عاشت مدينة بني والبان أول أمس ليلة بيضاء، احتفالا بالانجاز التاريخي الذي حققه الفريق، بالصعود إلى الرابطة الثانية، في إنجاز كان إلى وقت ليس ببعيد يصنّف في خانة «المعجزة»، لكنه تجسد ميدانيا بفضل سلاح الإرادة، لأن النجم كان ينشط في الأقسام السفلى، وسطوعه تدريجيا في سماء المنظومة الكروية الوطنية كان في سنة 2021، لما ظهر كطرف بارز في معادلة الصعود إلى الرابطة الثانية، وهذا عند خوضه أول تجربة له في قسم ما بين الجهات، لتتواصل المغامرة في الدرجة الثالثة لأربعة مواسم، قبل أن تكون النهاية تاريخية، بحط الرحال في وطني الهواة،
احتفالات أسرة نجم بني والبان انطلقت من ملعب عبد الرحمان علاق بعين فكرون، وذلك بمجرد إطلاق الحكم سرجان صافرة نهاية المباراة التي جمعت النجم بالسلاحف، لأن فوز أشبال المدرب تازير بهدف وحيد كان كافيا لترسيم التتويج بلقب البطولة في فوج الشرق، فكانت الفرحة «هيستيرية» في الملعب، قبل أن ينطلق الفريق في موكب احتفالي من عين فكرون، مرورا بسيقوس، الخروب، قسنطينة، زيغود يوسف، عين بوزيان وسيدي مزغيش، حيث كانت حافلة اللاعبين محاطة بعدد كبير من الأنصار، الذين أفضوا على المشهد «جمالية» أكبر، إلى درجة أن اللاعبين رفضوا التوقف لتناول وجبة العشاء، وفضلوا معايشة أجواء الفرحة مع الأنصار.
إلى ذلك، فإن آلاف المناصرين الذين كانوا في بني والبان، ولم يحالفهم الحظ في التنقل إلى عين فكرون، صنعوا الحدث في شوارع المدينة، بمجرد انتهاء المقابلة، لكن عند وصول حافلة اللاعبين إلى مدخل البلدية كان المشهد «خرافيا»، لأن الوصول كان في حدود الساعة التاسعة والنصف ليلا، والاستقبال كان «استثنائيا»، ويليق بمقام الأبطال الذين كتبوا أسماءهم بأحرف من ذهب في سجل المدينة، حيث تجمع ألاف المشجعين من ساكنة البلدية وحتى من مناطق مجاورة أمام ملعب بوقفة عثامن حمو، وانتظروا الوفد، فكان رئيس النادي عزوز طبو أول من حط الرحال، ويتقدم بسيارته الخاصة الحافلة التي كان على متنها اللاعبون، وهي اللحظة التي اهتزت فيها المدينة على وقع أجواء استثنائية، لأن الاستقبال كان بالبارود، ليجوب بعدها الفريق شوارع المدينة، التي اكتست حلة مميزة، باللونين الأزرق والأبيض، وزادتها الألعاب النارية رونقا وجمالا، كما أن بولعويدات وزملاءه فضلوا معايشة الحدث بطريقة تتماشى وأجواء المدينة، وذلك بالصعود فوق سقف الحافلة، وتحية الأنصار وهذا خلال الجولة التي قاموا بها عبر كامل شوارع المدينة، ليكون مقر البلدية محطة تجمع كل أفراد أسرة النجم، من لاعبين، مسيرين وأنصار.
أفراح مدينة بني والبان استمرت إلى غاية الساعة الثالثة من فجر الأحد، لأن الأنصار قاموا بجلب فرق فلكورية، ليكون العرس متواصلا دون انقطاع، بحضور كل من ساهم في تحقيق الصعود التاريخي، في انتظار الحفل الكبير الذي سيقام يوم السبت القادم، تزامنا مع آخر مقابلة للفريق في قسم ما بين الجهات، والتي شاءت الصدف أن تكون داخل الديار، عند استضافة ترجي قالمة، وهي المباراة التي ستعرف تسلم الفريق درع البطولة من رابطة ما بين الجهات، وكذا إقامة حفل الصعود.
