شهد المجلس الشعبي لبلدية قسنطينة، أول أمس، إعادة هيكلة شاملة، حيث قدم رئيس البلدية تغييرات وتعيينات في مناصب النواب والمندوبين وأعضاء اللجان الدائمة، فيما مست العملية منتخبين لم يعينوا في مناصب منذ بداية العهدة الحالية للمجلس في 2022، في مقابل إعفاء منتخبين آخرين أبدوا اعتراضا شديدا على هذه القرارات.
وجرت أشغال الدورة العادية للمجلس الشعبي البلدي لبلدية قسنطينة يوم 12 جوان في ظروف غير معتادة، حيث لاحظنا توافدا لعدد كبير من ممثلي المجتمع المدني المحلي على قاعة الدورات في مقر البلدية بشارع زيغود يوسف، بينما شهدت مناقشة النقاط المدرجة في جدول الأعمال جدلا مُحتدّا بين مجموعة من المنتخبين في المجلس ورئيس البلدية. وتضمن جدول الأعمال 14 نقطة مطروحة للمداولة، حيث تمس عدة مديريات، بالإضافة إلى نقطة متعلقة بالديوان وشملت المصادقة على إعادة هيكلة المجلس الشعبي البلدي، إذ أجريت تغييرات شاملة في نواب رئيس البلدية ومندوبي المندوبيات البلدية وتعيين أعضاء اللجان الدائمة وتعيين أعضاء لجنة المناقصة وأعضاء لجنة الصفقات وتشكيل مجال الإدارة للمؤسسات العمومية البلدية ذات الطابع الصناعي والتجاري.
وصادق أعضاء المجلس الشعبي البلدي على النقاط المقدمة بالأغلبية رغم تدخلات المعترضين التي لم تتوقف خلال عرض نقاط جدول الأعمال من قبل ممثلي الجهاز الإداري للبلدية، حيث وافق المجلس على إعادة الهيكلة عين فيها رئيس البلدية مجموعة من المنتخبين في مناصب نواب رئيس البلدية ومندوبين، بالإضافة إلى انتخاب آخرين كرؤساء لجان، إذ لم يستفد بعضهم من المناصب منذ بداية عهدة المجلس الحالي في سنة 2022. واعتبر المنتخب نوري إيريدير الذي أعفي من منصبه كمندوب للمندوبية البلدية الزيادية والمنتخب هشام بروال هذه التغييرات «تصفية حسابات متعلقة بانتخابات السينا ضد من لم يصوتوا له»، كما ذهب المنتخب حسان هوام إلى انتقاد طريقة تسيير المير للعلاقات بين المنتخبين والإداريين، في حين انتقد المنتخب نبيل بوصبع أداء مصالح البلدية في تسيير البرامج التنموية والمشاريع والمنازعات واعتبر أن «قانون البلدية لا يمنح المير صلاحيات تغيير النواب بحسب المادة 70»، بحسبه، كما شملت تدخلات المعترضين العديد من النقاط الأخرى المتعلقة بتسيير البلدية.
وشملت هذه التغييرات نواب المير، حيث عُيّن توفيق بولخروف نائبا مكلفا بالإنجازات والعمران خلفا للمنتخب إسحاق كرتان، وبوبكر بوكرزازة نائبا مكلفا بالشؤون الثقافية خلفا للمنتخب حكيم دكار، وشمس الدين مروش نائبا مكلفا بالممتلكات خلفا للمنتخب حسان هوام، ومحمد الطاهر دريدي نائبا مكلفا بالموارد البشرية خلفا للمنتخب نبيل بوصبع، كما أبقي على المنتخبين عبد الحكيم لفوالة نائبا مكلفا بالشؤون الاجتماعية وسمية بوحوش نائبا مكلفة بالصيانة والوسائل العامة. أما في ما يخص المندوبيات، فقد تم تحويل المندوب عبد الوهاب بركات من مندوبية التوت إلى مندوبية سيدي راشد، وتحويل المندوب عادل غرزولي من مندوبية بوذراع صالح إلى مندوبية التوت.
وحُوِّل المندوب عبد الناصر مزهود من مندوبية زواغي سليمان إلى مندوبية سيدي مبروك، فضلا عن تعيين المنتخب عبد الغاني مسعي مندوبا لمندوبية القنطرة، وتحويل المندوب الهاني بن نصيب من مندوبية القنطرة إلى مندوبية زواغي سليمان، فيما حُول المندوب محمد مشعل بن الشيخ الفقون من مندوبية المنظر الجميل إلى مندوبية القماص، كما عين رئيس لجنة النظافة والصحة، سامي مسعودي، مندوبا لمندوبية 5 جويلية، والمنتخب عمار تليلاني مندوبا لمندوبية الزيادية خلفا للمنتخب نوري إريدير، مع تحويل المندوب عبد الناصر مرابطي من مندوبية 5 جويلية إلى مندوبية بوذراع صالح، والمندوب عدلان حرواقة من مندوبية القماص إلى مندوبية المنظر الجميل.
