حقق المنتخب الوطني النسوي فوزا ثمينا وصعبا، سهرة أول أمس، أمام منتخب بوتسوانا بهدف دون رد، في افتتاح مبارياته ضمن المجموعة الثانية لنهائيات كأس إفريقيا للأمم 2024 (المؤجلة إلى 2025)، في مباراة قد تكون منعرجا حاسما في تاريخ المشاركات الجزائرية النسوية، كونها قد تفتح الباب أمام أول تأهل ممكن للدور الثاني.
وسجلت الهدف الوحيد للمنتخب، اللاعبة المتألقة غوتية كرشوني، المنتقلة حديثا إلى نادي سيرفيت السويسري، عند الدقيقة العاشرة من عمر اللقاء، بعد عمل جماعي مميز قادته إيناس بوطالب، التي منحت تمريرة حاسمة وجدت النجمة السابقة لنادي إنتر ميلان الإيطالي في المكان المناسب، لتضع الكرة في الشباك، بتسديدة محكمة أكدت قيمتها الفنية الكبيرة.
شوط أول قوي وتألق فردي وجماعي
دخلت سيدات الجزائر المواجهة بعزيمة قوية وتركيز عال، حيث فرضن ضغطا متقدما على دفاع بوتسوانا منذ البداية، مما أثمر عن تسجيل مبكر أعطى الثقة لشبليات المدرب فريد بن ستيتي، وبرزت عدة لاعبات بأداء لافت، أبرزهن ميليسا بتحي، التي كانت «الدينامو» المحرك في وسط الميدان، إلى جانب بوطالب وغيلاتي.
وكان المنتخب الوطني منظما ومنضبطا في الشوط الأول، مع حسن تمركز وانتشار فوق أرضية الميدان، ما جعل السيطرة جزائرية في أغلب الفترات، دون أن يُمنح لمنتخب بوتسوانا فرصا حقيقية للتهديف.
تراجع في الشوط الثاني وإنذارات بالجملة
وتغيّرت المعطيات بعد الاستراحة، حيث بدا المنتخب الوطني أقل تنظيما، وظهرت بعض الهفوات في التمريرات، خصوصا خلال التحولات الهجومية التي افتقدت للدقة والسرعة، واستغلت لاعبات بوتسوانا هذه الفجوة، وبدأن في استعادة الثقة تدريجيا، وهددن المرمى في أكثر من مناسبة، ولحسن الحظ تألقت الحارسة نغازي في التصدي للكرات الخطيرة، كما حافظ الخط الدفاعي على تركيزه رغم الضغط، في ظل تراجع مردود الوسط والهجوم، ولو أن دخول لورا طالب مولر في الشوط الثاني، أعطى بعض النشاط، لكنه لم يكن كافيا لحسم اللقاء بهدف ثان يريح الأعصاب.
فوز تاريخي وأرقام تبعث على الأمل
يعتبر هذا الفوز هو الأول للمنتخب الوطني النسوي في نهائيات كأس إفريقيا منذ نسخة 2014، التي عرفت آخر انتصار أمام غانا بنفس النتيجة، ومن أصل 16 مباراة خاضها المنتخب النسوي في مشاركاته الست، حقق 3 انتصارات فقط، مقابل 12 خسارة وتعادل واحد في دور المجموعات، ولعل الأهم في هذه الطبعة أن المنتخب يعيش تحولا جذريا، حيث لم يتبق من التعداد الذي شارك في نسخة 2018 سوى ثلاث لاعبات، وهن مورغان بلخيثر وإيمان شبال وإيناس بوطالب، وهو ما يعكس رغبة الطاقم الفني، في بناء جيل جديد بإمكانه كتابة تاريخ مختلف.
كرشوني: الانتصار كان ثمينا وصمودنا سر الفوز
عبرت غوتية كرشوني، صاحبة الهدف الوحيد أمام بوتسوانا، عن سعادتها الكبيرة ببداية مشوار سيدات الخضر في «الكان» بانتصار مهم، مؤكدة أن المواجهة لم تكن سهلة، خاصة في شوطها الثاني، لكنها أشادت بصمود زميلاتها وإصرارهن على الحفاظ على التقدم.