هذه الأجواء، كسرت «الروتين» الذي كانت تعيشه بلدية بني والبان، وأكدت أن شبان هذه المنطقة يتنفسون برئة كرة القدم، لأن النجم أصبحت له قاعدة جماهيرية واسعة، بفضل النتائج الإيجابية التي حققها، والصعود إلى الرابطة الثانية لم يكن يراود أكبر المتفائلين، إلا أن الرئيس عزوز طبو أصر على رفع التحدي، وتغيير معالم الخارطة الكروية بالولاية، ليصبح فريق بني والبان أفضل سفير حاليا لولاية سكيكدة في المشهد الكروي، بصعوده التاريخي إلى الوطني الثاني، رغم أن الولاية 21 سبق لها وأن سجل تواجدها في مستويات أعلى بفضل شبيبة سكيكدة، وفاق القل، سريع الحروش، وداد رمضان جمال وشباب سيدي مزغيش، لكن المعطيات تغيرت حاليا.
واللافت للانتباه أن سطوع نجم بني والبان كانت نقطة انطلاقته من التغيير الذي حصل على مستوى إدارته، لأن تولي طبو الرئاسة في سنة 2019 طوى صفحة الاكتفاء بلعب أدوار ثانوية في جهوي قسنطينة، فكان الموسم الأول كافيا لاقتطاع تأشيرة الصعود إلى قسم ما بين الجهات، بعد كسب الرهان على حساب رائد بوقاعة، بعد توقف البطولة في الجولات الأخيرة بسبب جائحة كورونا، لتكون بعدها المغامرة استثنائية في بطولة ما بين الرابطات، حيث تنافس النجم على ورقة الصعود مع حمراء عنابة، إلا أنه فشل في آخر منعرج، وقد تكرر نفس «السيناريو» بمعطيات أكثر «دراماتيكية» في الموسم الموالي، لما تجرع أبناء بني والبان مرارة الفشل في الصعود في آخر جولة، أمام جمعية الخروب، ومع ذلك فإن طبو لم يستسلم، وظل يراهن على الصعود إلى الوطني الثاني، رغم أنه كان في كل مرة يشتكي من عدم تلقي إعانات مالية، لكن الفريق حافظ على مكانته في قسم ما بين الجهات، وجعل من موسمين متتاليين فترة استراحة، لتكون الانطلاقة بريتم «جنوني» في بداية الموسم الجاري، فكانت الخاتمة بفتوحات تاريخية، حط من خلالها نجم بني والبان رحاله بالوطني الثاني.
صالح فرطاس
المدرب حكيم تازير للنصر
روح المجموعــــــة أهـــم ســـــلاح في ملحمـــة الصعــــــــــــود
اعتبر مدرب نجم بني والبان عبد الحكيم تازير تأشيرة الصعود إلى الرابطة الثانية أغلى هدية يمكن تقديمها للأنصار، وأكد في حوار خص به النصر على أن الإنجاز المحقق كان ثمرة المجهودات الجبارة التي بذلتها كل أسرة الفريق، من لاعبين، مسيرين وأنصار.
ما تعليقكم على الأجواء التي عايشتموها بعد ترسيم الصعود؟
فرحة الصعود تبقى دوما بطعم خاص، ومن حق كل الأنصار الأوفياء أن يعيشوها، لأنها قد لا تكرر مرة أخرى، لذا فإن اللحظات التي عشناها في عين فكرون تبقى تاريخية، والأكيد أنها ستظل راسخة في ذاكرة الجميع، لأن نجم بني والبان نجح في تحقيق الصعود لأول مرة إلى الرابطة الثانية، وهذا ما سيتم تسجيله بأحرف من ذهب في تاريخ الفريق.
