الاشتغال النقدي الأكاديمي ظل محصورا في النطاق الجامعي ولم يلتفت إلاّ إلى الأسماء المكرسة
النقـــــد الأكاديمــــي تراجــــع في الجزائــــر والنقـــــد الصحفــــي تطغــــى عليــــه المجامــــــــلات
في هذا الحوار، يتحدث الكاتب والناقد محمّد بن زيان، عن النقد وكيف كان تعامله مع النص الأدبي. ولماذا الناقد/النقد يغفل أحيانا عن النص الأدبي كمتن إبداعي قابل للنقد البنّاء والموضوعي، ويتناول شخص الكاتب بنوع من التجريح أو تصفية الحسابات؟ مؤكدا أنّ هذا بسبب غياب التبلور الجدير بالنسبة إلى النقد كفاعلية إبداعية تقرأ النص ولا ترتكز على العلاقة مع صاحب النص، تتعاطى مع المكتوب وليس مع من كتب. كما يتحدث عن إشكالية النقد الصحفي الّذي يحتل حيزا أكبر من النقد الأكاديمي، وعن أوجه الاختلاف والتطابق بين النقد الأكاديمي وغيره من مستويات وأوجه النقد الأخرى كالنقد الصحفي مثلا. بن زيان، تطرق أيضا في نص الحوار إلى أمور أخرى ذات صلة بالنقد وإشكالاته.
حاورته/ نـــوّارة لــحـــرش
بحكم تناولك النقدي للكثير من الإصدارات والكُتب الأدبية في الجزائر. كيف تنظر كناقد للنقد الّذي يغفل أحيانا عن النص الأدبي كمتن إبداعي قابل للنقد البنّاء والموضوعي، ويتناول شخص الكاتب بنوع من التجريح أو تصفية الحسابات؟
محمّد بن زيان: واقع الممارسة النقدية مرتبط بسياق عام، سياق مرتبط بهيمنة النمط الريعي وما كرسه من شبكة العلاقات الزبائنية وبامتداد نفوذ الولاءات التي سبقت الحداثة، الولاءات القبلية والفئوية. سياق مناخ طارد لتشكل النخبة بكلّ ما تعنيه من دلالات إنتاج الرساميل الرمزية والتأسيس على العقل، تأسيسا يفرز الحالة الحضارية بكلّ ما تعنيه .وعودة للموضوع، فالممارسة التي تعم، تتناقض أحيانا مع مسمّى النقد كفاعلية توليدية للدلالات المُراكمة للمعنى، وما يتفشى هو امتداد لما تعرفه جامعاتنا ولما التبس بالممارسة الإعلامية، بل لو تعمقنا أكثر سنرصد ذلك في المنظومة التربوية التي بدّدت صياغة العقل النقدي. والنتيجة ما نراه من غياب للتبلور الجدير بالنسبة إلى النقد كفاعلية إبداعية تقرأ النص ولا ترتكز على العلاقة مع صاحب النص، تتعاطى مع المكتوب وليس مع من كتب. وفاقم الواقع الظاهرة بإحباط أدرك عدد من المخلصين للعقل وللإبداع. ولكن لا يمكننا إلاّ أن ننوّه بجهد تبذله أسماء ترفض الخضوع للمنطق السائد، وهي الأسماء التي تكابد مجاهدات استثنائية أكاديميا وإعلاميا وثقافيا في سبيل الانتصار للحقيقة وللجمال.
وطبعا المتابع لبعض ما يُطرح باسم النقد سيرصد ظاهرة خصومات تفتقد التأسيس المعرفي الّذي يحول الخصومة إلى عطاء كما كان يحدث في المعارك الأدبية بين أسماء صاغت الحراك الأدبي في مراحل سابقة، كالمعارك التي جرت بين العقاد وخصومه أو بين زكي مبارك وأحمد أمين. البعض بسبب افتقاده للعدة المعرفية وبسبب تموقعه في ما أسماه أركون بــ»السياج الدوغمائي المغلق» أو بسبب تحكم ما نعته القرآن الكريم بالحمية الجاهلية يفرز الانحطاط المسمى نقدا.