وقالت كرشوني في تصريح صحفي عقب نهاية المباراة:»من المهم جدا أن نبدأ المنافسة بفوز ثمين، خصوصا وأن المهمة لم تكن سهلة أمام منتخب بوتسوانا الذي صعب علينا الأمور، خاصة في الشوط الثاني، ويُحسب للتشكيلة أنها صمدت حتى صافرة النهاية، ونجحنا في الحفاظ على هدف التقدم الذي سجلته مطلع الشوط الأول». وأضافت:»دخلنا اللقاء بقوة وتمكنا من فرض أسلوبنا مبكرا وتسجيل الهدف، لكن للأسف لم نوفق في مضاعفة النتيجة رغم المحاولات، والأهم في النهاية أننا بدأنا بالفوز وحصدنا أول ثلاث نقاط في مشوار البطولة». واختتمت كرشوني تصريحها بالتأكيد على أن الفوز يُعزز ثقة المجموعة قبل لقاء تونس المرتقب، الذي سيكون محطة مفصلية في سعي المنتخب لبلوغ الدور الثاني لأول مرة في تاريخه.
فرصة تاريخية على بُعد 90 دقيقة
بفضل هذا الانتصار، يتقاسم المنتخب النسوي صدارة المجموعة الثانية برصيد 3 نقاط مع نيجيريا، التي تفوقت في نفس اليوم على تونس بثلاثية نظيفة، بينما يتذيل منتخبا تونس وبوتسوانا الترتيب بلا رصيد.
وستكون المواجهة القادمة أمام تونس، يوم الخميس بداية من الساعة الخامسة زوالا، حاسمة لتحديد مستقبل سيدات الخضر في البطولة، فالفوز فيها يضمن رسميا التأهل إلى ربع النهائي لأول مرة في التاريخ، وهي نتيجة من شأنها أن تُحدث قفزة نوعية في كرة القدم النسوية الجزائرية.
وتبدو المعنويات في المعسكر الجزائري مرتفعة، خاصة في ظل الهزيمة الثقيلة التي تلقاها المنتخب التونسي، ما يمنح سيدات الخضر أفضلية نفسية يمكن استثمارها جيدا، ولكن الحذر مطلوب، إذ تبقى تونس منافسا عنيدا يسعى للرد واستعادة التوازن، ولو أن التعادل قد يكون كافيا أيضا لحسم بطاقة العبور للدور الثاني.
الاستعداد لصدام نيجيريا الامتحان الأصعب
وستواجه في الجولة الثالثة والأخيرة من دور المجموعات، سيدات الخضر منتخب نيجيريا يوم الأحد المقبل على الساعة الثامنة ليلا، في اختبار يُعد الأصعب بالنظر لقوة «النسور الممتازة»، المرشحين الأبرز للتتويج باللقب.
وسيكون من الضروري حسم بطاقة التأهل قبل هذه المواجهة، لتفادي الدخول في حسابات معقدة، خاصة أن نظام البطولة يُتيح التأهل للمنتخبات صاحبة المركزين الأول والثاني، إضافة إلى أفضل منتخبين يحتلان المركز الثالث في المجموعات الثلاث.
ورغم بعض النقائص الفنية في الشوط الثاني أمام بوتسوانا، إلا أن الفوز المحقق يحمل الكثير من الأمل، ويؤكد أن المنتخب النسوي يسير في الطريق الصحيح، والمطلوب الآن هو الاستفادة من الأخطاء، والعمل على تحسين الفعالية الهجومية والانضباط التكتيكي. وتبقى الكرة الآن في ملعب رفيقات القائدة غيلاتي، اللواتي يملكن فرصة تاريخية لبلوغ الدور الثاني، وكتابة صفحة مشرقة من مسيرة المنتخب النسوي، الذي لطالما انتظر لحظة تجاوز دور المجموعات لأول مرة.
سمير. ك
