حل بالموقع الأثري النوميدي ضريح إمدغاسن في بلدية بومية بباتنة، فريق من خبراء في الآثار، لتشخيص ومعاينة وضعية الضريح الذي يعود تاريخ تشييده إلى القرن الثالث قبل الميلاد.
وحسب ما علم، أمس، من مديرية الثقافة لولاية باتنة، فإن الفريق باشر مهامه في إطار مساعي وزارة الثقافة الاهتمام بالأضرحة الملكية القديمة والمصنفة علـى قائمة اليونيسكو، منها الضريح الملكـي امدغاسن.
وينتمي فريق الباحثين للمركـز الوطني للبحث في علم الآثار ويترأسه الأستاذة الدكتورة عــادل وافية بصفتها المسؤولة عن مـلف التصنيف، ويعمل الفريق الأثري بموقع إمدغاسن علـى الرفـع الأثـري وتشخيص الوضعية الحالية للمعلم، لإتمام الملف وحسب مديرية الثقافة فقد رافق البــعثة رئـــيس مصلحة التـــراث الثقافــي ومسؤول المواقع الأثـرية تيمقاد وإمدغاسن ومحافظ تراث رئيسي ورئيسة مكتب المعالم الأثرية والمواقع التاريخية ومحافظ تراث ومنسق التراث الثقافي، إلى جانب السلطات المحلية والعسكريـة.
وفي سياق متصل، كانت قد باشرت قبل سنتين بعثة أمريكية تتكون من خبيرين في علم الآثار، معاينة وضعية ضريح إمدغاسن النوميدي الواقع ببلدية بومية غرب ولاية باتنة وكان الخبيران قد حلا بولاية باتنة، في مهمة تشخيص وضعية الضريح وشارك في عملية البحث إلى جانب الأمريكيين خبيران جزائريان من المركز الوطني في علم الآثار، وتمثلت مهمة الفريق في بحث طرق ترميم وحماية الضريح الملكي النوميدي إمدغاسن، الذي يعود تاريخ تشييده حسب الخبراء والأبحاث إلى القرن الثالث أو الرابع قبل الميلاد والمصنف تراثا عالميا محميا. وكشف آنذاك مسؤول بمديرية الثقافة لولاية باتنة، عن الشروع في أبحاث لحماية ضريح إمدغاسن بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية بموجب اتفاقية بين وزارة الثقافة وسفارة أمريكا، تتضمن تمويل الولايات المتحدة الأمريكية للمشروع العلمي الأثري الذي يعنى بدراسة وترميم ضريح إمدغاسن الذي تعرض على مر التاريخ لمحاولات تخريب وهدم من طرف الباحثين عن الكنوز.
ويذكر أنه تم في سنوات السبعينيات من القرن الماضي ترميم الضريح من طرف مختصين إيطاليين، وكانت لمحاولة إعادة حجارته سنة 2005 من طرف مقاولة بناء غير مختصة، أثر في تشويه جزء منه وفسح المجال لسيلان مياه الأمطار.
ويذكر أيضا، أن مبادرة سابقة لم تجد طريقها للتجسيد بدعم من الاتحاد الأوروبي لترميم ضريح إمدغاسن، بسبب عدم الإفراج عن الدراسة في آجالها حسبما أفاد به مسؤول بقطاع الثقافة، وظل المعلم يتهدده تساقط لحجارته وهو الذي يعد أقدم ضريح في شمال إفريقيا، ولا يزال حسب الباحثين بحاجة إلى دراسات معمقة لكشف أسراره.
ويؤكد باحثون أن الضريح النوميدي يعكس طقوس الدفن للنوميديين، وفضلا عن ذلك تحمل هندسته المعمارية الدقيقة بحجارة مصقولة ومرسومة، بصمات من الهندسة المعمارية لحضارات قديمة كالفرعونية والإغريقية، مع اعتماد تفاصيل دقيقة في تشييده بمراعاة العوامل الطبيعية من إطلالة الشمس وبُعد المسافة بين مرتفعات التضاريس بالموقع.
وناهيك عن ضريح إمدغاسن فقد حلت، مؤخرا، لجنة من وزارة الثقافة، في مهمة عملية توثيق رقمي أجراها خبراء من مركز التراث العالمي وخبراء جزائريون، بالموقع الأثري تيمقاد في ولاية باتنة، ويهدف المشروع، حسب مسؤول بمديرية الثقافة لولاية باتنة، إلى إعداد نسخ رقمية ثلاثية الأبعاد دقيقة لموقع تيمقاد باستخدام أحدث التقنيات، بحيث ستساهم العملية في الحفاظ على تفاصيل الموقع في شكل رقمي يمكن استغلاله في أي وقت كان، ما يتيح متابعة حالة حفظه وحمايته وتثمينه والترويج له.
وأكدت مديرية الثقافة، العمل على إنجاح المشروع من خلال التعاون مع وزارة الثقافة والفنون، ممثلة في مديرية حفظ التراث وترميمه إلى جانب السلطات المحلية للولاية، بحيث يشمل الإلمام بكافة جوانب التوثيق من جمع للبيانات ثم تحليلها، وصولاً إلى تخزينها في قاعدة بيانات عالية الدقة لحمايتها ما من شأنه الإسهام كذلك في الترويج الإيجابي للتراث الثقافي الجزائري.
وأطلقت وزارة الثقافة والفنون عملية الرقمنة في إطار المشروع الذي أطلقه مركز التراث العالمي لمنظمة اليونسكو تحت عنوان «الغوص في التراث الثقافي»، والذي يهدف إلى التوثيق الرقمي للمواقع الأثرية ذات الأهمية العالمية في مختلف مناطق العالم وعلى ضوء ذلك تم إيفاد بعثة من خبراء مركز التراث العالمي في الموقع الأثري «تيمقاد» بولاية باتنة، للشروع في عملية التوثيق الرقمي لهذا الموقع المسجل في قائمة تراث الإنسانية لليونسكو .
يـاسين عـبوبو