يخوض عشية غد الجمعة ترجي قالمة آخر مقابلة له في الموسم، وذلك بالنزول في ضيافة «البطل» نجم بني والبان، وسط حسرة كبيرة لأسرة «السرب الأسود» على ضياع حلم الصعود، لأن العودة إلى الرابطة الثانية كانت في صدارة الأهداف المسطرة، والفريق أدى مشوارا مميزا، جعله من أكبر المتنافسين على لقب البطولة في فوج الشرق، إلا أن النهاية لم تكن «سعيدة» لعشاق اللونين الأسود والأبيض، ليضطر الترجي لمواصلة المعاناة في الدرجة الثالثة لموسم آخر، وحلم التواجد في القسم الثاني يبقى بمثابة «المسلسل» الذي سيمتد لحلقة أخرى.
الفشل في تجسيد حلم العودة إلى الرابطة الثانية، يبقى صعب الهضم لكامل أسرة ترجي قالمة، من لاعبين، مسيرين وأنصار، لأن صدمة «الانتكاسة» كانت قوية، بعدما قطع الفريق مشوارا جعل المشجعين ينتظرون إلى النهاية بكثير من التفاؤل، واعتلاء منصة التتويج كان طموحا مشروعا، لكن «الخاتمة» كانت عكس التطلعات، وخسر «السرب الأسود» الرهان، بعد ترسيم صعود نجم بني والبان قبل جولة من إسدال الستار، وقد شاءت الصدف أن ينزل الترجي في ضيافة صاحب الحظ السعيد، ومعايشة الأجواء الاحتفالية التي ستميز الصعود التاريخي للنجم، مقابل تجرع أبناء الولاية 24 مرارة الإخفاق.
موسم ترجي قالمة يعد الأحسن له في قسم ما بين الجهات، من حيث النتائج المسجلة، لأن الفريق تنافس على ورقة الصعود، وحظوظه في التتويج باللقب ظلت قائمة إلى غاية الجولة 29 وما قبل الأخيرة، قبل أن يتبخر الحلم في «منعرجات» عين فكرون، ولو أن تشريح الوضعية يستوجب الوقوف عند الكثير من المحطات التي كانت من الأسباب التي حالت دون تجسيد حلم القالميين، لأن الترجي مازال يبحث عن استعادة مكانته في الدرجة الثانية، منذ سقوطه في جوان 1999، وقد كانت آخر مباراة له في هذا القسم أمام وفاق القل، لما انهزم داخل الديار بنتيجة (1 / 3)، بصرف النظر عن مغامرته في وطني الهواة بنظامها السابق، والتي لم تدم سوى 4 مواسم، وعليه فإن الرهان الذي كان قائما بخصوص تجسيد حلم انتظرته العائلة الرياضية القالمية على مدار أزيد من ربع قرن تبخر بنهاية «دراماتيكية»، والصدمة كانت قوية، لأن كل مقومات النجاح كانت متوفرة، ومؤشرات الصعود ارتسمت، لكن حقيقة الميدان سارت في اتجاه معاكس، بانتزاع نجم بني والبان ورقة اللعب، ونجاحه في كتابة صفحة جديدة في تاريخه، وبقاء «السرب الأسود» يعاني في قسم ما بين الجهات، ورحلة السعي لنفض الغبار عن أمجاده الضائعة، والتي تمتد إلى أعماق تاريخ الكرة الجزائرية تبقى متواصلة.
ولن يكون من السهل تشريح «انتكاسة» ترجي قالمة هذا الموسم، لأن رهان الصعود كان كبيرا، رغم أن الانطلاقة لم تكن ترقى إلى مستوى التطلعات، سيما وان التحضيرات انطلقت متأخرة، قبل أقل من أسبوعين عن أول مباراة رسمية، ولو أن هذا الأمر لن يكون المبرر الكافي، مادام نجم بني والبان مر بظروف أصعب قبل بداية الموسم، ودخوله غمار المنافسة الرسمية كان بعد تحضيرات لم تتجاوز 3 أيام، كما أن استقدامات إدارة الترجي كانت وفق حسابات ضبطتها اللجنة المسيرة، بعد استخلاص العبر من الدرس القاسي الذي كان الموسم الماضي، لتبقى عقدة ملعب سويداني بوجمعة من أبرز علامات الاستفهام التي ظلت مطروحة، وكانت عواقبها وخيمة في حسابات الصعود، لأن «السرب الأسود» سجل في مرحلة الذهاب 5 تعادلات داخل الديار، مع كل من اتحاد الفوبور، اتحاد سدراتة، شباب ميلة، اتحاد بوخضرة ونصر الفجوج، وتضييع 10 نقاط بقالمة كلّف الفريق غاليا في نهاية الموسم.
واللافت للانتباه أن كل ضيوف ملعب قالمة لم يتمكنوا من هز الشباك، بدليل أن الترجي حافظ على شباكه نظيفة في 15 مقابلة، لكنه عرف في مشواره بعض المحطات الحاسمة، منها الطلاق بالتراضي الذي كان من المدرب طارق رداف مباشرة بعد مقابلة زيغود يوسف في الجولة الخامسة، وكذا تلقي هزيمة بعين كرشة في المباراة الموالية، لتكون بعدها عودة كمال مواسة للإشراف على العارضة الفنية من أهم الأحداث، لأن هذا التقني بصم على عودته إلى الفريق بعد مغامرات في الرابطتين الأولى والثانية مع العديد من الأندية، لفترة قاربت 3 عقود من الزمن، وهي العودة الذي كانت قد زرعت في قلوب كل القالميين أمل الصعود، بالنظر إلى الخبرة الكبيرة التي يمتلكها مواسة، فكانت لمسته واضحة، غير أن منعرجي سدراتة وميلة قضيا على نسبة كبيرة جدا من حظوظ الفريق في الصعود، لأن أمل «السرب» أصبح بيد أندية أخرى، فكان فوز بني والبان في لقاءاته الأربعة الأخيرة كافيا لوضع نقطة النهاية لمشوار ترجي قالمة، وبالتالي فإن رحلة العودة إلى الرابطة الثانية ستنطلق الموسم القادم من نقطة الصفر، وبمعطيات جديدة.
ص / فرطاس