كأنّك تقول أنّ الظاهرة غير مستغربة، وأنّها تدور في سياقها العادي بكلّ إرباكاته وإختلالاته؟
محمّد بن زيان: أجل، الظاهرة إجمالا بربطها بالسياق العام لا تبدو مستغربة بل هي من علامات الوضع المربك بارتباكاته. لقد عرّف عالم الاجتماع بيار بورديو المثقف كمنتج للرأسمال الرمزي للمجتمع، أي ما يشكل رموزا وعلامات وقيما ودلالات، والمتعاطي مع الإبداع نقديا يقوم بتوليد دلالات وقيم من النصوص التي يتعاطى معها، هذا ما أنجزه بارت وهايدغر وسارتر وبقية الأسماء المرجعية فلسفيا ونقديا في عصرنا، وهذا هو الجدير بالاشتغال النقدي تحقيقه، لأنّ الأدب وصل مرحلة جعلت قامة نقدية كتودروف يكتب: «الأدب في خطر»، وذلك ما نلاحظه في أثار هيمنة النزعة التقنوية التي أفقدت الإبداع إبداعيته وأخضعته لما بدّد ماءه ودمه. كما أنّ من مصائب الممارسة الإسقاطات المتعسفة لأطروحات نقدية مبتورة عن مرجعياتها ومستنداتها الفلسفية والمعرفية وعن سياقات تشكلها. وزاد الانحطاط بالتردي الأخلاقي الّذي حول النقد معارك لتصفية الحسابات ولرد المجاملات وتبادل المغانم. لكن، لا يمكن أن نعمم. هناك انحرافات خطيرة وهناك محاولات لممارسة سوية وهناك اشتغالات نوعية، لكن الضجيج يحجب الاشتغال النوعي المتمرد على سيرة القطيع. مشكلتنا في الجزائر غياب المنابر وغياب فضاءات التواصل، فرغم العدد الهائل للعناوين الإعلامية لا توجد إلاّ بعض العناوين التي تفتح صفحاتها للنقاش ولملاحق ثقافية، كما يفتقد المثقفون فضاءات اللقاء، ولعلّه من نافلة القول التذكير بمحورية المنابر والفضاءات في شحن المشتغلين ثقافيا ونقديا بطاقة العطاء.
وماذا عن النقد الصحفي والأكاديمي في الجزائر. هل هناك نقد أدبي أكاديمي في الجزائر؟، وما ملامحه وخصوصياته ومستويات تلقيه وتداوله وحضوره في تماسه مع النص الإبداعي الجزائري؟
محمّد بن زيان: الحديث عن النقد مربك ويحيل إلى إشكاليات مختلفة ومتقاطعة، فالنقد مرتبط بمنظومة تربوية غيّبت النزعة النقدية فتشكلت علاقة ملتبسة بكلّ ما تحيل إليه عبارة النقد، وربّما هذا ما تفصح عنه بعض السِجالات التي تعرفها المنابر الإعلامية والردود الحادة على الآراء. النقد مستوى من التلقي، وهو في حد ذاته يتشعب إلى مستويات متعدّدة من التلقي وتتعدّد أرضياته النظرية والإجرائية. وبدون ريب يعتبر التعاطي الأكاديمي محوري بالضبط المنهجي والتوليد المفاهيمي. في بلدنا يوجد ما يُسمّى بالنقد الأكاديمي وهو مرتبط بما تراكم. النقد التبس بخصوصيات المراحل المتعاقبة والتأثيرات التاريخية والأيديولوجية، ومع التراكم تبلورت اشتغالات متعدّدة في استثماراتها للمنجز النقدي المعاصر بمختلف تياراته وفي تفعيلها للرصيد التراثي، لكن الاشتغال الأكاديمي ظلّ محصورا في النطاق الجامعي باستثناء بعض الأكاديميين الذين كسروا الطوق.
