نظمت أمس، ملحقة الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة بقسنطينة ورشة تطبيقية للمسح الثلاثي الأبعاد من أجل إعداد نماذج رقمية للمعالم التاريخية، حيث نشطها خبيران من مركز البحث في تهيئة الإقليم، فيما شارك في الفعالية مختصون من عدة هيئات معنية بالمحافظة على التراث المبني.
ونشط مختصان من مركز البحث في تهيئة الإقليم بقسنطينة ورشة تطبيقية لفائدة مهندسي ملحقة قسنطينة للوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة ومهندسين ومختصين من هيئات أخرى، حيث جرت على مستوى مقر الوكالة بساحة سي الحواس بوسط مدينة قسنطينة. واستعرض منشطا الندوة تفاصيل عملية إعداد النماذج ثلاثية الأبعاد من المسح إلى غاية إعداد النموذج على الحاسوب من خلال البرمجيات المخصصة لذلك، قبل أن يعرضا على الحضور الماسح الضوئي ثلاثي الأبعاد بقدرة 3600 نقطة في الثانية على مدى 60 مترا من علامة “لايكا”. وذكر المتدخلان أن مدى بعض أجهزة المسح يصل حتى إلى 6 كيلومترات.
وطرح مشاركون في الورشة أسئلة حول امتداد ملفات المسح التي ينتجها الجهاز المستعرض وكيفية تحويلها، في حين قدم المتدخلان نموذجا لضريح ماسينيسا مطبوعا بطابعة ثلاثية الأبعاد، حيث ذكرا أن خبراء المركز مسحوا الضريح بالاعتماد على التقنيات ثلاثية الأبعاد، قبل إنجاز النموذج المصغر بالطابعة، ثم الاستعانة بمختص في الفنون الجميلة من أجل إضفاء اللمسة النهائية عليه ليكون محاكيا للواقع، فضلا عن إعداد نماذج مماثلة لعدة معالم بقسنطينة.
وأكد المتدخلان أن النموذج المستعرض يحاكي التفاصيل والأبعاد الحقيقية للضريح، إذ سيسمح بالحفاظ عليه من خلال امتلاك نسخة واقعية دقيقة عنه في حال تعرضه للتدهور أو التلف، بما يتيح إعادة ترميمه وإعادته إلى حالته الأولى، خصوصا عندما يتعلق الأمر بالمعالم الموجودة في مواقع معرضة للمخاطر الطبيعية، على غرار الزلازل، فضلا عن تأكيدهما أن المسح ثلاثي الأبعاد يجنب لمس المعالم من أجل أخذ القياسات بالطرق التقليدية، ما يوفر حماية إضافية لها، ناهيك عن أنه يختزل الوقت المستغرق في عملية أخذ القياسات بالأساليب الطوبوغرافية.
وأضاف المتدخلان أن إعداد نماذج ثلاثية الأبعاد سيتيح الأرشفة الرقمية للتراث المبني، قبل أن يقدما عرضا تدريبيا باستعمال جهاز المسح من نوع “بي أل كا 360” على واجهة مقر ملحقة الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة، حيث قدما مختلف الشروح للمشاركين في العملية، خصوصا ما يتعلق بكيفية التعامل مع الماسح والتباين في الضوء الخارجي على مستوى الموقع وغيرها من التفاصيل الخاصة بالعملية، أين أكدا في تدخلهما أن الجهاز يسمح أيضا بإعداد نماذج داخلية للمعالم.
من جهتها، أفادت مديرة ملحقة الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة بقسنطينة، مريم فنطازي، في تصريح للنصر، بأن الورشة التطبيقية الموسومة بـ”تكنولوجيات الرقمنة في خدمة التراث المبني” تأتي في إطار إحياء شهر التراث. وأضافت المتحدثة أن الفعالية مخصصة لمختلف الفاعلين والمتدخلين في المدينة القديمة، حيث تندرج في إطار تطبيق مهام الوكالة، على رأسها مهمة التوعية بغرض الحفاظ على التراث، مثلما قالت، مشيرة إلى أنها تستهدف استكشاف التقنيات المعتمدة في الرقمنة الثلاثية الأبعاد من خلال درس تطبيقي في المسح على أحد المعالم في المدينة، كما نبهت أن الدرس يوفر تدريبا للتعرف على المبادئ الأساسية لعملية المسح ثلاثي الأبعاد للاطلاع على ما يتيحه في مجال حفظ التراث.
وتستقبل ملحقة الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة بقسنطينة دراسات تنطوي على نماذج ثلاثية الأبعاد للمعالم التاريخية، حيث أوضحت مديرة الملحقة أن الاطلاع على طريقة المسح وتفاصيل عملية إعداد هذه النماذج يقدم قيمة إضافية للمختصين في الوكالة والمهندسين التابعين للهيئات الأخرى المتدخلة في مجال حماية القطاع المحفوظ بالمدينة. وتصبو الوكالة مستقبلا إلى إعداد نماذج ثلاثية الأبعاد لمعالم ومواقع بالمدينة القديمة، حيث ضربت محدثتنا المثال بمسح الشوارع القديمة والبنايات، مؤكدة أن هذه العملية لا تستهدف الحفاظ على المعالم فحسب، وإنما تؤدي دورا في تحسيس المواطنين بأهميتها التاريخية من خلال الزيارات الافتراضية التي تستعيد المعالم بشكلها الأصلي.
وسألنا مديرة الملحقة عن الإجراءات التي ينبغي اتباعها من أجل ترميم سكنات المدينة القديمة من قبل أصحابها، حيث شرحت لنا أن ترميم سكنات القطاع المحفوظ يخضع لإجراءات خاصة به تتطلب مراعاة الطابع التاريخي للمعالم القديمة والمباني، من خلال احترام طبيعة المواد المستعملة في الترميم والشكل الهندسي وقيمتها التاريخية وغيرها.
سامي .ح
