جدد أنريكو ماسياس هذا الأسبوع إعلان حنينه للجزائر التي قال أنه لا يعرف أسباب منعه من العودة إليها. وافترض ثلاثة احتمالات: الخوف على أمنه، علاقته بإسرائيل ويهوديته، وحرص هنا على التأكيد أنه لا يتهم الجزائريين بمعادة اليهود لأن هناك بعض اليهود الذين عادوا.
وأرسل المغني قسنطيني المولد لإخوته الجزائريين رسالة فحواها أنه يرفض مقايضة عودته إلى الجزائر بموقف من إسرائيل، لأنه لا يستطيع خيانة أصله وهويته اليهودية  وشعبه (شعب إسرائيل)، تماما كما لا يريد للجزائريين أن يخونوا هويتهم.
لكنه تحدث هذه المرّة عن حق الفلسطينيين في إقامة دولة سيكون من واجب إسرائيل مساعدتها. وبالطبع فإن ماسياس خص نفسه فقط «بحق العودة”  الذي يطالب به الفلسطينيون المهجرون ظلما، أيضا.
نعم، ثمة مشكلة في علاقة ماسياس بالجزائر، يقول المطرب المحبوب أنه يجهلها، لكن السياسي فيه يعرفها تماما ويستخدمها كثيرا مع بلاد الشمس والبرتقال المرّ. و السبب الأول للمشكلة هو اختيار يهود الجزائر للجنسية الفرنسية بتجاوبهم مع مرسوم كريميو الذي فصلهم عن عموم الجزائريين، و السبب الثاني هو انحياز قطاع من يهود الجزائر إلى سلطات الاستعمار خلال الثورة في وقت انحاز قطاع منهم ومن الأوروبيين إلى الثورة، أي أنهم اختاروا معسكرهم، والسبب الأخير هو انحياز الفنّان بتطرف إلى إسرائيل وجيشها كما يفعل الكثير من يهود الجزائر في ظاهرة غريبة تستحق الدراسة.
يعرف ماسياس أن جراح الحرب لا زالت مفتوحة بين الجزائر وفرنسا وكذلك الأحقاد التي لم تفلح المصالح والمجاملات الديبلوماسية في إخفائها، ويعرف بأنه جزء من تلك الجراح ومن تلك الأحقاد، لكنه اختار خطاب التحدي وخطاب المظلوم، وحتى في حواره الأخير مع موقع الكتروني، قال “ أنا يتيم الجزائر منذ مقتل صهري ريمون»، أي أنه لازال ينظر إلى الجانب الشخصي من المأساة في حين يريد لعودته إلى الجزائر أن تكون مدوية وحدثا سياسيا يعلن فيه عودة الحق إلى «مظلوم». وفوق ذلك لا يتخلّف عن دعوة الجزائريين إلى ممارسة رياضة صعبة عليهم: قبوله كجزائري وكإسرائيلي أيضا.
ملاحظة
يعرف ماسياس أن الجزائريين يحبونه كفنان، لكن الرجل وضع نفسه في ورطة منذ أراد أن يكون كشجرة جذعها في الجزائر وفرعها في فرنسا ورأسها في إسرائيل.

سليم بوفنداسة

 
    • صعلكة

        أصبح "خطاب الحق" عنوان ضعفٍ في عالم اليوم الذي باتت تتحكّم في مفاصله قوى ولوبيات لا تبالي بالقوانين ولا بالمبادئ التي راكمتها الإنسانيّة في خروجها الفاشل من الصّراعات الدموية. بل إن "التصعلك" تحوّل إلى ما يشبه العرف في العلاقات الدولية،...

    • ضرورة التفكير في المجتمع

        سليم بوفنداسة انتفض المجتمع المدني في ولاية خنشلة ضدّ "الراقي الزائر"، الذي أثار الجدل على مواقع التواصل، ودعا السلطات لفتح تحقيق حول قيّامه بنشاط غير مرخص، في مبادرة حضاريّة تكشف عن وعي الجمعيّات وتحمّلها مسؤوليّة التصدي لآفات ظلّت لفترة...

    • المخفيّ

      حين مات محمد ديب لم تجد وسائل الإعلام الوطنيّة، مادة سمعية بصريّة عن الكاتب تقدّمها للجمهور، كان ذلك سنة 2003، أي قبل ظهور وسائل التواصل الاجتماعي، وكان محمد ديب أكبر كاتبٍ جزائري، عاش عمرًا مديدًا يكفي لاستدراجه إلى توثيق يخدم...

    • اختراق

      شهدت الفترة التي تلت اندلاع الحرب المدمرة على غزة، تسخير ذباب إلكتروني لتسفيه الخطابات المؤيدة للفلسطينيين، ويمكن أن نقرأ ما يندى له الجبين في تعليقات عربيّة على الجهود الدبلوماسيّة لوقف المذبحة، أو على التضامن مع الضحايا، حيث...

    • خِفّـــة

      يبحثُ المتحدّثُ عن العبارة التي ستبقى  في أثير الله الأزرق بعد أن يفنى الكلام، عبارةٌ واحدةٌ تكفي كي يبقى، لذلك صارت استراتيجيات التّواصل تُبنى على عبارات يوصى بإلقائها وسط موجة الكلام، في حملات الانتخابات وفي الخُطبِ والتدخلات في وسائل...

    • وصفُ السّعادة!

      تجري الحياة في فضاءات أخرى وليس على المُستطيل الأخضر، رغم المُتعة التي توفرها كرة القدم، باعتبارها مسرح فرجةٍ في عصرنا، يلتقي فيه الشغف الكونيّ. صحيحٌ أنّ هذه اللّعبة، تجاوزت حدود الرياضة بعد ظهور "المستثمرين" والتجّار من باعة...

    • القيمة والشّعار

      يخترقُ المنتوج الثقافيّ الحدود واللّغات، بجودته أولًا وأخيرًا، وقد يفوق تأثيره التوقّعات، لذلك استغلّت بعض الأمم المُتصارعة على المسرح الكونيّ الفنون لتمرير رسائل تستهدف وجدان البشر و تستدعيه في لعبة استدراج و تماهٍ، عبر صوغ...

    • كبارُ "الباعة"!

      سخر كمال داود من الصّفة التي يطلقها العرب والمسلمون على ضحايا العدوان الهمجي على غزّة، ووجد الوقت والمتعة للتّنكيل اللّغوي بمنكّل بهم في الواقع، لكنّ اللّغة ستخونه، قطعًا، في وصف القتلة، لأنّ حريّته تتوقّف عند جثث الضحايا،...

    • مقبرةُ جماعيّة للإنسانيّة

      في هذه الأرض المزدحمة، حيث يتعايش الأحياءُ والموتى، تُحفر القبور على عجلٍ في الأسواق السّابقة والأرصفة السابقة، لا أزهار هنا في وداع النّازلين إلى ترابهم من حياة، هي مجرّد استراحة بين ميتات مُختلفة. قد يُسرف القتلى في النوم حيث...

    • في وصف الشّر

      تدفعُ المقتلةُ الجاريّة هذه الأيّام ومحاولات تأويلها وتغطيّتها نحو التفكير في "الشّر"، ليس كمصطلح خاضت فيه الفلسفات، ولكن كعنوانٍ بديعٍ لعصرنا الذي صدّقنا أنّه يشهد ذروة تطوّر الإنسانيّة، في العلوم والمعارف وفي النظم السيّاسيّة...

    << < 1 2 3 4 5 > >> (5)
الرجوع إلى الأعلى