الاشتغال الأكاديمي ظلّ غالبا محصورا في دائرة إشتغالاته فلم يلتفت إلاّ إلى الأسماء المكرسة. وربّما الأمر الّذي يجدر طرحه في هذا السياق هو مدى الإضافة المنجزة نقديا؟، فالكثير من التوظيفات للمناهج النقدية تتم بدون وعي سياقات إنتاجاتها وبدون ربطها بالمنظومات القيمية التي تتأسس عليها، توظيفات لا تثمر ما يستولد أفاقا من النص، ولا تبدع إضافة معرفية وإبداعية للنقد. طبعا لا يمكن أن نتجاهل وجود متابعات لما يصدر من إبداعات، متابعات مستمرة من طرف أكاديميين وكُتاب وإعلاميين عبر المنابر الإعلامية، والحديث عن علاقة النُقاد بالمبدعين لا يمكن أن يتمّ بمعزل عن الإشارة إلى افتقادنا إلى فضاءات نقاش وإلى مجلات أدبية وثقافية وإلى غياب تسويق الكِتاب المطبوع والمنشور. وفي ظلّ الوضع المذكور لم تبقَ إلاّ بعض المنابر الصحفية التي لا زالت تحتفي بالأدبي والثقافي تفتح منابر تتيح النقاش والحوار. والنقد المُسمّى بالصحافي كان دوما محوريا ومحركا، خصوصا وأنّ أكبر المشتغلين بالنقد كانوا ينشرون متابعاتهم عبر المنابر الإعلامية. ومن الطبيعي أن يحتل النقد الصحافي الحيّز الأكبر لأنّ للنقد الأكاديمي خصوصيته النخبوية. النقد الأكاديمي مرتبط بمناهج ويوظف إجراءات في التعاطي النقدي، وهو اشتغال مرجعي لا يمكن أن يستغني عنه المشتغل بالنقد خارج السياج الأكاديمي، وبهذا الاعتبار فهو ليس مختصا في المتابعة للنص بالتوازي مع إصداره، إنّه اشتغال علمي مضبوط. أمّا النقد الصحفي فهو متابع للنص المبدع ومرافق له، متحرّر من الصرامة الأكاديمية. لكن النقد الصحفي لا يمكن أن يقولب في قالب جامد أو بعبارة أخرى يمكن التمييز عند الحديث عن هذا النقد بين مستويات: متابعات انطباعية، قراءات تتوخى قدرا من المنهجية، وما يُنشر من دراسات ذات طابع أكاديمي، وما يُنشر صحفيا يمكن أن يكون بتوقيع إعلامي مُهتم أو أديب أو ناقد أو أكاديمي منخرط في الفعل الثقافي والإعلامي.  
هل ترى أنّ الناقد انسحب من وظيفته، وأنّه مات حقا، كما جاء في كتاب «موت الناقد» للكاتب والمؤلف البريطاني رونان ماكدونالد؟
محمد بن زيان: التحولات التاريخية تترك تأثيراتها على المنظومات المعرفية في مختلف الحقول، وراهنا يعرف العالم تحولات تتجلى تأثيراتها في إعادة تنظيم وترتيب وصياغة المقولات والصيغ. ليس النقد وحده في مواجهة المأزق المتعدّد إبستمولوجيا وأنطولوجيا وأنثربولوجيا وتاريخيا، بل هو مأزق تواجهه حتى العلوم التجريبية والتي تسمّى تقريبيا بالدقيقة، لأنّ الدقة ليست مطلقة في معرفة تتأسس وتعيد التأسيس بالارتكاز على احتمالية تبقي حيوية التدبير. وما كتبه البريطاني رونان ماكدونالد في كتاب «موت الناقد»، يندرج ضمن سرديات أعلنت الموت والنهايات منذ تهاوي سور برلين، مع تمهيدات ترجعنا إلى اللحظة النيتشوية ثم الزحف البنيوي، والموت قد يحمل فناء يحمل انبعاثا. والكِتاب أيضا متصل بكتابات تتأمل التحولات وتدق الجرس تنبيها، ونستحضر في هذا السياق ما كتبه تودروف في «الأدب في خطر». وتمثل ما يطرحه ماكدونالد قد يحيلنا إلى تأثيرات التطور التكنولوجي إعلاميا وما أفرزه من وسائط، بقدر ما فيها من مكاسب، حملت وتحمل ما أهلك المعنى وخلخل القيم والمعايير فصار التلقي مثلا خاضعا لمعايير تلفزيون الواقع، كما في مسابقات ما يسمّى بـــ «أمير الشعراء».
