نهضة بركان.
أبعاد القرار.. أكثر من مجرد مباراة
ورغم أن القرار لم يُغير نتيجة المباراة نفسها، إلا أنه حمل أبعادا سياسية ودبلوماسية تتجاوز حدود الملعب، فقد أثبتت الجزائر قدرتها على الدفاع عن مصالحها دوليا، وأظهرت حنكة كبيرة في التعامل مع القضايا الحساسة على المستوى الرياضي، ويعد هذا القرار بمثابة إنذار شديد اللهجة لأي جهة تحاول إدخال الرموز السياسية في الرياضة، سواء في إفريقيا أو خارجها، فالاتحاد الإفريقي سيكون ملزما من الآن فصاعدا بتطبيق القوانين بصرامة أكبر، وتجنب تكرار سيناريو نهضة بركان مستقبلا.
الإجراء دخل حيّز التنفيذ فورا
سيدخل القرار حيّز التنفيذ ابتداء من المباراة القادمة لنادي نهضة بركان، مما يعني أن الفريق المغربي لن يكون قادرا على ارتداء ذلك القميص مرة أخرى.
أما على الصعيد الجزائري، فإن هذا القرار يعزز مكانة اتحاد العاصمة والاتحاد الجزائري لكرة القدم كأطراف فاعلة في المشهد الرياضي الإفريقي، ويؤكد أن الأندية الجزائرية لن تتنازل عن حقوقها، سواء داخل الملعب أو خارجه.
سمير. ك