تمكن مدربان ألمانيان في ظرف وجيز، من فرض نفسيهما كأبرز الطواقم الفنية في البطولة الوطنية، بعدما قادا شبيبة القبائل وشباب بلوزداد لتحقيق نتائج مميزة، أعادت الفريقين إلى واجهة المنافسة، وفتحت الباب واسعا للحديث عن تجربة تدريبية جديدة، بدأت تُغيّر قناعات المسؤولين والفاعلين في الكرة الجزائرية، بعدما اعتادوا التوجه نحو المدرسة الفرنسية لسنوات طويلة.
ويبدو أن موسم 2024-2025 سيُكتب بحروف ألمانية، ففي وقت قياسي، استطاع كل من جوزيف زينباور وسعد راموفيتش أن يقلبا الطاولة، ويغيرا المعادلات داخل البطولة الوطنية، بقيادة شبيبة القبائل وشباب بلوزداد إلى واجهة المنافسة، مع نتائج مبهرة جعلت منهما حديث الشارع الرياضي.
ولا يتعلق الأمر بمجرد انتصارات رقمية، بل بثورة في طريقة اللعب، وتحوّل ملحوظ في العقلية، فكلا المدربين جاء بأسلوب مفضل يعتمد خطة 4-2-3-1، ولكن التطبيق كان مختلفا، حيث ظهرت لمسة «الانضباط التكتيكي» و«الواقعية الألمانية» في الأداء.
جوزيف زينباور، من مواليد 1 ماي 1970، باشر مهامه على رأس العارضة الفنية لشبيبة القبائل بتاريخ 22 جانفي المنصرم، بعقد يمتد إلى غاية 30 جوان 2026، خلفا للمدرب عبد الحق بن شيخة. ومنذ أولى مبارياته، أبان المدرب الألماني عن بصمته الفنية الواضحة، رغم أن بدايته كانت بخسارة أمام مولودية الجزائر بنتيجة 2-3، قبل أن ينجح في قيادة «الكناري» إلى سلسلة نتائج مذهلة.
واستطاع زينباور، أن يحقق مع الفريق 21 نقطة في 10 مباريات، بواقع 6 انتصارات على كل من: مولودية البيض (2-1) وشباب بلوزداد (3-2) واتحاد الجزائر (1-0) واتحاد خنشلة (1-0) ومولودية وهران (2-1) ونادي بارادو (2-1)، فيما تعادل في ثلاث مواجهات: اتحاد بسكرة (0-0) والنادي الرياضي القسنطيني (1-1) وأولمبي أقبو (1-1)، وخسر لقاء واحدا فقط أمام مولودية الجزائر في أول ظهور له.
وسجلت الشبيبة معه 14 هدفا، بينما تلقت شباكها 9 أهداف، ما يُظهر توازنا دفاعيا وهجوميا يحسب له، ويضعه ضمن أنجح التجارب في الموسم الجاري، وبفضل نتائجه، يتصدر شبيبة القبائل جدول الترتيب برصيد 46 نقطة مناصفة مع مولودية الجزائر.
من جانبه، لم يكن سعد راموفيتش أقل تأثيرا، إذ نجح هو الآخر في قلب موازين شباب بلوزداد منذ توليه المهمة يوم 4 فيفري الماضي، خلفا لعبد القادر عمراني.
المدرب الألماني، البالغ من العمر 46 سنة (مواليد 14 مارس 1979)، أعطى للفريق نفسا جديدا على المستويين المحلي والكأس، حيث قاد «السياربي» في 10 مباريات، جمع خلالها 18 نقطة، أي بفارق ثلاث نقاط فقط عن زينباور، وهي نقاط مباراة الخسارة أمام الشبيبة تحديدا، وحقق راموفيتش 5 انتصارات كانت على حساب: ترجي مستغانم (3-2) وشبيبة الساورة (3-1) ونجم مقرة (4-0) واتحاد بسكرة (2-0) واتحاد خنشلة (3-0)، كما تعادل في 3 لقاءات: مولودية الجزائر (1-1) واتحاد الجزائر (1-1) ومولودية البيض (0-0)، وخسر مواجهتين أمام: وفاق سطيف (0-1) وشبيبة القبائل (2-3).
ورغم التكافؤ من حيث الأهداف المستقبلة (9 أهداف، مثل شبيبة القبائل)، إلا أن راموفيتش تميّز بخط هجوم أكثر فاعلية، سجل 19 هدفا في 10 مباريات، أي بمعدل يقارب هدفين في كل لقاء.
ولا يقتصر نجاح راموفيتش على بطولة الرابطة المحترفة، بل يمتد إلى كأس الجمهورية، التي بلغ نهائيها مع شباب بلوزداد، بعد مشوار مميز أقصى خلاله مولودية الجزائر من الدور السادس عشر (1-0) واتحاد الشاوية في ثمن النهائي (4-2) ومولودية بجاية في ربع النهائي (1-0) ومولودية البيض في نصف النهائي (1-0)، كما خسر نهائي كأس «السوبر» أمام مولودية الجزائر بركلات الترجيح، بعد مباراة مثيرة عدل فيها الفريق النتيجة بعد تأخره بهدفين، ليؤكد بذلك الروح العالية والانضباط التكتيكي، الذي زرعه راموفيتش في كتيبته.
وما يقدمه زينباور وراموفيتش ليس مجرد طفرة مؤقتة، بل هو مؤشر على بداية تحوّل أعمق في ذهنية التسيير داخل الأندية الجزائرية، والتي بدأت تستوعب أن النجاح لا يتعلق بـ«الاسم» أو «الجنسية»، بل بالمشروع والفكر والقدرة على نقل الأفكار داخل غرفة الملابس. سمير. ك