والنقد مستويات متعدّدة بتعددية أفاق المتلقين، وتعددية التلقي مؤشرا إيجابيا، منتجا للقيم المضافة. لكن النقد المقصود هو النقد المؤسس معرفيا والمتبلور منهجيا، وهذا في الغالب نخبويا ومرجعيا لبقية المستويات الباقية في التعاطي مع المنجز الجمالي والثقافي. والمأزق الّذي يثيره ماكدونالد وغيره، هو مأزق التصدعات التي أصابت الكيان العالمي بمختلف مؤسساته وتأسيساته، مأزق يفرض تحديا، يتمثل في إنجاز يتجاوز ليفتح أفاقا تستوعب التحول، فالنقد هو أساسا تملك للشيفرة، شيفرة التاريخ والمعرفة والمجتمع.
كتب تودروف كتابا بعنوان «الأدب في خطر» والخطورة نرصدها في ما يرهن الممارسة النقدية ويبدد إمكانات ارتقاءها إلى المستويات المنشودة جماليا ومعرفيا وفكريا، خطورة تتضاعف بتقنوية تصادر الجمالي وتغلق على النصوص بتطبيقات لنظريات وأنساق، تطبيقات غالبا ما تختزل الإجراء النقدي في تقنيات صرفة، تصرف عن الجمالي وعن ما تضمه الشبكة الدلالية من إحالات إلى رموز وعلامات وشيفرات تتصل بالمخيلة والواقع. خطورة تتصل بما يسميه أركون بــ «السياج الدوغمائي المغلق»، سياج دكتاتورية التخريج التأويلي الأحادي، سياج يتناقض أصلا وفصلا مع النقد، النقد كحس منتبه يقظ، كسؤال رافض للتسليم.
ما كتبه الناقد البريطاني قد يأخذ دلالات أكثر في سياقنا وفي محيطنا لأنّ وضعنا لا يحتاج إلى توصيف، كما أنّ ما ذكره ويذكره غيره في الغرب، ممتد إلينا كمستهلكين ومستخدمين لما أنتجته الدوائر المعرفية والفلسفية والنقدية الغربية من نظريات ومفاهيم وصيغ، وهو ما يلخص ما يمكن قوله عن وضعية النقد عندنا.
كيف ترى أو كيف يجب أن يكون سؤال النقد برأيك؟
محمّد بن زيان: إنّ سؤال النقد يُطرح في كلّ مرحلة بما تقتضيه من انخراط في رهاناتها وبما يقتضيه التعاطي النقدي المؤسس معرفيا وفكريا من مقومات لاستقامته، وهذا ما يجعلنا عند النظر إلى المنجز النقدي نعتبر بالسياقات ونعي جدل الأنساق وصراع المقولات، ويقودنا النظر إلى ما يحقق تفعيل ما شكلته التراكمات بدون مصادرات وبدون إسقاطات متعسفة.
سؤال النقد هو سؤال التاريخ بتوتراته وسؤال الصيرورة وما يطرأ على معادلاتها من معالم ومجاهيل، سؤال تشعبت منطلقاته ومراميه، تشعبا يقود إلى مساءلة النقد كاشتغال، فما هو النقد؟، هو تمرس على التحرّر في التواصل مع النصوص، التحرر من وهم تملك اليقين، من وهم جاهزية الجواب، التحرر من سلطة المفهوم النسقي ومن ملابسات النسق الملتبس بسياق.
النقد سؤال جامع بين الجمالي والأنطولوجي والمعرفي المتعدّد، سؤال يفتح إمكانات التأويل بحفر وتفكيك. النقد إبداع في مقاربة الإبداع، مقاربة بمحاورة واختراق واستنطاق ورصد للمنفلت وطفو بالمخبوء وفتح للمستغلق وتجديد لخصوبة النص بتكثيفه علاماتيا ودلاليا.