من جهة أخرى، أعيد تشكيل أعضاء اللجان في المجلس، وتمخض عن ذلك انتخاب المنتخب زكريا بليلي رئيسا للجنة الشؤون التقنية خلفا للمنتخب هشام بروال، وانتخاب المنتخب صبحي شاوي رئيسا للجنة الثقافة، والمنتخب سفيان بن حركو رئيسا للجنة النظافة، والمنتخبة اعتدال زهري رئيسة للجنة الممتلكات والمالية، والمنتخبة أسماء بودشيش رئيسة للجنة الشؤون الاجتماعية، إلى جانب انتخاب المنتخبة رشيدة عتامن رئيسة للجنة التنظيم والشؤون العامة خلفا للمنتخب عبد الحليم بسكري.
المير: لا خوف على بلدية قسنطينة من الانسداد مع الهيئة الجديدة
وعلق رئيس البلدية، شراف بن ساري، على الدورة في تصريح للنصر، حيث اعتبر بأن «الدورة مرت كعادة دورات المجلس الشعبي البلدي»، كما قال «إنني أتفهم ردة فعل بعض المنتخبين». وأضاف المصدر نفسه أن «المجتمع المدني كان حاضرا في الدورة بكل أطيافه»، في حين أوضح أن «الأمر الإيجابي أنه قد حان الوقت للتغيير في المجلس، وهو ما صار واجبا بعد ثلاث سنوات ونصف من بداية العهدة». وأضاف المتحدث أن «الأعضاء الذين غادروا مشكورون على أدائهم خلال هذه المدة»، واعتبر أن قسنطينة سجلت «قفزة نوعية» بعد تسجيل «تذبذب في الفترة الأولى من العهدة»، حيث استند إلى معدل استهلاك الميزانية الذي قال إنه ارتفع من نسبة صفرية إلى أكثر من 90 بالمئة خلال السنة الماضية، ما جعل البلدية تتصدر القائمة في هذا الباب، بالإضافة إلى نيلها جائزة أنظف بلدية «بفضل جهود جميع المنتخبين والمؤسسات العمومية»، كما أضاف. ولفت المتحدث إلى أن التغيير في هيكلة المجلس جاء شاملا ولم يمس فئة فقط، حيث اعتبر أن «بعض اللجان لم تقدم أي ملف خلال سنتين»، في حين قال إن المنتخبين الذين اختيروا في هذه الدورة قد منحوا اليوم فرصة للعمل. وقال محدثنا إن «رئيس البلدية هو الوحيد المخول بتقييم المنتخبين، بينما الوالي هو الوحيد المخول بتقييم مردود وأداء رئيس البلدية»، مؤكدا أنه يقدم هذا التصريح «بشكل عام» وليس ردا على مداخلات المنتخبين المعترضين على مضمون الدورة الذين طالبوا بتقييم رئيس البلدية أيضا، كما أضاف أن إعادة الهيكلة جاءت بعد تقييم المنتخبين، ليضيف في رد على المعترضين على التغييرات بالقول «ما عليهم إلا البرهان بأنني أخطأت فيهم أو في اختيار المنتخبين الجدد الذين عينوا في المناصب»، مؤكدا أنهم منحوا اليوم الفرصة التي لم يحصلوا عليها لمدة ثلاث سنوات وسيخضعون للتقييم أيضا.
وأكد رئيس البلدية أن المنتخب حكيم دكار، النائب السابق المكلف بالشؤون الثقافية، قدم استقالته بنفسه، ما تطلب استبداله في الدورة، بينما شدد على أن المنتخبين المغادرين «يمكن أن يعودوا مستقبلا» إلى المناصب، معتبرا بأنه «يتقبل جميع انتقادات المنتخبين بصدر رحب». وقال المصدر نفسه إن الهدف يتمثل في مواصلة البرامج المسجلة والعمل على تسجيل برامج جديدة، فضلا عن أن بعض المعينين الجدد «يتمتعون بما يكفي من الخبرة». وأوضح المتحدث أن المجلس لم يعد قائما على تكتلات حزبية وسياسية، وإنما «صار كتلة واحدة تعمل على مواصلة تنفيذ برامج رئيس الجمهورية ووالي قسنطينة»، معتبرا أن «استقرار المجلس يعود إلى الدفع الكبير المقدم من قبل السلطات»، ومشددا بالقول «لا خوف على بلدية قسنطينة من الانسداد مع الهيئة الجديدة».
أما بخصوص تدخلات المعترضين في الدورة، الذين اعتبروا بأن التغييرات جاءت «تصفية لحسابات» متعلقة بانتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة، فقد قال بن ساري «إن هذه الأسطوانة صارت قديمة. لقد كنت مترشحا لانتخابات «السينا»، لكنني طويت صفحة هذه المرحلة ونسيتها، وكنت مقتنعا بأنني قد أوفّق وقد لا أوفّق. أنا أتشرف اليوم بكوني رئيسا لواحدة من أكبر البلديات في الوطن، وأنا هنا لمواصلة مشواري».
سامي .ح