وهل كنتم تتوقعون نهاية الموسم بهذا الإنجاز؟
هذا الموسم هو الثاني لي مع الفريق، وانطلاقتنا في العمل كانت جد متأخرة، بدليل أننا لم نجر أي تحضيرات، وخوض أول لقاء رسمي في البطولة مع جمعية عين كرشة، كان بعد 3 حصص تدريبية فقط، لكننا نجحنا بفضل تظاهر جهود الجميع في تدارك هذا التأخر، وهذا ليس بالأمر السهل، إلا أن الظروف التي وفرها الرئيس طبو، وتجاوب اللاعبين مع طريقة العمل الاستثنائية التي سطرناها ساهمت كلها في تجاوز تلك الفترة العسيرة بسلام، وقد اعتلينا صدارة الترتيب منذ الجولة الرابعة، والنجاح في المحافظة عليها كان بفضل روح المجموعة، لأن التنسيق الكبير بين اللاعبين والإدارة حجب الرؤية عن النقائص المسجلة، وإصرار الجميع على عدم تفويت الفرصة زاد في الرفع من الريتم، مع التمسك بحظوظ الفريق في الصعود.
لكن معالم سباق الصعود ارتسمت في الجولات الأخيرة، مما زاد من فرض ضغط إضافي عليكم، أليس كذلك؟
لا يمكن الحديث عن معطيات السباق في مجموعة الشرق، لأن أغلب النوادي لها خبرة في مستويات أعلى، ونجم بني والبان أصبحت له تقاليد في بطولة ما بين الجهات، بعد تجارب امتدت على مدار 4 مواسم سابقة، وعليه فإن التنافس كان على أشده بين العديد من الفرق، وأهم المنعرجات كانت في مرحلة الإياب، لكننا انفصلنا عن الكوكبة بفارق سمح لنا بتسيير المشوار، سيما بعد تسجيل تعثرين متتاليين أمام شبيبة سكيكدة واتحاد الفوبور، وذلك ما جعلنا نعيش تحت ضغط رهيب، خوفا من خسارة الرهان في نهاية المطاف، فكانت حتمية الفوز باللقاءات الأربعة الأخيرة شرطا أساسيا للتتويج باللقب، وهذا ما نجحنا في تجسيده ميدانيا، رغم المطاردة اللصيقة التي كانت من ترجي قالمة، ونقاط لقاء عين فكرون سمحت لنا بالتخلص من كل الضغوطات، وتحويلها إلى فرحة هيستيرية .
حاوره: ص / فرطاس
رئيس النادي عزوز طبو للنصر
تكـلفة الصعود لم تتجاوز 3.5 مليار سنتيم
كشف رئيس نجم بني والبان عزوز طبو للنصر بأن مصاريف النادي خلال الموسم الجاري لم تتعد عتبة 3,5 مليار سنتيم، وأوضح في هذا الصدد بأن إدارته أقدمت على تسوية مستحقات اللاعبين عن آخرها، بتسديد كل المنح، الأمر الذي يفسح المجال للحديث من الآن عن مستقبل الفريق في الرابطة الثانية، لأن الرهان ـ كما قال ـ « يبقى قائما بالبحث عن مكانة في الرابطة المحترفة».
وأكد طبو في تصريحه بأن إشكالية الدعم المالي وجدت طريقها إلى الحل بعد تكفل والي سكيكدة شخصيا بهذا الانشغال، لأننا ـ على حد قوله ـ « كنا قد عانينا كثيرا من هذا الجانب، بسبب عدم تلقي أي سنتيم على مدار 4 سنوات، لكن الانفراج كان بتدخل الوالي مباشرة، الأمر الذي وضعنا أمام تحديات كبيرة، خاصة وأننا كنا دوما نتحدث عن الصعود كهدف رئيسي، وتوفر الدعم وفق ما هو متاح كان كافيا لتجسيد الحلم».
رئيس نجم بني والبان أشار في سياق متصل إلى أن تسوية مستحقات اللاعبين عن آخرها يبقي شرطا قليلا من الديون عالقا، وعليه فإننا ـ حسب تصريحه ـ « ننتظر انطلاق أشغال تهيئة الملعب، خاصة منها مشروع تكملة المدرجات، لأننا نراهن على استقبال ضيوفنا في بني والبان الموسم القادم في الرابطة الثانية»
ص / فرطاس