ككاتب وناقد حضرت بعض الملتقيات والمهرجانات الثقافية في الجزائر. كيف ترى واقع ومستوى هذه الفعاليات؟، وإلى أي مدى خدمت هذه المهرجانات الثقافة الجزائرية، أم أنّها لا تعدو أن تكون مجرّد ترف متجدّد في حلقة المشهد الثقافي الجزائري إجمالا وتحت عناوين وغِطاءات ثقافية مختلفة؟
محمد بن زيان: الحديث عن واقع ومستوى المهرجانات والملتقيات الأدبية في الجزائر، يفرض علينا ربط الموضوع بالسياق العام وما يكتنفه من ملابسات، ولا ينبغي تنميط التوصيف في الحديث عن جملة ما عرفته وتعرفه البلاد من مهرجانات وملتقيات أدبية. في السنين السابقة شكلت بعض المهرجانات والملتقيات معالم وعلامات في المشهد الثقافي والأدبي الوطني، كما حققت ما يراكم أسهم بعض المدن في الرصيد الرمزي. ونذكر منها مهرجان محمد العيد الشّعري ببسكرة وملتقى القصّة بسعيدة وملتقى الرّواية بقسنطينة وملتقى النقد بوهران وملتقى الأدب والثورة بسكيكدة.. ثم برز ملتقى العلمة وملتقى الجلفة... ولا يمكن أن ينكر أي متابع ودارس الأثر الهام لهذه الفعاليات. ولقد خدمت تلك المواعيد الحياة الثقافية من جوانب متعدّدة، منها ما كانت تعرفه المدن المذكورة من تفعيل يبث الحيوية في يومياتها، كما أنّها خدمت المبدعين بتمكينهم من إطار للاحتكاك والحوار وتوصيل الصوت. وراهنا وبالربط مع السياق العام كما ذكرت تعم مهرجانية طاغية اكتسحت لتكرس نمط الزردة وتكرس النمط الزبائني بفرض أسماء معينة وبتغييب أي نوعية في النقاش. لكن هناك من يجتهدون ببرمجة فعاليات يجدر بنا التنويه بها وتعضيد الساهرين عليها، فعاليات تبقي بصيص الضوء، منهم بعض الذين يديرون مديريات ودور الثقافة ويبذلون جهودا معتبرة لبث الحياة في الساحة الثقافية مما يؤكد أنّ الإشكال في التسيير وليس فقط في مبررات البعض الذين يتذرعون بالظروف والعراقيل البيروقراطية. والقضية ليست متصلة فقط بمؤسسات الدولة بل تعني أيضا التنظيمات الجمعوية التي رغم عددها الهائل لا يحضر إلاّ بعضها من الذين يسكنهم الهاجس الثقافي فيدفعهم للمبادرة بإمكانيات محدودة ما يستدعي التنويه. بعض الملتقيات توارت رغم ما كانت تنبض به، وملتقيات أخرى تعرضت لما يشبه القرصنة وملتقيات ضاعت بذهاب المسؤول عنها، والأمر مرتبط بإشكالية أخرى حاضرة في مختلف القطاعات وهي غياب الارتكاز على التأسيس المؤسساتي الّذي لا يرتبط بعهدة مدير أو وزير أو أي مسؤول آخر، هذا الغياب الّذي بدّد الكثير من الجهود وأعاق تحقق التراكم الّذي يظل الشرط الضروري لنضج أي تجربة. لعلّه من نافلة القول التذكير بأنّ بلدنا للأسف صارت تفتقد أمكنتها للرّوح، صارت كتل إسمنتية تنزف بمدّ العنف والتفسخ، وذلك من انعكاسات غياب ما يتحقق بفعاليات تبلور بهجة الجمال وجلال العرفان ونور المعرفة. مدن العالم تختزلها المعالم وتصنع حضورها مواعيدها الثقافية «مهرجانات، ملتقيات»، فما محلنا من الإعراب؟.
 ن.ل

الرجوع إلى الأعلى